كوريا الشمالية تثري ترسانتها العسكرية بكنز من الأسلحة الروسية.. تحالف خطير

في تحوّل جذري لاتجاهات سائدة منذ عقود، تشهد كوريا الشمالية تحولاً عسكرياً، بفضل شراكة متنامية مع روسيا في خضم حرب موسكو المطولة في أوكرانيا.

وفقا لتقرير نيويورك تايمز، بعد أن عانت من العقوبات والعزلة ونقص مزمن في الموارد، تُعرض القوات المسلحة الكورية الشمالية الآن سلسلة من الأسلحة المتطورة – طائرات هجومية بدون طيار مزودة بذكاء اصطناعي، ودبابات متطورة، ومدمرات حديثة مزودة بصواريخ كروز تفوق سرعة الصوت، وأنظمة دفاع جوي من الجيل التالي – وكلها أصبحت ممكنة بفضل حقبة جديدة من التعاون العسكري مع روسيا بقيادة فلاديمير بوتين.

كيف غيّرت حرب أوكرانيا حظوظ كوريا الشمالية؟

لطالما سادت الحكمة التقليدية أن كوريا الشمالية، المُثقلة بالعقوبات الدولية، تفتقر إلى الموارد والتكنولوجيا اللازمة لتحديث عتادها العسكري الذي يعود إلى الحقبة السوفيتية، ومع ذلك، حوّل كيم جونغ أون هذا الضعف إلى فرصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022.

فمع احتياج موسكو الماس لقذائف المدفعية والأسلحة التقليدية، زوّدت بيونغ يانغ كوريا الشمالية بملايين الطلقات وآلاف الجنود، متلقيةً في المقابل ليس فقط الوقود والغذاء، بل أيضًا تقنيات ومواد عسكرية متطورة.

يحذر المسؤولون الكوريون الجنوبيون من أن هذا التدفق المتبادل للأسلحة والخبرات يُغيّر الموازين العسكرية في شبه الجزيرة الكورية، مما يمنح كيم نفوذًا غير مسبوق في ديناميكيات القوة الإقليمية وفي المفاوضات المستقبلية مع قادة مثل دونالد ترامب وشي جين بينغ.

النهضة العسكرية: ترسانة كوريا الشمالية الجديدة على الشاشة

إن نطاق وسرعة التحديث العسكري لكوريا الشمالية ملفتان للنظر. شهدت الأشهر الأخيرة ظهور معدات جديدة بشكل شبه أسبوعي، بما في ذلك:

  • طائرات هجومية بدون طيار موجهة بالذكاء الاصطناعي
  • دبابات مزودة بأنظمة حرب إلكترونية متطورة
  • مدمرة بحرية جديدة مزودة بصواريخ كروز تفوق سرعة الصوت، تُحاكي صاروخ 3M22 Zircon الروسي
  • صواريخ جو-جو وأنظمة دفاع جوي مُطورة
  • مصانع ذخيرة مُوسعة ومُحدثة

يصف خبراء، مثل يانغ أوك من معهد آسان للدراسات السياسية في سيول، هذه الفترة بأنها “عصر ذهبي استراتيجي” لبيونغ يانغ. ساعدت الخبرة الروسية مهندسي كيم على تضييق الفجوة في الأسلحة التقليدية مع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، التي تُبقي على 28,500 جندي متمركزين في الجنوب.

القوات الكورية الشمالية: الخبرة القتالية والقيمة الدعائية

كما أتاح التحالف لكلا البلدين فرصًا فريدة: فقد دعمت المدفعية والقوات الكورية الشمالية الجهود الروسية لاستعادة أراضٍ في منطقة كورسك غرب روسيا، وفقًا لمصادر روسية وكورية جنوبية.

يقول المحللون إن نشر كيم لما يصل إلى 15 ألف جندي كان خطوة مدروسة لمنح جيشه خبرة قتالية حقيقية، وهو تطور ذو تداعيات كبيرة على توازن القوى في شبه الجزيرة الكورية.

يشير فاليري شيرييف، المحلل العسكري الروسي، إلى أن هذه القوات ستعود كجنود مخضرمين، وهو أمر لا يضاهيه جيش كوريا الجنوبية، وهي نقطة يُقال إنها تملأ كيم فخرًا.

إشراف كيم الشخصي وخططه الطموحة

مشاركة كيم جونغ أون عملية وواضحة للغاية. فقد بثت وسائل الإعلام الرسمية زياراته لاختبارات الصواريخ ومصانع الذخائر، وحتى مصنع دبابات، حيث أعلن عن استبدال “أسلحة القرن الماضي المدرعة”.

ظهر كيم وابنته، كيم جو-إيه، التي يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها وريثته المحتملة، معًا في حفل إطلاق أول مدمرة حديثة لكوريا الشمالية، تشوي هيون، وشاهدا تجارب إطلاق صواريخ قيل إنها قادرة على حمل رؤوس نووية.

وفقاً لمحللين في معهد كوريا للتوحيد الوطني ومعهد استراتيجية الأمن القومي، فإن إعطاء كوريا الشمالية الأولوية لحرب الطائرات بدون طيار والدفاع الجوي المتطور قد يُضيّق الفجوة التكنولوجية مع الجنوب بوتيرة أسرع من أي وقت مضى.

المخاطر والعقوبات وظلال التصعيد النووي

لا يخلو هذا الفصل الجديد من التطور العسكري لكوريا الشمالية من المخاطر أو الجدل. تحظر قرارات متعددة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تجارة الأسلحة مع بيونغ يانغ، لكن تعاون روسيا أصبح “الطريق الأمثل” لكوريا الشمالية للتهرب من العقوبات وتجاوز الحدود التكنولوجية السابقة، وفقاً لمركز أبحاث مقره سيول.

ومع ذلك، هناك شكوك حول المدى الذي ستذهب إليه موسكو. فبينما تطمح كوريا الشمالية إلى بناء غواصة تعمل بالطاقة النووية – قادرة على تهديد البر الرئيسي الأمريكي – يعتقد خبراء مثل دو جين هو من معهد كوريا لتحليلات الدفاع أن روسيا ستكون “حذرة للغاية” بشأن مشاركة أكثر التقنيات حساسية.

مع ذلك، فإن ظهور غواصة نووية غير مُكتملة البناء في وسائل الإعلام الرسمية يزيد من المخاطر.

أقرا أيضا.. إسرائيل ترتكب جرائم حرب.. أولمرت يعترف ويدعو لوقف فوري للحرب التدميرية في غزة

 هل نشهد حقبة جديدة من عدم الاستقرار؟

يحذر المسؤولون الكوريون الجنوبيون من أنه بينما تبالغ كوريا الشمالية في تقدير تقدمها العسكري لأغراض دعائية، فإن تدفق الخبرات والتكنولوجيا الروسية حقيقي ومتزايد. و

يحذر لي سونغ جون، المتحدث العسكري في سيول، ومحللون مثل هونغ مين، من أن المعدات الجديدة – وخاصة صواريخ كروز الأسرع من الصوت والطائرات المسيرة المتطورة – قد تزعزع استقرار المنطقة وتطلق شرارة سباق تسلح خطير.

في حين يواصل كيم حث مهندسيه على تحقيق أهداف طموحة، تُظهر الحوادث الأخيرة – مثل انقلاب مدمرة ثانية واعتقال مسؤولين لاحقاً – حجم الضغوط الكبيرة داخل النظام.

توازن جديد خطير في شرق آسيا

أدى ازدهار الأسلحة في كوريا الشمالية، والذي أتيحت الفرصة له بفضل الاحتياجات الروسية الملحة، إلى تغيير جذري في حسابات شبه الجزيرة الكورية. ومع تعميق الشراكة، فإن احتمالية المزيد من التصعيد – واختلال توازن القوى الدقيق في المنطقة – لم تكن قط أكبر مما هي عليه الآن.

زر الذهاب إلى الأعلى