كارثة إنسانية في السودان.. كيف يمكن للعالم أن يساعد في ظل المجاعة والحرب؟
ألسنا بشرًا؟
السودان، البلد الذي عانى منذ فترة طويلة من عدم الاستقرار السياسي والعنف العرقي، يواجه الآن أزمة إنسانية مدمرة. ومع انتشار المجاعة في المنطقة، يقع المدنيون الأبرياء في مرمى نيران حرب وحشية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
قي مقاله بنيويورك تايمز، ألقي الصحفي الحائز على جائزة بوليتز نيكولاس كريستوف، الذي قدم تقاريره مؤخرًا من الحدود بين تشاد والسودان، الضوء على المأساة ويثير أسئلة ملحة حول الاستجابة العالمية – أو عدم وجودها.
الأسباب الجذرية للصراع
لا تتجذر الحرب الجارية في السودان في الهوية الدينية بل في التوترات العرقية والاقتصادية والجيوسياسية. وكما يوضح كريستوف، فإن الصراع يدور في المقام الأول بين فصيلين عسكريين متنافسين: القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وهي ميليشيا ذات سجل سيئ السمعة من الفظائع.
أقرا أيضا.. وثائق سرية: حماس حاولت إقناع إيران بالانضمام لطوفان الأقصي 7 أكتوبر
الانقسام العرقي في دارفور، حيث تتركز أغلب أعمال العنف، معقد ولكنه ليس دينيًا. كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع من المسلمين السنة إلى حد كبير، لكن قوات الدعم السريع تتكون في المقام الأول من العرب، الذين يستهدفون الجماعات العرقية غير العربية، وخاصة الأفارقة السود. ويسلط كريستوف الضوء على أن التحيزات العنصرية هي المحرك الرئيسي للعنف، حيث ينظر العرب إلى الأفارقة السود على أنهم أدنى، وغالبًا ما يشيرون إليهم باعتبارهم “عبيدًا” أو “نفايات”.
يتفاقم هذا التوتر العرقي بسبب الصراع الاقتصادي، وخاصة النزاعات حول الوصول إلى المياه وأراضي الرعي، والتي تفاقمت بسبب تغير المناخ. يُظهر تصوير كريستوف للأزمة صورة صارخة للعوامل العرقية والاقتصادية والبيئية التي تتقارب في صراع مميت.
المجاعة المتنامية
إن المجاعة في السودان، والتي يخشى الخبراء أن تتجاوز في شدتها مجاعة إثيوبيا عام 1984، هي نتيجة مباشرة للحرب وظروف المناخ. والأطفال الجائعون، الذين أصبحت أجسادهم ضعيفة للغاية بحيث لا تستطيع البكاء أو إظهار المشاعر، هم رمز مفجع لهذه الكارثة. وكما يشير كريستوف، “إن أفضل طريقة لمنع حدوث مجاعة شديدة كهذه في السودان هي إنهاء الحرب”، ولكن في غياب السلام في الأفق، فإن الحل الأفضل التالي هو الضغط من أجل الوصول الإنساني لتوصيل الغذاء إلى المجتمعات الجائعة.
لقد واجهت منظمات الإغاثة مثل أطباء بلا حدود عقبات هائلة في محاولة إطعام الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية. ويستشهد كريستوف بكيفية قيام أمراء الحرب بعرقلة الجهود الإنسانية عمداً، واستخدام التجويع كسلاح فعلي. ويشير كريستوف بقوة إلى أن “المجاعة في السودان هي أيضاً انتقالية: فأمراء الحرب يجوعون الأطفال”.
الاستجابة العالمية: نداء للعمل
يعقد كريستوف مقارنات غير مريحة بين الأزمة الحالية في السودان والكوارث الإنسانية الأخرى في التاريخ، متسائلاً عن سبب بقاء العالم غير مبال. ويتذكر كريستوف تردد الولايات المتحدة في التدخل أثناء الهولوكوست وندم الرئيس بيل كلينتون على فشله في التصرف أثناء الإبادة الجماعية في رواندا. ويجادل كريستوف قائلاً: “فقط لأننا لا نستطيع أن نفعل كل شيء في السودان لا يعني أننا يجب ألا نفعل شيئًا”، متحديًا الشعور بأن الأزمات الخارجية يجب أن تأخذ مقعدًا خلفيًا للقضايا المحلية.
الحل العسكري: ممكن أم لا؟
في حين اقترح البعض التدخل العسكري لوقف العنف وتحسين توزيع الغذاء، فإن كريستوف متشكك. “لا يوجد سلام يمكن الحفاظ عليه”، كما يقول، معربًا عن شكوكه في أن قوة حفظ السلام الدولية يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في البيئة الحالية. ومع ذلك، يقترح أن الضغط الدبلوماسي والعقوبات والتشهير يمكن أن تسفر عن نتائج، وخاصة إذا ركزت على مشاركة الإمارات العربية المتحدة.
الدعوة والجهود الشعبية: كيف يمكن للأفراد المساعدة
في مواجهة مثل هذه المعاناة الهائلة، يشعر الكثيرون بالعجز. ومع ذلك، يؤكد كريستوف أن الأفراد يمكنهم إحداث فرق. وهو يشجع على دعم المبادرات الشعبية السودانية المحلية مثل Mutual Aid Sudan، التي تم ترشيحها لجائزة نوبل للسلام هذا العام. كما تلعب منظمات مثل أطباء بلا حدود أدوارًا حاسمة في تقديم المساعدات وتوثيق الفظائع.