قيادة مصر لمجلس السلم والأمن الأفريقي..فرصة لتكثيف الضغوط على إثيوبيا
ستلعب مصر دور استباقيا واستراتيجيا في معالجة التحديات الأمنية في القارة الأفريقية بعد توليها رئاسة مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي في أكتوبر 2024.
بحسب تقرير لموقع ذا ريبورتر، مع وجود أجندات حاسمة مثل مكافحة الإرهاب وحفظ السلام والاستقرار الإقليمي، فإن قيادة مصر على استعداد لإحداث تأثير كبير، في حين تبحر أيضًا في التوترات الجيوسياسية المعقدة، وخاصة مع إثيوبيا بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير.
الدور الجديد لمصر في مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي
يتناوب مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي على رئاسته بين الدول الأعضاء، وتأتي رئاسة مصر في منعطف حرج في ديناميكيات الأمن الأفريقي.
بحسب خاص عن مصر، مع دخول الصراع في السودان شهره الثامن عشر، تتضمن أجندة مصر زيارة إلى بورتسودان، وهي حاليًا قاعدة للقوات المسلحة السودانية وسط معركتها المستمرة مع قوات الدعم السريع. إن الصراع الذي اجتاح السودان وعلق عضويته في الاتحاد الأفريقي منذ عام 2021، ليس سوى واحد من العديد من القضايا الملحة التي ستتناولها مصر في دورها الجديد.
وبعيدًا عن السودان، التزمت مصر بمعالجة قضايا أمنية أوسع نطاقًا، بما في ذلك الإرهاب ومهام حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي. وأكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في اجتماعاته مع مفوض الاتحاد الأفريقي بانكول أديوي، على نية القاهرة دعم بعثات السلام مثل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم)، التي تنتقل إلى مرحلة جديدة.
أجندة أمنية أوسع نطاقًا
بالإضافة إلى تركيزها على السودان والصومال، تعمل مصر على توسيع مشاركتها في مناطق متقلبة أخرى في أفريقيا. وكجزء من دورها القيادي، تشرف مصر على المناقشات حول تمويل عمليات السلام الأفريقية، والأمن في منطقة البحيرات العظمى، والتطورات في القرن الأفريقي، والأهمية المتزايدة لأمن البحر الأحمر. والجدير بالذكر أن مصر ستستضيف العديد من الجلسات رفيعة المستوى حول السلام والأمن وإعادة الإعمار بعد الصراع، مما يعزز دورها كعامل استقرار إقليمي.
أقرا أيضا.. عام على طوفان الأقصي.. كيف تؤثر حرب غزة على الاقتصاد المصري ؟
صرح محمد جاد، سفير مصر لدى إثيوبيا ومندوبها الدائم لدى الاتحاد الأفريقي، بأن “مصر ستعمل على تعزيز دور المجلس في الحفاظ على السلام والأمن والاستقرار”، مؤكدًا التزام القاهرة بمعالجة التحديات الأمنية المعقدة في القارة.
التوترات بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير
يتزامن تولي مصر لرئاسة مجلس السلم والأمن الأفريقي مع تصاعد التوترات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة. أعرب المسؤولون المصريون، بمن فيهم وزير الخارجية عبد العاطي، عن معارضتهم الشديدة لاستمرار إثيوبيا في ملء وتشغيل السد. وفي الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، حذر عبد العاطي من أن مصر “لن تغض الطرف” عن أي تهديدات يشكلها سد النهضة لأمنها القومي، مشيرًا إلى انتهاك القانون الدولي.
لقد تسبب نزاع سد النهضة في توتر العلاقات بين القاهرة وأديس أبابا لفترة طويلة، حيث اتهمت مصر إثيوبيا بالتصرف بشكل أحادي الجانب وتقويض دول المصب. يرى بعض المحللين، مثل الدكتور كونستانتينوس بيرهوتسفا، مفوض مكافحة الفساد السابق في الاتحاد الأفريقي، أن رئاسة مصر لمجلس السلم والأمن الأفريقي فرصة للقاهرة لتكثيف الضغوط الدبلوماسية على إثيوبيا.
التدخل العسكري المصري في الصومال
أعربت مصر عن نيتها المساهمة بقوات في بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم واستقرار الصومال، والتي من المقرر أن تبدأ في عام 2025. وقد أثار هذا التطور مخاوف بين بعض المحللين الإثيوبيين الذين ينظرون إلى التدخل العسكري المصري في الصومال على أنه محاولة لزعزعة استقرار دور إثيوبيا في المنطقة. وأشار الدكتور كونستانتينوس إلى أن الاهتمام المصري الجديد بالصومال قد يكون مدفوعًا بتنافسها الجيوسياسي الأوسع مع إثيوبيا، وخاصة بشأن سد النهضة.
وبحسب كونستانتينوس، فإن الجهود العسكرية المصرية في الصومال لا تقتصر على مكافحة الإرهاب فحسب، بل قد تعمل كوكيل لتحدي نفوذ إثيوبيا. وأشار إلى أن “مصر بدأت تهتم بالصومال فقط بعد أن جاءت تركيا إلى الصومال”، مسلطًا الضوء على التحالفات الإقليمية المتغيرة والمنافسة.