لماذا تعتبر خطة ترامب لنقل سكان غزة غير مقبولة للأردن؟

القاهرة (خاص عن مصر)- قوبلت خطة الرئيس دونالد ترامب بتولي الولايات المتحدة السيطرة على غزة بينما تستوعب دول أخرى سكانها بمعارضة شديدة من قبل الملك الأردني عبد الله الثاني.
وفقا لتقرير نيويورك تايمز، إن الخطة، التي تقترح النزوح الجماعي لسكان غزة البالغ عددهم مليوني نسمة، تشكل مخاطر كبيرة على الأردن، سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي.
في حين امتنع الملك عبد الله عن المواجهة الصريحة، فقد رفض خطة ترامب بشكل خفي خلال اجتماع في البيت الأبيض، مؤكداً بدلاً من ذلك على التزام الأردن بتوفير الرعاية الطبية للفلسطينيين الجرحى.
وساعد التبادل الدبلوماسي في تخفيف التوترات، حيث ورد أن ترامب تراجع عن التهديدات بقطع المساعدات عن الأردن.
لماذا يعارض الأردن الخطة
الأردن موطن لعدد كبير من السكان الفلسطينيين، يقدر عددهم بين ربع وثلثي سكانه البالغ عددهم 11 مليون نسمة، إن تدفق النازحين من غزة من شأنه أن يغير التركيبة السكانية للبلاد، مما قد يؤدي إلى تعطيل التوازن الداخلي في الأردن بين الأردنيين الأصليين وأولئك من أصل فلسطيني.
إن الهجرة الكبيرة قد تؤدي إلى: إشعال التوترات الداخلية بين الأردنيين من أصل فلسطيني والأردنيين الأصليين، كما ستتسبب في إضعاف طموحات الدولة الفلسطينية من خلال تقويض المطالبة بدولة مستقلة في غزة والضفة الغربية.
وإجهاد الاستقرار الاقتصادي في الأردن، حيث يتطلب المزيد من اللاجئين موارد حكومية، وخلق مخاوف أمنية، مع مخاوف من أن حماس أو غيرها من الجماعات المسلحة قد تنشئ وجودًا في الأردن.
أشار آرون ديفيد ميلر، وهو زميل بارز في مؤسسة كارنيجي، إلى الصراع التاريخي للأردن مع الحركات السياسية الفلسطينية، قائلاً: “إن الأردن لديه تاريخ طويل وسيئ للغاية مع الحركات الفلسطينية المنظمة”.
اقرأ أيضا.. 18 مصرية ضمن قائمة فوربس الشرق الأوسط لأقوى 100 رائدة أعمال عام 2025
تاريخ الصراع الفلسطيني الأردني
إن علاقة الأردن بالفلسطينيين متشابكة بشكل عميق مع تاريخ المنطقة:
1948: بعد إنشاء إسرائيل، فر حوالي 700 ألف فلسطيني إلى الدول العربية المجاورة، بما في ذلك الأردن، الذي ضم الضفة الغربية والقدس الشرقية.
1967: بعد حرب الأيام الستة، استولت إسرائيل على الضفة الغربية، مما دفع 300 ألف فلسطيني آخرين إلى الفرار إلى الأردن.
1970-1971: اندلع صراع أيلول الأسود بين الحكومة الأردنية والفصائل الفلسطينية، وخاصة منظمة التحرير الفلسطينية، مما أسفر عن مقتل الآلاف وطرد مقاتلي منظمة التحرير الفلسطينية إلى لبنان.
ومنذ ذلك الحين، سعى الأردن إلى الحفاظ على الاستقرار من خلال إدارة سكانها الفلسطينيين بعناية، وتجنب صراع سياسي أو عسكري آخر داخل حدودها.
اقتراح ترامب وتداعياته الدبلوماسية
لقد أضاف غموض خطة ترامب إلى القلق، فقد تناوب الرئيس الأمريكي بين الادعاء بأن سكان غزة سيغادرون طواعية واقتراح النزوح القسري، وهو ما من شأنه أن ينتهك القانون الدولي ويقوض أطر السلام القائمة منذ فترة طويلة والتي تدعو إلى حل الدولتين.
إن رفض الأردن قبول اللاجئين بشكل جماعي يتردد صداه في دول عربية أخرى، بما في ذلك مصر، التي قاومت أيضًا خطط نقل سكان غزة إلى شبه جزيرة سيناء.
وفي الوقت نفسه، مارست إدارة ترامب ضغوطًا دبلوماسية من خلال التهديد بقطع المساعدات الأمريكية للأردن ومصر ما لم تمتثل لخطة النقل، ومع ذلك، فشلت مثل هذه التهديدات في التأثير على موقف الملك عبد الله.
الملك عبد الله وموازنة دقيقة
بعيدًا عن المخاوف السياسية، يواجه الملك عبد الله تحديات شخصية وسياسية في التعامل مع اقتراح ترامب:
زوجته الملكة رانيا من أصل فلسطيني، مما يجعل معارضته لخطة التهجير أكثر حساسية من الناحية السياسية.
تاريخ سلالته يتميز بالانتفاضات الفلسطينية، بما في ذلك اغتيال الملك عبد الله الأول في عام 1951 على يد قومي فلسطيني.
واجه والده الراحل الملك حسين اشتباكات عنيفة بين القوات الأردنية والمسلحين الفلسطينيين، وخاصة خلال أحداث أيلول الأسود.
إن أي قرار يُنظر إليه على أنه يقوض الحقوق الفلسطينية قد يضعف مكانته بين المواطنين الأردنيين، في حين أن الفشل في التعاون مع ترامب قد يؤدي إلى توتر العلاقات بين الولايات المتحدة والأردن، وخاصة فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية والدعم الاقتصادي.
التأثير الجيوسياسي الأوسع
لقد أعادت خطة ترامب تشكيل المشهد الدبلوماسي، مما دفع الأردن ومصر ودول عربية أخرى إلى إعادة تأكيد موقفها ضد النزوح الجماعي للفلسطينيين.
يزعم خبراء الشرق الأوسط، بمن فيهم روبرت ساتلوف، مدير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن خطة ترامب تتجاهل التعقيدات التاريخية وديناميكيات القوة الإقليمية: “بقايا عام 1970 تخيم على الجميع في المملكة”.