كمين النار في خان يونس.. كيف فضحت القسام فشل نتنياهو بعد 600 يوم من الحرب؟

سقط سبعة جنود إسرائيليين، بينهم ضابط، قتلى داخل ناقلة محترقة شرق خان يونس، في كمين محكم نفذته المقاومة الفلسطينية مساء الثلاثاء، وصفته وسائل الإعلام العبرية بأنه “واحد من أسوأ الأيام في الحرب”.
وبحسب تقارير فإن الكمين الذي أُطلق عليه “كمين النار” لم يكن مجرد خسارة ميدانية عابرة، بل شكّل ضربة استراتيجية مؤلمة في صميم صورة الجيش الإسرائيلي، وكشف مرة أخرى عن حدود القوة التي طالما تباهت بها تل أبيب، وأحرج حكومة نتنياهو سياسيًا وعسكريًا.
صباح دامٍ في إسرائيل بعد كمين خان يونس
في أول تعليق رسمي، وصف الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ما حدث بأنه “صباح مؤلم”، مؤكدًا أن الوضع في غزة “صعب والمعارك ضارية والعبء لا يُحتمل”، بينما اعتبر زعيم المعارضة يائير لبيد أن الكمين شكّل “كارثة كبرى” قائلاً: “فقدنا سبعة من مقاتلينا في الجنوب”.
جاءت هذه التصريحات عقب ساعات من الصمت والترقب في إسرائيل، رافقته حملة إعلامية تحاول استيعاب وقع الضربة، وإخفاء حجم الفشل العسكري في واحدة من أكثر مناطق القطاع دمارًا.
كمين خان يونس في رواية جيش الاحتلال
إذاعة الجيش الإسرائيلي أوضحت أن الحادثة وقعت في تمام الخامسة والنصف مساء الثلاثاء، حين تلقى الجيش بلاغًا عن اشتعال النيران في ناقلة جنود مدرعة من طراز “بوما” تابعة لوحدة الهندسة القتالية، وذلك بعد اقتراب مقاوم فلسطيني منها وتثبيت عبوة ناسفة على هيكلها.
الانفجار أدى إلى احتراق الناقلة بالكامل، وسط عجز فرق الإطفاء العسكرية عن إخماد النيران، حاولت وحدات الجيش تغطية المدرعة بالرمال عبر جرافة من طراز D9، لكن دون جدوى، ما اضطرهم إلى اتخاذ قرار بسحبها وهي مشتعلة.
جثث محترقة… وناقلات مشتعلة
بحسب تقارير صحفية فقد رُحلت المدرعة المحترقة أولًا إلى شارع صلاح الدين في خان يونس، ثم إلى خارج القطاع، بينما كان الجنود السبعة لا يزالون داخلها، استغرق الجيش ساعات طويلة للتعرف على هوياتهم، بعدما فشلت مروحيات الإجلاء في تنفيذ أي عملية إنقاذ.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن العملية وُصفت داخليًا بأنها “محرقة ميدانية”، فيما خضعت القوات لملاحقات نارية من مقاومين فلسطينيين خلال محاولات الإخلاء، ما أدى إلى إصابة 16 جنديًا إضافيًا، وفق قناة 13 العبرية.
بوما المحترقة… المركبة التي أسقطتها عبوة
ويرى مراقبون، إن ناقلة “بوما” تُعد من أضخم المدرعات الإسرائيلية، وهي مخصصة لتفكيك الألغام والهدم الميداني، وتُقل عادةً طاقمًا من 8 جنود بكامل تجهيزهم القتالي.
فشل هذه المركبة الثقيلة في الصمود أمام عبوة ناسفة يُعد دلالة خطيرة على تآكل فعالية المعدات المتقدمة للجيش، خصوصًا في ظل تكرار العمليات النوعية التي تستهدف آليات مشابهة منذ مطلع 2024.
كتائب القسام تكشف تفاصيل كمين خان يونس
في بيان مقتضب، أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مسؤوليتها عن العملية، مؤكدة أن وحدة منها نفذت كمينًا مركبًا في منطقة مدرسة الأقصى ببلدة القرارة، وتمكنت من الإيقاع بقوة إسرائيلية بين قتيل وجريح.
وتُعد منطقة خان يونس من أكثر مناطق القطاع التي شهدت اجتياحات إسرائيلية مكثفة منذ ديسمبر الماضي، ما يجعل وقوع كمين بهذا الحجم فيها مؤشرًا خطيرًا على فشل سيطرة الاحتلال على الأرض رغم الحشد العسكري.
فشل نتنياهو
وفق محللون فأنه بعد مرور ما يزيد على 600 يوم من الحرب المفتوحة على غزة، ورغم التفوق العسكري الساحق في العدد والعتاد، تبدو حكومة نتنياهو عاجزة عن تحقيق أي “نصر سياسي أو عسكري” يمكن تسويقه أمام الداخل الإسرائيلي أو الخارج الدولي.
كمين “خان يونس” لم يكن مجرد ضربة على الأرض، بل صفعة قوية لحكومة تواصل الحرب بلا أفق، وتواجه مقاومة ما زالت قادرة على التحدي، وتُصر على فرض ثمن فادح لأي اجتياح.