كوريا الشمالية تُحدث مروحياتها لمواجهة المسيرات.. تكتيك جديد في ساحة حروب المستقبل
قامت القوات الجوية التابعة للجيش الشعبي الكوري مؤخرًا بإدخال تحديثات جديدة على تدريب أطقم مروحياتها الهجومية الخفيفة من طراز MD500، مع التركيز على مهام الدفاع الجوي ضد الطائرات المسيّرة.
كوريا الشمالية تُحدث مروحياتها لمواجهة المسيرات
وقد جرى تصميم هذا التدريب لمحاكاة هجمات تقوم بها طائرات مسيّرة صغيرة تُكلّف المروحيات باعتراضها وإسقاطها.
استُخدمت أسلحة خفيفة مثبتة داخل قمرة القيادة خلال التمرين، في تكتيك يُركّز على استهداف الطائرات بطيئة الحركة التي تحلّق على ارتفاعات منخفضة، وهي سمة باتت شائعة في النزاعات الحديثة، خصوصًا في الحرب الروسية الأوكرانية.
تأثير التجربة الأوكرانية على العقيدة العسكرية الكورية
تأتي هذه التطورات كجزء من إعادة تقييم كوريا الشمالية لدورها في ساحات القتال الحديثة، إذ تمارس قواتها عملية رصد دقيقة لمجريات الحرب الروسية الأوكرانية، حيث لعبت الطائرات المسيّرة دورًا حاسمًا في مهام الاستطلاع والضربات الدقيقة.
وتشير التقارير إلى أن بيونج يانج نشرت بالفعل قواتها على الأرض لدعم المجهود الحربي الروسي، ما يُعزز من فرضية استفادتها الميدانية المباشرة من تكتيكات ومخرجات الحرب الجارية.
رد مباشر على التصعيد الجنوبي
وجاء هذا التدريب العسكري بعد حادثة وصفتها بيونغ يانغ بأنها تصعيد خطير، عندما أقدمت كوريا الجنوبية، في أكتوبر الماضي، على إرسال طائرات مسيّرة إلى المجال الجوي الشمالي بهدف إسقاط منشورات دعائية في عمق أراضي كوريا الشمالية.
وقد ردّت وزارة الخارجية في بيونغ يانغ على هذا الحدث بوصفه “استفزازًا سياسيًا وعسكريًا قد يقود إلى صراع مسلح”، مما يفسّر التحرك السريع نحو تكثيف التدريب الدفاعي الجوي.
نقاط ضعف أمام تحديات غير تقليدية
رغم أن شبكة الدفاع الجوي الكورية الشمالية تُعتبر من بين الأكثر كثافة عالميًا، وتشمل أنظمة صواريخ متقدمة مثل نظام “بيونغاي-6” بعيد المدى، إلا أن الطائرات المسيّرة الصغيرة تمثل تحديًا خاصًا في ساحة المعركة الحديثة.
هذه المسيّرات المنخفضة السرعة تُعدّ هدفًا صعبًا لأنظمة الرادار التقليدية، كما أن تكلفتها المنخفضة تجعل من غير المجدي اقتصاديًا استخدام صواريخ أرض-جو باهظة الثمن لاعتراضها.
اقرأ أيضاً.. شبح السماء.. روسيا تهدي أول مقاتلة من الجيل الخامس Su-57E لدولة عربية| من هي؟
أسلوب “الإسقاط الجوي” يعود إلى الواجهة
بسبب هذه التعقيدات، يُنظر إلى استخدام المروحيات الهجومية المزودة بأسلحة خفيفة لاستهداف هذه الطائرات من الجو كخيار أكثر فعالية من حيث الكفاءة والتكلفة.
هذا الأسلوب يعكس أيضًا تغيرًا تكتيكيًا في طبيعة الحروب الحديثة، حيث لم تعد السيطرة الجوية المطلقة مقتصرة على التفوق الراداري أو القتالي الجوي التقليدي، بل أصبحت تشمل القدرة على التعامل مع تهديدات منخفضة التقنية ولكن مرتفعة الأثر.
مرحلة انتقالية في الدفاع الجوي القصير المدى
تُشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية تعمل حاليًا على تطوير أنظمة أرضية جديدة مُتخصصة في التصدي للطائرات المسيّرة، ومن المحتمل أن تكون المروحيات الهجومية مجرد حلّ مؤقت حتى اكتمال هذه المشاريع.
رغم ذلك، فإن هذه المروحيات، خاصة طراز MD500، تُعاني من محدودية في القدرات مقارنةً بما تمتلكه كوريا الشمالية من نظم مدفعية وصاروخية متقدمة.
التوجه نحو تحديث أسطول المروحيات
وسط هذه التحديات، تزايدت التكهنات بشأن إمكانية حصول كوريا الشمالية على مروحيات هجومية روسية متقدمة مثل Mi-28، وذلك في إطار تعزيز قدراتها الجوية الهجومية وتحديث أسطولها الحالي.
هذه الخطوة إن تمت، ستُشكّل تطورًا نوعيًا في قدرة بيونغ يانغ على تنفيذ عمليات جوية فعّالة ضد أهداف متنوعة، بما في ذلك الطائرات المسيّرة.
كوريا الشمالية وتطوير التصنيع العسكري المحلي
يشير تحديث التدريبات الجوية ضد الطائرات المسيّرة إلى فهم عميق ومتنامٍ لدى كوريا الشمالية لطبيعة الحروب الحديثة، وإدراكها للمخاطر المتزايدة التي تُمثلها المسيّرات في ساحات القتال.
وتُعد هذه التدريبات دليلاً إضافيًا على أن بيونغ يانغ لا تكتفي بمراقبة الحروب عن بُعد، بل تسعى لاستخلاص دروس عملياتية وتطبيقها ميدانيًا بشكل مباشر.
تاريخيًا، اعتمدت كوريا الشمالية على مزيج من نقل التكنولوجيا، الهندسة العكسية، والتصنيع المحلي لتجاوز العقوبات الدولية، وتمكنت من تطوير مجموعة متنوعة من الأنظمة الصاروخية والمدفعية والطائرات المسيّرة.
كوريا الشمالية تنتقل من التقليد إلى التطوير المستقل
التطوير المحتمل لقدراتها في مجال الدفاع الجوي القصير المدى، خصوصًا أنظمة مضادة للمسيّرات، يشير إلى دخولها في مرحلة أكثر نضجًا في مجال الابتكار المحلي، بما يتجاوز التقليد إلى مرحلة الدمج التقني والتطوير المستقل.
إذا تمكنت كوريا الشمالية بالفعل من دمج أنظمة موجهة بالذكاء الاصطناعي، أو تقنيات كشف بصري وحراري متقدمة لمواجهة المسيّرات، فإن ذلك سيضعها في موقع متقدم ضمن الدول التي تقود ثورة الحرب منخفضة التكلفة وعالية التأثير.
وقد يكون تعاونها العسكري مع روسيا أحد الأبواب الرئيسة لنقل المعرفة التقنية الحديثة في هذا المجال.
اقرأ أيضاً.. شبح السماء.. روسيا تهدي أول مقاتلة من الجيل الخامس Su-57E لدولة عربية| من هي؟