مباحثات رفيعة المستوى| مصر وإيطاليا تخططان لأمن المتوسط.. ما هي أوجه التعاون العسكري بين البلدين؟

شهدت القاهرة مؤخرًا زيارة رسمية مهمة لوزير الدفاع الإيطالي، جويدو كروسيتو، جاءت في إطار تعزيز الشراكة العسكرية المتنامية بين مصر وإيطاليا، في ظل تحولات متسارعة على الساحتين الإقليمية والدولية.

اللقاء الذي جمعه بالرئيس عبدالفتاح السيسي وأعقبه لقاء الفريق أول عبد المجيد صقر، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، مثّل محطة بارزة في مسار التعاون الدفاعي بين البلدين، خاصة في ظل تنامي التهديدات الأمنية في منطقة البحر المتوسط.

مصر وإيطاليا .. تنسيق عسكري موسع ومشاركة في الملفات الإقليمية

خلال المباحثات الثنائية، تم بحث ملفات التعاون العسكري بين الجيشين المصري والإيطالي، مع التركيز على آليات تبادل الخبرات، وتكثيف البرامج التدريبية المشتركة. اللقاء حضره قادة الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة من الجانبين، ما عكس الجدية في الدفع بهذه العلاقات إلى مستويات أعمق وأكثر فاعلية.

لقاء جمع بين الرئيس السيسي والفريق أول عبدالمجيد صقر ووزير الدفاع الإيطالي

المحادثات لم تقتصر على الجوانب العسكرية الصرفة، بل شملت أيضًا القضايا الإقليمية، وعلى رأسها تطورات الوضع في الأراضي الفلسطينية. وتم التأكيد على ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإنهاء المعاناة الإنسانية، وتثبيت مبدأ حل الدولتين بإقامة دولة فلسطينية مستقلة، كخيار وحيد لتحقيق الاستقرار الإقليمي.

دعم إيطالي لمصر في قضايا الهجرة ومكافحة الإرهاب

وقد أبدى وزير الدفاع الإيطالي تقدير بلاده لجهود مصر في مكافحة الهجرة غير الشرعية، مشيرًا إلى نجاح القاهرة في وقف انطلاق قوارب الهجرة من سواحلها منذ عام 2016. كما أكد على دعم روما الكامل لمصر في حربها ضد الإرهاب، معتبرًا أن المعركة التي تخوضها القاهرة ليست دفاعًا عن حدودها فحسب، بل عن أمن المتوسط وأوروبا بأسرها.

وزير الدفاع المصري خلال لقاءه نظيره الإيطالي

هذا التفاهم يأتي في ظل تقارب كبير بين البلدين بشأن قضايا أمن المتوسط، ومكافحة التنظيمات المتطرفة، خصوصًا في منطقة شمال إفريقيا والقرن الإفريقي، حيث تتشارك مصر وإيطاليا الرؤية حول ضرورة كبح جماح التيارات الأصولية، ومنع تداعياتها على أمن القارة الأوروبية.

شراكة في التصنيع والتسليح والتدريب البحري

على صعيد التعاون التسليحي، شهدت العلاقات بين البلدين خلال السنوات الماضية تطورًا لافتًا. فقد تسلمت مصر فرقاطة إيطالية من طراز “فريم بيرجاميني” تُعرف باسم “الجلالة”، بُنيت في شركة “فينكانتييري”، وهي واحدة من أصل صفقتين تم التعاقد عليهما.

وتتميز هذه الفرقاطة بقدرات قتالية عالية، ومدى إبحار يصل إلى 6000 ميل بحري، إضافة إلى منظومات تسليح متقدمة تؤهلها لأداء مهام متعددة في المياه الإقليمية والدولية.

إلى جانب التسليح، شهدت العلاقات توسعًا في التدريبات البحرية المشتركة، وهو ما أكده الاتفاق الأخير على زيادة عدد المناورات مع الجانب الإيطالي. وتهدف هذه التدريبات إلى الاطلاع على أحدث التطورات في التكنولوجيا العسكرية، ومشاركة الفكر القتالي، والاستفادة من منظومات التدريب المتقدمة لدى الجانب الإيطالي، خاصة في مواجهة العدائيات الحديثة والمعقدة.

لقاءات رفيعة المستوى تؤكد الطابع الاستراتيجي للعلاقات

الزيارة الأخيرة سبقتها عدة لقاءات عسكرية رفيعة المستوى، من بينها اجتماع رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية الفريق أحمد خليفة، بنظيره الإيطالي الفريق أول لوتشيانو بورتولانو في مايو الماضي.

اللقاء تطرق إلى سبل تعميق الشراكة العسكرية، وتعزيز التنسيق في مجالات متعددة، بما يخدم المصالح الاستراتيجية لكلا البلدين في ظل التحديات المتصاعدة في المنطقة.

تحالف دفاعي يتجاوز التعاون التقليدي

العلاقات العسكرية المصرية-الإيطالية باتت تتجاوز التعاون التقليدي لتأخذ طابعًا استراتيجيًا متكاملاً، يقوم على المصالح المشتركة ومجابهة التحديات العابرة للحدود.

ومن الواضح أن الجانبين يعملان على توسيع هذه الشراكة لتشمل المجالات التقنية، واللوجستية، والبحثية، في إطار بيئة أمنية دولية لا تعرف التباطؤ في وتيرتها أو مخاطرها.

وبينما تسعى القاهرة إلى تنويع مصادر تسليحها وبناء شبكة علاقات عسكرية متعددة الاتجاهات، تبدو روما حريصة على تعزيز دورها في شرق المتوسط وأفريقيا عبر بوابة الشراكة مع مصر، القوة الإقليمية المؤثرة.

اقرأ أيضاً.. دولة عربية تتفوق على إسرائيل.. من يفوز بمناورات القوات الجوية في سماء الشرق الأوسط؟

زر الذهاب إلى الأعلى