كيف غيّر ترامب موقفه تجاه إيران تحت ضغط إسرائيل؟

لأكثر من عقد، ضغط نتنياهو على رؤساء أمريكيين متعاقبين لدعم ضرب إيران، لكن المخاوف الأمريكية من صراع أوسع نطاقًا حالت دون ذلك.

لكن عام 2025، خفت حدة هذه القيود حيث غيّر ترامب موقفه تجاه إيران تحت ضغط إسرائيل، وواجه الرئيس، الذي التزم في البداية بالانخراط الدبلوماسي، قرارًا محفوفًا بالمخاطر بشكل متزايد.

وفقا لتقرير نيويورك تايمز، في الأسابيع الأخيرة، كانت أجهزة الاستخبارات الأمريكية في حالة من الترقب والقلق، وخلصت إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يُحضر لضربة كبرى –  تتجاوز استهداف المواقع النووية وقد تُعرّض النظام الإيراني نفسه للخطر. هذه المرة، وعلى عكس التهديدات السابقة، بدا نتنياهو مستعدًا للتحرك دون دعم صريح من واشنطن.

معضلة البيت الأبيض: الدبلوماسية أم الانخراط العسكري؟

كان التوجه الأولي للرئيس ترامب هو مواصلة المفاوضات، على أمل التوصل إلى اتفاق دبلوماسي لكبح طموحات إيران النووية، حتى بعد رفض دعوة نتنياهو لحملة عسكرية مشتركة في أبريل، أصدر ترامب تحذيرات جديدة ضد أي عمل إسرائيلي أحادي الجانب.

مع ذلك، ومع نفاد صبره إزاء تباطؤ إيران على طاولة المفاوضات – وإدراك المسؤولين الأمريكيين أن نتنياهو لن يتراجع – بدأ البيت الأبيض في الاستعداد لمجموعة من السيناريوهات، بدءًا من الدعم المحدود ووصولًا إلى التدخل العسكري المباشر.

وعلى عكس الادعاءات الإسرائيلية، لم ترَ الاستخبارات الأمريكية أدلة على اختراق نووي إيراني جديد وشيك. ومع ذلك، بدأت إدارة ترامب في تبادل المعلومات الاستخباراتية بهدوء مع إسرائيل، مرسلةً إشارة واضحة على الدعم المشروط.

حسابات ترامب: موازنة الحرب والهوية السياسية

مع بدء الحملة الإسرائيلية، تذبذب موقف ترامب العلني، ونأت الإدارة بنفسها في البداية عن الضربات، ولكن مع تحقيق إسرائيل نجاحات عسكرية مبكرة، أصبح موقف ترامب أكثر دعمًا.

ناقش المستشارون ما إذا كان ينبغي إرسال طائرات أمريكية لتزويد الطائرات الإسرائيلية بالوقود، أو حتى المشاركة مباشرةً في ضربة على منشأة فوردو الإيرانية شديدة التحصين – وهو ما يُمثل تحولاً جذرياً عن معارضة ترامب السابقة للعمل العسكري.

كان الصراع الداخلي لترامب واضحاً. فقد ترشح بناءً على وعد بإبقاء أمريكا بعيدة عن حروب الشرق الأوسط الجديدة، وظل حذراً من الانجرار إلى كارثة أخرى لتغيير النظام.

مع ذلك، فقد شكك أيضاً في نوايا إيران على طاولة المفاوضات، مقتنعاً بأن طهران تستغل المحادثات الدبلوماسية لكسب الوقت. دفع إصرار نتنياهو، إلى جانب ضغوط الصقور المؤيدين لإسرائيل في واشنطن، ترامب إلى الاقتراب أكثر فأكثر من المشاركة الفعالة.

داخل علاقة ترامب ونتنياهو: انعدام الثقة وسط أهداف مشتركة

على الرغم من التأكيدات العلنية المتكررة على “علاقتهما الخاصة”، ظل ترامب ونتنياهو حذرين من دوافع بعضهما البعض. وقد أسرّ ترامب لحلفائه بأنه يرى نتنياهو عازماً على جر الولايات المتحدة إلى صراع. مع ذلك، اتفق الزعيمان على أن امتلاك إيران لسلاح نووي أمر غير مقبول، وأنهما على استعداد لاستخدام القوة إذا لزم الأمر.

وصف المستشارون فريق ترامب بأنه فريق موحد نسبيًا، أكثر دعمًا لتوجهات الرئيس من حكومته في ولايته الأولى، والتي ضمت مسؤولين حذرين من التصعيد.

قدّم مسؤولو الأمن القومي لترامب خيارات تتراوح بين تبادل المعلومات الاستخباراتية والعمل العسكري المباشر، بينما عمل نائب الرئيس جيه. دي. فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو على إبقاء التدخل الأمريكي معتدلًا، محذرين من الانجرار إلى حرب مفتوحة.

المبادرات الدبلوماسية والفرص الضائعة

في أوائل عام 2025، سعت إدارة ترامب إلى إجراء محادثات مع إيران، حتى أنها أرسلت رسالة إلى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي تُشير إلى استعدادها للحوار.

ركزت المفاوضات، بقيادة مبعوث الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، على وقف تخصيب اليورانيوم الإيراني وتأسيس اتحاد إقليمي للطاقة النووية. لفترة من الوقت، بدا التوصل إلى اتفاق ممكنًا، ولكن مع رفض إيران للمقترحات الأمريكية وتسريع إسرائيل استعداداتها للحرب، نفد صبر ترامب.

الخيارات العسكرية: التخطيط للتصعيد

أثناء سعيها للدبلوماسية، أذنت إدارة ترامب للبنتاغون والقيادة المركزية الأمريكية بالتنسيق الوثيق مع إسرائيل بشأن التخطيط العسكري.

برزت ثلاثة خيارات رئيسية: تزويد الولايات المتحدة بالوقود والدعم الاستخباراتي؛ ضربات أمريكية إسرائيلية مشتركة؛ أو هجوم بقيادة الولايات المتحدة مع إسرائيل في دور داعم. مع تعثر المحادثات مع إيران وتزايد نفاد صبر إسرائيل، ازداد قلق البيت الأبيض من أن تسبقه الأحداث.

أقرا أيضا.. واتس آب يغتال قادة إيران تباعًا وطهران تنتبه أخيرًا وتحذر شعبها| القصة كاملة

الطريق إلى الحرب: من التردد إلى الدعم المتردد

بحلول أوائل يونيو، ومع تلاشي احتمال تحقيق اختراق دبلوماسي، أدركت دائرة ترامب أن العمل الإسرائيلي وشيك. ظل بعض المسؤولين، مثل نائب الرئيس فانس، حذرين من التصعيد، على أمل الحد من التدخل الأمريكي.

كان لآخرين، مثل وزير الدفاع بيت هيجسيث، علاقات وثيقة مع نظرائهم الإسرائيليين وكانوا أكثر انفتاحا على الخيارات العسكرية.

عندما شنت إسرائيل هجومها، حافظ ترامب في البداية على مسافة، ولكن مع تطور الحملة – ومع هيمنة التغطية الإعلامية الإيجابية على وسائل الإعلام الأمريكية – بدأ يتبنى موقفًا أكثر عدوانية، ملمحًا إلى دعم أمريكي أكبر، بل وفكّر في تسليم إسرائيل قنابل خارقة للتحصينات قوية.

واشنطن منقسمة: توترات سياسية بشأن التدخل

كشفت الأزمة عن انقسامات داخل حزب ترامب، حيث حذّر معارضو التدخل، بقيادة شخصيات مثل تاكر كارلسون، من تدخّل أعمق، بينما دفع آخرون، مثل المذيع الإذاعي مارك ليفين، باتجاه موقف أكثر تشددًا.

كان ترامب نفسه عالقًا بين هويته السياسية – إظهار القوة، مع الحذر من انزلاق جديد في مستنقع الشرق الأوسط – والضرورة الاستراتيجية لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية.

زر الذهاب إلى الأعلى