محاكمة بشار الأسد.. هل اقترب الرئيس السوري السابق من دفع فاتورة جرائمه؟

طلبت النيابة العامة في فرنسا، الجمعة 4 يوليو تأييد مذكرة التوقيف القضائية الصادرة بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد، المتهم بـ”التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب”، على خلفية الهجمات الكيميائية التي شهدتها الغوطة في عام 2013.

تعود القضية إلى 21 أغسطس 2013، حين استُهدفت منطقتا الغوطة الشرقية ومعضمية الشام قرب دمشق، بهجمات قاتلة باستخدام غاز السارين، ما أدى إلى مقتل أكثر من ألف مدني، بينهم عشرات الأطفال، في واحدة من أبشع المجازر الكيميائية في العصر الحديث.

وقد حمّل تحقيق فرنسي السلطات السورية، وعلى رأسها بشار الأسد، المسؤولية المباشرة عن هذه الهجمات.

بحث الحصانة الرئاسية قبل محاكمة بشار الأسد

عُقدت جلسة مفصلية في محكمة النقض الفرنسية، وهي أعلى هيئة قضائية في البلاد، لمناقشة قضية الحصانة الرئاسية التي يتمتع بها قادة الدول، وما إذا كانت تنطبق على الأسد، خاصة في ظل الشبهات المتعلقة بارتكابه جرائم دولية جسيمة.

النائب العام في محكمة النقض، ريمي هايتز، قدّم توصية جريئة للمحكمة، دعا فيها إلى إسقاط الحصانة الشخصية عن الأسد، مشيرًا إلى أن “فرنسا لا تعترف بشرعية بشار الأسد رئيسًا لسوريا منذ عام 2012″، وأن “الجرائم الجماعية التي ارتكبتها السلطات السورية” تبرّر هذا الاستثناء القضائي النادر.

وسبق لمحكمة الاستئناف في باريس أن أيّدت مذكرة التوقيف في يونيو 2024، لكن النيابة العامة لمكافحة الإرهاب، إلى جانب مكتب المدعي العام في محكمة الاستئناف، تقدّما بطعن استند إلى مبدأ الحصانة المطلقة التي يتمتع بها رؤساء الدول أثناء توليهم مناصبهم، في مواجهة أي إجراءات قانونية صادرة عن دولة أجنبية.

قرار منتظر في 25 يوليو

من المقرر أن تُصدر محكمة النقض الفرنسية قرارها النهائي في 25 يوليو، وسط ترقب حقوقي وسياسي واسع. وفي حال وافقت المحكمة على توصية النيابة العامة، فسيكون بشار الأسد أول رئيس دولة سابق تفقده فرنسا الحصانة الدبلوماسية بشكل رسمي تمهيدًا لملاحقته بتهم ترتبط بمجازر كيميائية ضد المدنيين.

وبحسب مراقبون فإن التحرك القضائي الفرنسي يعكس تحوّلًا في الموقف الأوروبي من المحاسبة الدولية، وقد يشكّل سابقة قانونية تُلزم الدول الأخرى بالسير في الاتجاه ذاته، خصوصًا أن ملف الجرائم في سوريا ظل طوال السنوات الماضية يراوح مكانه بين الاعتراف السياسي والمساءلة القانونية.

ويرى مراقبون أن الملف القضائي ضد الأسد قد يشكّل ورقة ضغط دولية جديدة في عهد ما بعد سقوط نظامه أواخر عام 2024، وتزامنًا مع بدء مرحلة انتقالية جديدة في دمشق بقيادة الرئيس الحالي أحمد الشرع، الذي يحاول طي صفحة الماضي وإعادة علاقات سوريا مع الغرب.

هل تحاكم باريس بشار الأسد نيابة عن الضحايا؟

التحرك الجديد من فرنسا دفع بعض المراقبون للتساؤل حول مدى احتمالية أن تنجح باريس في تجريد الأسد من حصانته وملاحقته جنائيًا؟

وهل تكون هذه الخطوة بداية فعلية لـ”الثأر القضائي” لضحايا مجازر الغوطة؟ الإجابة ستتحدد مع صدور الحكم في 25 يوليو، لكن المؤكد أن الأسد بات في مرمى العدالة الدولية أكثر من أي وقت مضى.

اقرأ أيضا

صفقة القرن بين سوريا وإسرائيل.. هل يكون تقسيم الجولان قربان التطبيع؟

زر الذهاب إلى الأعلى