لقاء جديد في باكو غدًا.. هل تقترب سوريا وإسرائيل من اتفاق تاريخي؟
في خطوة جديدة تعكس تصاعد وتيرة الاتصالات الإقليمية، يلتقي وزير الخارجية السوري في الحكومة الانتقالية أسعد الشيباني بوزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر غداً الخميس في العاصمة الأذربيجانية باكو،
وبحسب تقارير فإن اللقاء المرتقب يثير تساؤلات واسعة حول مستقبل العلاقات بين الطرفين، في ظل متغيرات متسارعة تشهدها الساحة السورية منذ سقوط نظام بشار الأسد.
جنوب سوريا في قلب المحادثات بين دمشق وإسرائيل
يُتوقع أن يتمحور اللقاء حول “الوضع الأمني في جنوب سوريا”، بحسب المصدر ذاته، وذلك بعد أسابيع من تصاعد التوتر في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية.
وشهدت المحافظة مواجهات دامية اندلعت في 13 تموز/يوليو بين مسلحين محليين وآخرين من البدو، قبل أن تتدخل قوات النظام السابق، ما أدى إلى سقوط أكثر من 1400 قتيل، معظمهم من الدروز، وفق ما أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وشنّت إسرائيل خلال تلك الفترة ضربات جوية استهدفت مواقع استراتيجية في دمشق، أبرزها قرب القصر الرئاسي ومقر هيئة الأركان العامة، في محاولة لاحتواء التصعيد ومنع تمدد نفوذ الجماعات المسلحة أو الفوضى الأمنية على حدودها الشمالية.
وساطة أمريكية وتنسيق روسي
الاجتماع المقرر في باكو يأتي بعد لقاء مماثل عقد الجمعة الماضية في باريس برعاية أمريكية، وتناول “سبل احتواء التصعيد وإمكانية تفعيل اتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974″، بحسب ما نقل الإعلام الرسمي السوري عن مصدر دبلوماسي.
وكانت باكو قد استضافت أول لقاء رسمي بين الشيباني وديرمر في 12 تموز/يوليو، ما يشير إلى تحوّل أذربيجان إلى منصة دبلوماسية جديدة للوساطة بين دمشق وتل أبيب.
وبحسب المصادر، فإن واشنطن تدخلت مباشرة لفرض تهدئة بين الطرفين، ما أسفر عن إعلان وقف لإطلاق النار ليل 18-19 تموز/يوليو بين سوريا وإسرائيل، في أعقاب الضربات والغارات المتبادلة.
موسكو على خط التهدئة
قبيل توجهه إلى باكو، يجري وزير الخارجية السوري زيارة إلى موسكو، هي الأولى من نوعها منذ تشكيل السلطة الانتقالية، وتتناول ملفات أمنية ودبلوماسية حساسة.
وأوضح المصدر الدبلوماسي أن أبرز الملفات المطروحة تشمل “مستقبل القواعد العسكرية الروسية، وشروط بقائها، وحقوق التشغيل الخاصة بها”، في إشارة إلى قاعدتي حميميم الجوية وطرطوس البحرية.
كما تشمل المحادثات “تعزيز التعاون الثنائي، واستحقاقات تتعلق بالمقاتلين الأجانب والأمن الداخلي”، إضافة إلى إعادة تنشيط العلاقات الدبلوماسية التي تأثرت مع سقوط الأسد، رغم الدعم الكبير الذي تلقاه من الكرملين طوال سنوات النزاع.
مفاوضات مباشرة بعد سنوات من المواجهة
اللقاءات العلنية بين سوريا وإسرائيل تشكّل تحولاً جذرياً في المشهد السياسي، خصوصاً أن البلدين لا يزالان رسمياً في حالة حرب منذ عام 1948.
ومع سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي، دخلت الدولة العبرية مرحلة جديدة من الانخراط في الملف السوري، شملت ضربات عسكرية ومفاوضات غير مباشرة، وصولاً إلى لقاءات مباشرة في باريس وباكو.
ويقول مراقبون إن السلطة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع باتت تعتمد سياسة واقعية تهدف إلى تجنيب البلاد حرباً مفتوحة في الجنوب، وفتح الباب أمام تفاهمات أمنية قد تشمل لاحقاً ملفات أكثر تعقيداً، مثل الجولان، ونفوذ إيران، وترتيبات الحدود.
اتفاق فضّ الاشتباك يعود إلى الواجهة
يشير تركيز المفاوضات على اتفاق 1974 إلى رغبة في استعادة آلية التهدئة التي حافظت لعقود على استقرار هش في الجولان. وقد انسحبت إسرائيل في ذلك العام من جزء من الأراضي التي احتلتها خلال حرب أكتوبر 1973، مقابل إنشاء منطقة منزوعة السلاح بعمق 80 كيلومتراً بإشراف الأمم المتحدة.
ومع الحديث عن احتمال إعادة تفعيل هذا الاتفاق، يرى محللون أن دمشق وتل أبيب قد تكونان في طريقهما إلى صيغة تفاهم أوسع، تُنهي حالة العداء العلني، وتفتح الباب أمام مفاوضات مستقبلية قد تشمل اعترافاً متبادلاً أو ترتيبات إقليمية برعاية دولية.
اقرأ أيضا: 15 دولة غربية تمهد للاعتراف بفلسطين.. هل اقترب حلم الدولة؟