ليبيا على صفيح ساخن.. هل بدأت ترتيبات الإطاحة بالدبيبة؟
في تحرك غير معلن، التقى رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، بعضو المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، في اجتماع مفاجئ يُعتقد أنه ناقش خطوات تشكيل حكومة موحدة جديدة، وسط تصاعد الضغوط السياسية والشعبية على رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة.
اللقاء، الذي لم يكشف عن مكان انعقاده، أثار تساؤلات حول مآلات المشهد السياسي الليبي، وإمكانية دخول البلاد مرحلة ما بعد الدبيبة.
اجتماع لبحث تشكيل حكومة جديدة
اللقاء الذي أكده المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب، ركز على “مستجدات الأوضاع السياسية، والخطوات العملية لاختيار خريطة طريق واضحة تؤدي إلى تشكيل حكومة موحدة تمهد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المتزامنة”، بحسب البيان الصادر عقب الاجتماع.
الاجتماع يأتي في وقت لا يزال فيه خالد المشري طرفًا مؤثرًا داخل المجلس الأعلى للدولة، رغم الخلاف المستمر مع محمد تكالة حول أحقية الرئاسة، ما يلقي بظلال من الشك على شرعية أي تفاهمات سياسية يشارك فيها باسم المجلس.
تصاعد الضغط الشعبي على الدبيبة في ليبيا
يتزامن هذا اللقاء مع موجة غضب شعبي متنامية ضد حكومة عبد الحميد الدبيبة، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية، واحتجاجات متكررة تطالب برحيله، متهمة إياه بالفشل وسوء الإدارة والفساد.
ورغم هذا، يصر الدبيبة على أنه لن يسلم السلطة إلا لحكومة منتخبة، مستندًا إلى شرعيته المستمدة من مخرجات ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي انعقد في جنيف عام 2021.
لكن تحركات عقيلة والمشري توحي بمحاولة لتشكيل “أمر واقع جديد”، يتجاوز عقبة الانتخابات التي تعثرت مرارًا بسبب الانقسامات الدستورية والسياسية.
البعثة الأممية تُحذر
ورغم رفض بعثة الأمم المتحدة في ليبيا لتشكيل أي حكومة جديدة دون توافق وطني شامل، فإن الأطراف المناوئة لحكومة الدبيبة، وبدعم من قوى شرق البلاد، تمضي في طريقها نحو تشكيل بديل سياسي، ربما يعيد البلاد إلى مربع الانقسام المؤسسي الذي ساد بين عامي 2014 و2020.
هذا السيناريو يُنذر بإحياء حقبة الحكومتين المتنازعتين، حيث تتصارع السلطات التنفيذية على الشرعية، وتتنازع المؤسسات على الموارد والصلاحيات، في وقت تشهد فيه ليبيا تراجعًا اقتصاديًا وأمنيًا حادًا.
خطر المواجهة في طرابلس
تصريحات سابقة لرئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة ألمح فيها إلى “احتمال استخدام القوة لحماية الشرعية”، تعزز المخاوف من إمكانية اندلاع مواجهة مسلحة في العاصمة طرابلس، إذا قررت الأطراف المناوئة له الدفع بتشكيل حكومة جديدة دون توافق دولي.
ورغم أن حكومة الدبيبة تحظى بدعم مجموعات مسلحة قوية في غرب البلاد، فإن بعض هذه الكتائب بدأت تُبدي امتعاضًا من الوضع القائم، ما يفتح الباب أمام تبدّل التحالفات، ويزيد من تعقيد المشهد الأمني في العاصمة.
حكومة “موحدة” أم شرخ جديد؟
رغم الحديث عن “حكومة موحدة” من قبل عقيلة والمشري، إلا أن مراقبين يعتبرون أن أي حكومة تُشكّل خارج إطار الشرعية الدولية وبعيدًا عن المشاركة الواسعة لجميع الأطراف الفاعلة، ستكون بمثابة حكومة موازية تهدد بإعادة البلاد إلى مشهد الانقسام والتناحر.
ومع غياب إرادة سياسية موحدة، يظل مستقبل المرحلة الانتقالية هشًّا، وقابلًا للانف.جار في أي لحظة، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق وطني يضمن انتقالًا سلميًا عبر انتخابات حرة ونزيهة.
ليبيا على مفترق حاسم
وفق مراقبون فإن التحرك الأخير بين عقيلة والمشري يعيد خلط الأوراق في المشهد الليبي، ويضع الدبيبة أمام معادلة معقدة، عنوانها الرحيل عبر الصناديق أو البقاء بالقوة. وبين الضغوط الشعبية، والمناورات السياسية، والانقسامات داخل المؤسسات، تقف ليبيا اليوم على مفترق طرق حاسم.
فإما السير نحو اتفاق شامل يضمن استقرارًا وانتقالًا ديمقراطيًا، أو الانزلاق إلى مواجهة قد تعيد البلاد سنوات إلى الوراء، وتُدخلها في دوامة صراع مفتوح بين القوى المتنافسة على الشرعية والسلطة.
اقرا أيضا.. من المهجر إلى الوطن.. كيف يقود اللاجئون السوريون في ألمانيا مبادرات الإعمار بدمشق؟