مبعوث ترامب يقدم مقترحًا لتقسيم أوكرانيا مثل برلين بعد الحرب.. اقتراح سلام

القاهرة (خاص عن مصر)- في مقابلة حصرية مع صحيفة التايمز، قدّم الجنرال كيث كيلوج، المبعوث الخاص للرئيس ترامب مقترحًا لتقسيم أوكرانيا، وهو اقتراح استفزازي ومثير للجدل لحل الصراع الدائر بين أوكرانيا وروسيا.

استلهم كيلوج من برلين ما بعد الحرب العالمية الثانية، مقترحًا تقسيم أوكرانيا إلى مناطق سيطرة على غرار الطريقة التي قُسِّمت بها برلين بين قوى الحلفاء، وتُقدّم تعليقاته لمحةً واضحةً عن النهج الأمريكي لإنهاء الحرب الدائرة منذ ثلاث سنوات في أوكرانيا، وإن كان هذا النهج قد أثار مخاوف كبيرة.

إعلان

الرؤية: مقترحًا لتقسيم أوكرانيا

يُتوخى اقتراح كيلوج إنشاء قوة حفظ سلام بقيادة غربية، تضم قوات بريطانية وفرنسية، متمركزة في الجزء الغربي من أوكرانيا، وستتولى هذه القوات إدارة المنطقة الغربية، بينما ستواصل القوات الروسية السيطرة على المناطق الشرقية من البلاد.

سيكون نهر دنيبرو، الذي يشق أوكرانيا من الشمال إلى الجنوب، بمثابة خط ترسيم محتمل بين مناطق النفوذ هذه، بين هذه المناطق، يقترح كيلوج منطقة منزوعة السلاح (DMZ) للحد من احتمالية نشوب صراع مباشر بين القوات المتعارضة.

أكد كيلوج، المنخرط بعمق في الجهود الدبلوماسية الأمريكية لإنهاء الحرب، أن هذا التقسيم لن يكون استفزازيًا لروسيا، وعلق كيلوج قائلًا: “يكاد الأمر أن يُشبه ما حدث في برلين بعد الحرب العالمية الثانية”، مقارنًا ذلك بالمناطق الأمريكية والبريطانية والفرنسية والروسية في برلين.

كما تدعو خطته إلى وقف إطلاق النار، حيث تحتل القوات الأوكرانية منطقة محايدة بين الجبهتين الشرقية والغربية.

مقارنات مثيرة للجدل وردود فعل دولية

في حين أن التشبيه ببرلين ما بعد الحرب قد أثار الدهشة، إلا أنه ليس خاليًا من التعقيدات. فعلى عكس استسلام ألمانيا للقوى الغازية بعد الحرب العالمية الثانية، ستستدعي أوكرانيا قوات أجنبية للمساعدة في فرض السلام، بدلًا من أن تخضع للاحتلال.

مع ذلك، يرى بعض النقاد أن تشبيه برلين يفتقر إلى اللباقة، لا سيما وأن إحدى مبررات روسيا الأولية لغزو أوكرانيا كانت “تطهير البلاد من النازية” – وهو ادعاء رُفض على نطاق واسع.

علاوة على ذلك، يُقرّ الاقتراح ضمنيًا بسيطرة روسيا الفعلية على الأراضي التي تحتلها. وبينما كان كيلوج واضحًا في عدم التنازل عن أي أراضٍ أخرى لروسيا، فإن اقتراح أن يصبح نهر دنيبرو خطًا فاصلًا يُمثّل تحولًا كبيرًا في السياسة الأمريكية، وقد يُثير جدلًا في كييف، التي دأبت على رفض أي فكرة للتنازل عن الأراضي.

وقف إطلاق النار، والانتخابات، ومحادثات السلام

ناقش كيلوج أيضًا إمكانية إجراء أوكرانيا انتخابات جديدة بمجرد التوصل إلى وقف إطلاق النار. ونظرًا لعدم إجراء أوكرانيا أي انتخابات منذ ما يقرب من عام بسبب الصراع الدائر، فإن اقتراح كيلوج يتماشى مع استراتيجية ترامب الدبلوماسية الأوسع نطاقًا للتوصل إلى حل.

مع ذلك، يبقى هذا الأمر من اختصاص الحكومة الأوكرانية، وقد أوضح كيلوج أن أي قرار يتعلق بالانتخابات ستُتخذه كييف، وليس واشنطن.

بالإضافة إلى ذلك، سلّطت تصريحات كيلوج الضوء على استئناف المناقشات الأمريكية الأوكرانية حول صفقة معادن محتملة. وقد وصل مسؤولون أوكرانيون إلى واشنطن للتفاوض على الوصول إلى معادن أوكرانيا الحيوية مقابل استمرار الدعم والاستثمار الأمريكي في إعادة إعمار البلاد بعد الحرب.

اقرأ أيضا.. ستاندرد آند بورز ترفع النظرة المستقبلية السيادية لمصر إلي مستقرة وتؤكد تصنيفها الائتماني

دور روسيا ومشاركة الناتو

مع استمرار تصاعد الصراع، لا يزال موقف روسيا من قوات حفظ السلام ثابتًا. وقد صرّح وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف، مرارًا وتكرارًا بأن روسيا لن تقبل بقوات حفظ سلام من دول الناتو تحت أي ظرف من الظروف. يُشكّل هذا الموقف المتشدد تحديات كبيرة لمقترح كيلوج، إذ إن وجود القوات الغربية قد يُفاقم التوترات.

أقرّ كيلوج بأن فلاديمير بوتين قد لا يقبل فكرة تقسيم أوكرانيا إلى مناطق سيطرة. لمنع نشوب صراعات عرضية بين قوات الناتو والقوات الروسية، أكد كيلوج على ضرورة إنشاء منطقة منزوعة السلاح، حيث يسحب الجانبان قواتهما لإنشاء منطقة محايدة.

رغم خطر الانتهاكات، يعتقد كيلوج أن مثل هذه الخطة ستكون قابلة للرصد ويمكن أن تهيئ الظروف لوقف إطلاق النار.

الديناميكيات المتغيرة للدعم الأمريكي والاستياء الأوروبي

في حين أثار اقتراح كيلوج جدلاً في أوكرانيا وأوروبا، فإنه يعكس أيضاً تحولات أوسع في السياسة الأمريكية فيما يتعلق بدورها في الصراع.

كان هناك قلق متزايد بين القادة الأوروبيين من تعثر استراتيجية التحالف الأنجلو-فرنسي، في ظل عدم وجود خطة واضحة لأوكرانيا ما بعد الصراع. رداً على ذلك، أكد وزير الدفاع البريطاني جون هيلي أن الاتحاد الأوروبي ليس جزءاً من التخطيط الحالي لقوة حفظ السلام، وأن التركيز سيبقى على دعم الجهود العسكرية لأوكرانيا.

مع ذلك، حذّر كيلوج القادة الأوروبيين، وخاصةً من المملكة المتحدة وفرنسا، من افتراض أن الدعم الأمريكي للتحالف سيظل مضمونًا. ونصح القادة الأوروبيين بالاستعداد لأسوأ السيناريوهات، والتواصل مع واشنطن لإقناعها بضرورة استمرار الدعم.

الطريق إلى الأمام: سلام هش؟

تُتيح تعليقات كيلوج نافذة نادرة على المفاوضات المعقدة والخطيرة التي قد تُحدد مستقبل أوكرانيا. وبينما يُمثّل اقتراحه بتقسيم أوكرانيا مسارًا محتملًا للسلام، إلا أنه محفوف بالمخاطر.

تُثير فكرة تقسيم البلاد على طول نهر دنيبرو تساؤلات حول السيادة الإقليمية، ودور القوات الأجنبية، وجدوى السلام طويل الأمد.

مع استمرار الحرب، لا يزال المجتمع الدولي منقسمًا حول أفضل السبل للمضي قدمًا. ورغم تفاؤل كيلوج بشأن وقف إطلاق النار والانتخابات المُقبلة، فمن الواضح أن أي حل سيتطلب دبلوماسية حذرة، وتعاونًا، واستعدادًا لمواجهة الحقائق السياسية لحربٍ تسببت بالفعل في معاناة هائلة.

في نهاية المطاف، يبقى السؤال مطروحًا: هل تُمثل هذه الرؤية لأوكرانيا المنقسمة الطريق نحو سلام دائم أم بداية لواقع جيوسياسي جديد في أوروبا الشرقية؟ مع تصاعد التوترات الدولية والمحلية، من الواضح أن الطريق أمامنا لن يكون سهلًا على الإطلاق.

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى