قمة سعودية إماراتية.. ماذا دار بين محمد بن سلمان وطحنون بن زايد في جدة؟

استقبل ولي العهد السعودي رئيسَ مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، مستشار الأمن الوطني في دولة الإمارات الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، وذلك في مكتبه بقصر السلام بمدينة جدة، مساء أمس.

وخلال اللقاء، جرى بحث العلاقات الثنائية الراسخة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، واستعراض أوجه التعاون المشترك في مختلف المجالات، إضافة إلى مناقشة سبل تطوير وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين، في ظل التحديات الإقليمية والدولية الراهنة.

زيارة طحنون بن زايد لجدة تحمل طابع أمني واقتصادي

تأتي زيارة الشيخ طحنون بن زايد إلى جدة في وقت تشهد فيه المنطقة تطورات متسارعة، لا سيما في الملفات الأمنية والاقتصادية، وسط تنسيق سعودي إماراتي مستمر في ملفات عدة، من أبرزها أمن الخليج، واستقرار سوق الطاقة، والتعاون الاستثماري والتكنولوجي.

وتحمل الزيارة، بحسب متابعين، أبعادًا استراتيجية تتجاوز مجرد المشاورات الدبلوماسية التقليدية، إذ يبرز الدور المتزايد لكلا البلدين في ملفات إقليمية معقدة، وعلى رأسها الملف اليمني، والوجود الإيراني في المنطقة، والتطورات في البحر الأحمر.

تنسيق مستمر بين دبي والرياض

وتُعد هذه الزيارة امتدادًا لسلسلة لقاءات متواصلة بين القيادتين السعودية والإماراتية، تعكس حرص البلدين على تعزيز التشاور السياسي وتنسيق المواقف في المحافل الإقليمية والدولية، إلى جانب دفع عجلة التكامل الاقتصادي والتنموي بين الرياض وأبوظبي.

ويصف مراقبون العلاقة بين البلدين بأنها “علاقة محورية” في منظومة مجلس التعاون الخليجي، مشيرين إلى أن الرياض وأبوظبي تلعبان دورًا مشتركًا في إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية في ظل تراجع الأدوار الغربية وتقلب المشهد الدولي.

من هو طحنون بن زايد؟

الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان يُعد من أبرز رجال الظل في السياسة الإماراتية، وأحد الأعمدة الرئيسة في هندسة الأمن القومي والعلاقات الإقليمية والدولية لأبوظبي. وهو نجل مؤسس دولة الإمارات الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وشقيق رئيس الدولة الحالي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ما يمنحه ثقلاً سياسيًا وعائليًا استثنائيًا داخل منظومة الحكم الإماراتية.

كما يشغل الشيخ طحنون منصب مستشار الأمن الوطني منذ عام 2016، خلفًا للشيخ هزاع بن زايد، وتُوكل إليه منذ سنوات إدارة الملفات الأمنية والاستخباراتية المعقدة، إلى جانب إشرافه على الملفات الاقتصادية السيادية والمشروعات التكنولوجية المتقدمة التي تمثل ركيزة استراتيجية في رؤية الإمارات للمستقبل.

ويُوصف بأنه صاحب “الدبلوماسية الهادئة”، ورجل الصفقات غير المعلنة، إذ لعب أدوارًا محورية في عدد من الملفات شديدة الحساسية، بالمنطقة ، كما يتمتع بعلاقات قوية مع القوى الدولية الكبرى، خصوصًا الولايات المتحدة وروسيا والصين، حيث يُشرف على التنسيق الأمني والتكنولوجي معها.

وبعيدًا عن دوره الأمني، يتولى الشيخ طحنون إدارة شبكة معقدة من المؤسسات الاقتصادية الكبرى، أبرزها “القابضة” (ADQ) و”مجموعة G42″ للذكاء الاصطناعي، ما يجعله اللاعب الأساسي في ربط الأمن بالاقتصاد والتكنولوجيا في السياسة الإماراتية.

وتُعرف G42 بعلاقاتها الوثيقة مع شركات صينية وأمريكية، كما كانت في صلب اهتمام الإعلام الدولي بعد إعلانها عن مشاريع متقدمة في مجالات الذكاء الاصطناعي، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا الحيوية، وبعض تلك المشاريع تُدار بموازاة أجندات أمنية رفيعة المستوى.

ويتمتع الشيخ طحنون بعلاقات شخصية ومباشرة مع كبار القادة في الشرق الأوسط، لا سيما في السعودية ومصر وتركيا وإيران، وقد أُرسل في عدة مناسبات كمبعوث خاص عن القيادة الإماراتية، وهو ما يفسّر الطابع غير البروتوكولي لبعض زياراته، والتي كثيرًا ما تُعلن بعد انتهائها، في مؤشر على حساسية الملفات التي يتولاها.

دلالات توقيت زيارة طحنون بن زايد لجدة

ويرى مراقبون أن توقيت اللقاء يحمل دلالات مهمة، لا سيما في ضوء التحديات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، وتنامي أدوار العواصم الخليجية في إدارة ملفات إقليمية حساسة، أبرزها الملف اليمني، والتطورات في البحر الأحمر، والملف النووي الإيراني، إضافة إلى جهود استقرار أسواق النفط والطاقة.

كما تأتي الزيارة في سياق جهود دول الخليج لتعزيز استقلالية القرار السياسي والأمني، في ظل التحولات الجارية في النظام العالمي، وتقلب العلاقة مع واشنطن والعواصم الغربية.

اقرأ أيضًا: روسيا تكسر العزلة عن طالبان.. هل تشعل موسكو سباق الاعتراف الدولي بحكومة كابول؟

زر الذهاب إلى الأعلى