لبنانيون يتحدون التحذيرات من العودة إلى ديارهم بعد الهدنة

القاهرة (خاص عن مصر)- أدى وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة بين إسرائيل وحزب الله، والذي دخل حيز التنفيذ أمس الأربعاء، إلى تهدئة المنطقة الحدودية المتوترة بين إسرائيل ولبنان مؤقتًا.

ومع ذلك، أثارت هذه الهدنة ردود فعل متباينة، وخاصة من جانب الآلاف من النازحين على جانبي الصراع، حيث سارع المواطنون اللبنانيون إلى العودة إلى ديارهم على الرغم من التحذيرات المتكررة من حكومتهم والجيش الإسرائيلي، وفقا لبلومبرج.

ازدحام مروري مع اندفاع اللبنانيين للعودة إلى ديارهم

في يوم الخميس، أصبح الطريق الساحلي السريع الذي يربط بيروت بمدينتي صيدا وصور في جنوب لبنان مسرحًا لحركة مرور كثيفة، حيث حاول الآلاف من اللبنانيين النازحين بسبب الصراع العودة إلى ديارهم.

على الرغم من المخاطر المستمرة والدعوات إلى الحذر، تجاهل الكثيرون النصائح الرسمية بالانتظار حتى تتضح الأمور. وحثت الحكومة اللبنانية والجيش الإسرائيلي الناس على عدم العودة بعد، مشيرين إلى مخاوف تتعلق بالسلامة.

كان الوضع متوترًا بشكل خاص في المناطق الجنوبية، حيث يعمل حزب الله وحيث استمر النشاط العسكري حتى بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار.

اقرأ أيضا.. وفد أمني مصري يتوجه لإسرائيل للضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة

وقف إطلاق النار وهدوئه الهش

لقد أدى وقف إطلاق النار، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة، إلى إنهاء أكثر من عام من الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله، والتي تصاعدت خلال الصراع الأوسع بين إسرائيل وحماس.

كان القتال بين إسرائيل وحزب الله محصوراً نسبياً في تبادل إطلاق الصواريخ، لكنه اشتد في الخريف عندما استهدفت إسرائيل قيادة حزب الله في جنوب لبنان، وأسفر الصراع عن مقتل حوالي 3700 لبناني وتشريد أكثر من 1.2 مليون شخص، حيث وجد العديد منهم ملجأ في الضاحية الجنوبية لبيروت.

أوقف وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ فجر الأربعاء، العمليات العسكرية في البداية. ومع ذلك، واصل المتحدثون باسم قوات الدفاع الإسرائيلية تحذير المواطنين اللبنانيين من العودة إلى المناطق الواقعة على طول الحدود والتي لا تزال غير مستقرة.

في يوم الخميس، نشر المتحدث باسم قوات الاحتلال الإسرائيلية خريطة تحدد منطقة محظورة على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وتشير إلى المناطق التي يجب على المدنيين تجنبها، بسبب الأنشطة العسكرية الجارية واحتمال وقوع المزيد من الاشتباكات.

ادعاء حزب الله بالنصر

لقد أشاد حزب الله، إلى جانب أنصاره، بوقف إطلاق النار باعتباره انتصارًا، حيث أكد زعيم كتلة حزب الله البرلمانية محمد رعد أن المجموعة “هزمت” إسرائيل في لبنان.

ومع ذلك، أعرب العديد من اللبنانيين، وخاصة أولئك الذين يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها حزب الله، عن مخاوفهم بشأن المستقبل.

من بينهم سوسن ضاهر، وهي امرأة نازحة من الضاحية الجنوبية لبيروت، والتي حذرت من أن جهود إعادة الإعمار قد تتعثر إذا احتفظ حزب الله بالسيطرة على أسلحته، مما يعيق الاستثمارات المحتملة لدول الخليج التي تهدف إلى إعادة بناء لبنان.

عدم اليقين بشأن نزع سلاح حزب الله

تتمثل إحدى القضايا الرئيسية في قلب اتفاق وقف إطلاق النار في القيود المفروضة على الوجود العسكري لحزب الله جنوب نهر الليطاني، على بعد حوالي 30 كيلومترًا من الحدود الإسرائيلية. يردد هذا الترتيب قرارًا للأمم المتحدة من حرب إسرائيل وحزب الله عام 2006، لكن تنفيذه ظل غير مكتمل.

لكن هل من الممكن أن يكون هناك أي اتفاق بين إسرائيل وحزب الله؟ لا يزال الخبراء، مثل سامي نادر من معهد ليفانت للشؤون الاستراتيجية، متشككين بشأن مستقبل جهود نزع السلاح، في ظل عدم وجود خطة واضحة بشأن من سيتولى نزع سلاح حزب الله، وخاصة في المناطق الواقعة شمال نهر الليطاني.

الانقسامات على جانبي الحدود

في حين كان رد الفعل اللبناني متفائلاً بحذر، فإن العديد من الإسرائيليين أكثر حذراً بشأن استدامة وقف إطلاق النار والعواقب الطويلة الأجل للهدنة.

أظهر استطلاع رأي حديث انقسام الجمهور الإسرائيلي، حيث أيد 37% وقف إطلاق النار مع حزب الله، وعارضه 32%، ولم يقرر 31%. وهذا يعكس عدم الارتياح في إسرائيل، وخاصة في المناطق الشمالية، التي تأثرت بشدة بالصراع.

حث القادة الإسرائيليون، بما في ذلك زئيف إلكين، الوزير المسؤول عن إعادة تأهيل شمال إسرائيل، على ضبط النفس.

حذر إلكين من أنه في حين يستمر وقف إطلاق النار لفترة أولية مدتها 60 يومًا، فمن السابق لأوانه اتخاذ أي قرارات بشأن متى سيكون من الآمن للنازحين العودة. وعلى حد تعبيره، “إذا ثبتت الهدنة نفسها خلال الشهرين المقبلين، فسوف يتم اتخاذ قرار بشأن تغيير السياسة”.

سلام هش وعدم يقين في المستقبل

إن اتفاق وقف إطلاق النار يحمل وعد السلام، ولكنه لا يزال هشاً. وفي حين يتصارع الجانبان مع تعقيدات التعافي بعد الصراع والتوترات السياسية، فإن الطريق إلى الأمام لا يزال غير مؤكد. فالمواطنون اللبنانيون العائدون إلى ديارهم مبكراً قد يواجهون مخاطر، والإسرائيليون الذين فروا من الشمال مترددون في العودة إلى ديارهم.

في هذا الوضع المتقلب، فإن الاختبار الحقيقي سيكون ما إذا كان وقف إطلاق النار يمكن أن يصمد لفترة كافية للسماح بسلام حقيقي ودائم أو ما إذا كانت التوترات الكامنة سوف تشتعل بسرعة مرة أخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى