مأساة غزة.. بين الأنقاض الأحياء يحسدون الأموات
القاهرة (خاص عن مصر)- مع صمت المدافع في غزة، يثير الدمار الذي خلفته وراءها سؤالًا مروعًا: ما الذي حققته هذه الحرب حقًا؟ يقضي عالم اللغويات محمد الشناط، وهو مناصر للسلام منذ فترة طويلة، أيامه الآن في استعادة جثث أحبائه. وفي رسالة نصية لخَّص اليأس الذي يشعر به كثيرون: “غزة الحبيبة قد ولَّت.. الناجون يحسدون الموتى”.
تكلفة الصراع
بحسب مقال نيكولاس كريستوف، في نيويورك تايمز، كانت حرب غزة فشلًا كارثيًا على جميع الجبهات. لقد جلبت هجمات حماس في أكتوبر 2023 معاناة هائلة للفلسطينيين بدلاً من تمكينهم. وفي الوقت نفسه، أسفرت الاستجابة العسكرية الإسرائيلية عن مقتل عشرات الآلاف، دون تفكيك حماس بالكامل أو تأمين إطلاق سراح جميع الرهائن.
أسفرت الحرب عن بتر آلاف الأطفال الفلسطينيين، وأودت بحياة 377 عاملًا إنسانيًا. لقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية الآن مذكرات اعتقال بحق زعماء من كلا الجانبين بتهمة ارتكاب جرائم حرب مُشتبه بها؛ مما يؤكد وحشية الصراع.
دورة عنف عقيمة
على الرغم من الخسائر الكبيرة، لا تزال حماس تسيطر على غزة، تحت قيادة محمد السنوار الآن. تشير التقارير إلى أن مسلحيها يواصلون العمل بموارد سليمة؛ مما يثير تساؤلات حول فعالية الحملة العسكرية الإسرائيلية.
حذَّر وزير الخارجية الأمريكي السابق أنتوني بلينكن من أن العمل العسكري وحده لا يمكن أن يهزم حماس، مؤكدًا الحاجة إلى استراتيجية واضحة لما بعد الحرب للفلسطينيين. ومع ذلك، لا تزال حماس وإسرائيل حبيسة حلقة من نزع الإنسانية، حيث يُنظر إلى القوة الغاشمة على أنها اللغة الوحيدة التي يفهمها الجانب الآخر.
الخسائر الإنسانية
إن المعاناة التي لحقت بالمدنيين على الجانبين مذهلة. إن اختطاف حماس لرضيع إسرائيلي، كفير بيباس، يقف بمثابة تذكير قاتم بتكتيكات المجموعة. في الوقت نفسه، أفادت الأمم المتحدة أن أكثر من 3000 طفل فلسطيني دون سن الخامسة لقوا حتفهم بسبب الجوع والتعرض للعنف.
تشير التحقيقات التي أجرتها صحيفة نيويورك تايمز إلى أن السلطات الإسرائيلية أضعفت بشكل كبير الحماية للمدنيين خلال حملتها العسكرية. وفي الوقت نفسه، تشير التقارير إلى أن قيادة حماس اعتبرت الضحايا الفلسطينيين وسيلة لتعزيز أهدافها السياسية.
اقرأ أيضًا: بوتين يؤكد: تفادي الحرب في أوكرانيا كان ممكنًا في حالة محددة.. ما هي؟
وقف إطلاق النار أم مجرد توقف مؤقت؟
مع وقف إطلاق النار، يظل السؤال الرئيسي: هل هذه خطوة نحو السلام أم مجرد هدوء مؤقت قبل جولة أخرى من إراقة الدماء؟ يستمر العنف في الضفة الغربية، حيث يعمل المستوطنون الإسرائيليون بإفلات من العقاب.
عادت التكهنات حول ضم الضفة الغربية إلى الظهور، مما أثار المخاوف بشأن المزيد من زعزعة الاستقرار. إن اتفاق وقف إطلاق النار نفسه يؤجل القضايا الحاسمة، مما يعكس نمطًا في دبلوماسية الشرق الأوسط حيث يتم دفع المحادثات الصعبة إلى مستقبل غير مؤكد.
دور القوى العالمية
يظل النفوذ الأمريكي حاسمًا في تشكيل المشهد بعد الحرب. ويأمل البعض أن تتمكن واشنطن، تحت قيادة الرئيس ترامب ووزير الخارجية ماركو روبيو، من الاستفادة من علاقتها بإسرائيل للتوسط في مسار نحو إقامة دولة فلسطينية في مقابل اعتراف السعودية بإسرائيل. ورغم أن الشكوك لا تزال قائمة، فإن الولايات المتحدة لعبت دوراً محورياً في تأمين وقف إطلاق النار، مما يدل على أن الضغوط الخارجية يمكن أن تسفر عن نتائج.