كوريا الجنوبية تلغي صفقة مروحيات أباتشي مع أمريكا.. هل بداية لابتعاد سيول عن فلك واشنطن؟

أعلنت كوريا الجنوبية رسميًا إلغاء خططها لشراء 36 مروحية هجومية إضافية من طراز AH-64E “أباتشي غارديان” من أمريكا، والتي كانت ستضاعف عدد الأسطول الحالي.

هذا القرار جاء نتيجة خفض كبير في التمويل ضمن ميزانية تكميلية أقرت مؤخرًا، حسب ما نقلته صحيفة كوريا تايمز.

كوريا الجنوبية تتراجع عن صفقة الأباتشي مع أمريكا

ووفقًا للمصادر، فإن ارتفاع تكلفة المروحية بنسبة 66% مقارنة بأول صفقة تم توقيعها قبل نحو عشر سنوات، كان أحد العوامل الأساسية وراء القرار.

لكن العامل الأعمق يرتبط بالتحول في طبيعة الحروب الحديثة، الذي بات يقلص من فعالية المروحيات الهجومية بشكل عام.

الدرونز تُغير قواعد اللعبة

الحرب الروسية الأوكرانية كانت جرس إنذار للعديد من الجيوش حول العالم، بعدما أظهرت كيف يمكن للطائرات الانتحارية الرخيصة والدرونز المتطورة أن تحيد مروحيات هجومية باهظة الثمن.

النائب الكوري “يو يونغ-وون” أشار إلى أن الذكاء الاصطناعي والطائرات بدون طيار تعيد رسم مشهد المعركة بالكامل، مؤكدًا أن الاستثمارات يجب أن تتجه نحو المنصات الذكية التي تناسب طبيعة النزاعات المستقبلية.

ورغم أن الأباتشي لا تزال تُعد ركيزة في الاستراتيجية متعددة الأسلحة، فإن تحديات بقائها في ساحة المعركة تتزايد، خصوصًا في ظل انتشار منظومات الدفاع الجوي القصيرة المدى، وصواريخ الكتف، والمدفعيات المضادة للطائرات، ما يجعل اقترابها من الأهداف مخاطرة كبيرة.

ضعف المدى وتزايد المخاطر

تعاني الأباتشي من مدى محدود نسبيًا، يزداد قصرًا حين تكون محملة بكامل تسليحها، ما يقلل من فعاليتها في بيئات تعتمد على منع الوصول والسيطرة الجوية.

ومع تطور رادارات العدو وامتداد نطاقات الدفاع الجوي، تصبح المهمة أكثر صعوبة على الطائرات الهجومية.

وفي شبه الجزيرة الكورية، حيث المسافات قصيرة لكن التهديدات شديدة، يزداد القلق من قدرة المروحيات على البقاء، خاصة في ظل التقارير التي تتحدث عن حصول كوريا الشمالية على دعم روسي لتطوير قدراتها الدفاعية والدرونية.

مصر تطور أسطول قواتها الجوية من مروحيات الأباتشي الهجومية الأمريكية
مروحية أباتشي الأمريكية – أرشيفية

البدائل المحلية والاستثمار في المستقبل

كوريا الجنوبية لا تزال تحتفظ بخيارات محلية مثل مروحية MAH البحرية ومروحية LAH الخفيفة، والتي قد لا تضاهي الأباتشي في القوة، لكنها توفر مرونة أكبر من حيث المهام والتكلفة.

كما يبدو أن سيؤول تميل نحو استثمار مواردها في برامج الذكاء الاصطناعي والدرونز الانتحارية، كجزء من تحول استباقي لمجاراة تغيرات ميدان القتال العالمي.

هل القرار ابتعاد عن فلك واشنطن؟

رغم أن القرار الكوري الجنوبي يبدو في ظاهره مرتبطًا باعتبارات مالية وتقنية، إلا أن توقيته يفتح الباب أمام تساؤلات أوسع بشأن العلاقة الدفاعية بين سيول وواشنطن.

فمروحية الأباتشي تُعد رمزًا للشراكة العسكرية الوثيقة بين البلدين، وإلغاء الصفقة قد يُفسر من قبل البعض كمؤشر على بداية تحوّل تدريجي في توجهات كوريا الجنوبية نحو تقليل اعتمادها على المنصات الأمريكية لصالح تطوير صناعاتها الدفاعية المحلية، أو حتى تنويع شراكاتها الاستراتيجية.

هذا التحول، إن ثبتت استمراريته، قد يضع ضغوطًا إضافية على التحالف الأمني بين واشنطن وسيول، خصوصًا في ظل التغيرات المتسارعة في موازين القوى الإقليمية، ودخول الصين وروسيا على خط التأثير في المنطقة.

ومع تنامي قدرات كوريا الجنوبية التقنية وارتفاع صوت الدعوات للاستقلال العسكري النسبي، يبقى سؤال “الابتعاد عن الفلك الأمريكي” مفتوحًا على احتمالات قد تعيد رسم خريطة التحالفات في شرق آسيا.

اقرأ أيضاً.. خلافات ألمانية-فرنسية تعصف بمشروع المقاتلة FCAS وبرلين ترد بطلب 15 مقاتلة F-35 إضافية

زر الذهاب إلى الأعلى