محاولة اغتيال الرئيس الإيراني.. هل خططت إسرائيل لتصفية مسعود بزشكيان؟

في تطور خطير يعكس تصاعد التوتر بين إيران وإسرائيل، كشف الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان عن نجاته من محاولة اغتيال قال: إن إسرائيل دبَّرتها لاستهدافه خلال اجتماع رسمي، من دون أن يُحدِّد موعد الحادثة بدقة.
جاءت هذه التصريحات في مقابلة خاصة أجراها الإعلامي الأمريكي الشهير تاكر كارلسون، وبُثّت مساء اليوم الإثنين، ما أضفى طابعًا دراميًا ومثيرًا على المشهد السياسي الإقليمي المتوتر أصلًا.
اتهام مباشر لإسرائيل بمحاولة اغتيال بزشكيان
في خضم المقابلة، قال بزشكيان: “حاولوا، نعم. تحركوا على هذا النحو، لكنهم فشلوا”، قبل أن يوضح أن الولايات المتحدة ليست من يقف خلف العملية، بل إسرائيل.
وأضاف: “كنت في اجتماع، حاولوا قصف المنطقة التي كنا نعقد الاجتماع فيها”، وفقًا للترجمة المقدمة من الفارسية.
ورغم امتناعه عن تحديد موعد العملية أو موقعها، فإن تصريحات الرئيس الإيراني فتحت الباب على مصراعيه أمام تساؤلات حول حرب استخباراتية مشتعلة بين طهران وتل أبيب، وسط تصعيد عسكري وأمني متبادل في الأشهر الأخيرة.
تصعيد متواصل
وتأتي هذه الاتهامات في سياق توتر غير مسبوق أعقب الحرب الأخيرة التي اندلعت بين إسرائيل وإيران في يونيو الماضي. ففي الثالث عشر من ذلك الشهر، شنّت إسرائيل حملة قصف مكثفة على الأراضي الإيرانية، استهدفت منشآت نووية ومراكز عسكرية، وأسفرت عن مقتل كبار القادة في الحرس الثوري، إضافة إلى عدد من العلماء النوويين.
ووفق إحصاءات السلطة القضائية الإيرانية، خلّفت الهجمات الإسرائيلية أكثر من 900 قتيل داخل إيران. في المقابل، ردّت طهران بإطلاق طائرات مسيرة وصواريخ استهدفت العمق الإسرائيلي، ما أدى إلى مقتل 28 شخصًا بحسب السلطات الإسرائيلية.
وتدخلت الولايات المتحدة عسكريًا في الحرب التي استمرت 12 يومًا، من خلال تنفيذ ضربات جوية طالت منشآت نووية إيرانية في فوردو، أصفهان، ونطنز، في تصعيد أكد تعقّد المعادلة الإقليمية، ودور واشنطن المحوري فيها.
إسرائيل تلتزم الصمت
حتى الأن، لم تصدر إسرائيل أي تعليق رسمي على تصريحات بزشكيان. فالدولة العبرية تتبع سياسة الغموض وعدم الإقرار أو النفي في ما يتعلق بعملياتها الاستخباراتية خارج الحدود، وخصوصًا تلك المرتبطة بإيران. هذا الصمت يغذي التكهنات، ويمنح مثل هذه التصريحات الإيرانية مساحة للتأثير في الداخل والخارج.
ويرى مراقبون أن بزشكيان من خلال كشفه محاولة اغتيال “فاشلة”، يسعى إلى تعزيز السردية الإيرانية الرسمية التي تعتبر أن الجمهورية الإسلامية مستهدفة بشكل دائم من قوى خارجية، على رأسها إسرائيل. ويهدف هذا الخطاب إلى تأكيد وحدة الصف الداخلي والالتفاف حول القيادة، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد.
وفي الوقت ذاته، يمكن اعتبار هذا التصريح رسالة مزدوجة: للداخل الإيراني بتقديم الرئيس كرمز “صامد” في وجه المؤامرات، وللخارج بتحذير من مغبة استمرار الهجمات على الأراضي الإيرانية، خاصة مع اقتراب استئناف المفاوضات النووية.
بزشكيان.. نرغب بالتفاوض لكن نحتاج ضمانات
رغم التصعيد، أكد الرئيس الإيراني خلال المقابلة استعداد بلاده للعودة إلى طاولة المفاوضات بشأن الملف النووي. وقال بزشكيان: “لا مانع لدينا من استئناف المحادثات، لكن كيف سنثق بالولايات المتحدة مجددًا؟”.
وتساءل: “كيف يمكننا التفاوض وسط احتمال أن تُمنح إسرائيل الإذن مجددًا بمهاجمتنا؟”، في إشارة إلى الضربات السابقة التي نُفّذت بالتزامن مع محاولات إحياء الاتفاق النووي.
نداء إلى ترامب وتحذير من “فخ نتنياهو”
في ختام حديثه، وجّه بزشكيان رسالة مباشرة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض حديثًا، قائلاً: “ترامب قادر على قيادة المنطقة نحو السلام ووضع حد لإسرائيل… أو السقوط في حفرة لا نهاية لها”.
كما اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمحاولة جرّ الولايات المتحدة إلى حرب مفتوحة مع إيران، داعيًا الرئيس الأمريكي إلى عدم الانخراط في هذا “الفخ الإسرائيلي”، على حد تعبيره.
هل بدأ سباق الاغتيالات من جديد؟
رغم أن هذه ليست المرة الأولى التي تتهم فيها إيران إسرائيل بمحاولة اغتيال مسؤولين كبار، إلا أن توجيه الاتهام هذه المرة من رأس الدولة يعطي الموضوع بعدًا جديدًا.
فهل نعيش فعلاً بدايات مرحلة جديدة من الحرب الخفية بين الجانبين، تخرج عن إطار المنشآت والسفن، لتدخل دائرة استهداف القادة السياسيين والعسكريين مباشرة؟
اقرأ أيضًا: أزمة محتملة بين واشنطن وأنقرة بسبب 130 مليون دولار… ما علاقة سوريا؟