مخاوف أمنية أم خلافات سياسية؟ لماذا تراجع الشرع عن المشاركة في القمة العربية ببغداد؟

في خطوة أثارت تساؤلات سياسية وأمنية، أعلن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع تراجعه عن المشاركة في القمة العربية الـ34 المقرر انعقادها في العاصمة العراقية بغداد السبت المقبل، في وقت يتصاعد فيه الجدل حول تمثيل سوريا الرسمي وسط انقسامات حادة داخل البيت السياسي العراقي.
وبحسب تقارير صحفية، كشف مصدر دبلوماسي عربي أن “الشرع لن يشارك في أعمال القمة”، موضحاً أن وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني سيتولى رئاسة وفد دمشق إلى القمة، في أول تمثيل رسمي لسوريا بعد الإطاحة بحكم بشار الأسد.
ويأتي هذا التراجع وسط أجواء سياسية محتقنة داخل العراق، حيث تتعرض حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لضغوط شديدة من فصائل موالية لإيران، رفضت دعوة الشرع، معتبرة حضوره تجاوزًا للثوابت السياسية ومحاولة للالتفاف على المواقف التاريخية لطهران وحلفائها.
الشرع يشعل خلافات سياسية في العراق قبل القمة العربية
وفق تقارير فقد عبرت قوى “الإطار التنسيقي”، التي تمثل الجناح السياسي الأبرز الموالي لإيران في العراق، عن رفضها انفتاح السوداني على دمشق تحت إدارة الشرع.
وفي المقابل، دافع زعيم “تيار الحكمة” عمار الحكيم عن توجه الحكومة، مشيراً إلى أن مشاركة سوريا في القمة تأتي ضمن سياق بروتوكولي بحكم عضويتها في جامعة الدول العربية، ولا تخضع للمساومات السياسية.
لقاء الدوحة يفجر الخلافات بين السوداني والمالكي
وكان اللقاء الذي جمع بين السوداني والشرع في العاصمة القطرية الدوحة الشهر الماضي، قد فجّر أزمة جديدة في بغداد. وصرّح رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي لموقع “بغداد اليوم” أن اللقاء “تم دون علم قادة الإطار أو رئاسة الجمهورية”، معتبراً إياه “خطوة غير محسوبة قد تُعرض العراق لتبعات قانونية ودبلوماسية”.
المالكي ذهب أبعد من ذلك، مشيرًا إلى أن أحمد الشرع لا يزال “مطلوبًا للقضاء العراقي” بتهم تعود إلى فترة نشاطه كمقاتل في صفوف تنظيم القاعدة خلال الاحتلال الأميركي، حيث سُجن في العراق لعدة سنوات قبل أن يغادر ويظهر لاحقًا كمعارض بارز للأسد.
هل تفتح بغداد بابًا للتقارب مع دمشق؟
رغم الحساسيات، تبذل حكومة السوداني جهودًا لإعادة بناء علاقة متوازنة مع الجار السوري. ففي نهاية الشهر الماضي، زار وفد أمني عراقي رفيع بقيادة رئيس جهاز المخابرات الوطني حميد الشطري دمشق، والتقى الرئيس الشرع وعدداً من المسؤولين، حيث ناقش الجانبان ملفات الأمن والتجارة ومكافحة الإرهاب.
ورغم غياب الشرع، تؤكد أوساط حكومية في بغداد أن مشاركة سوريا في القمة تمثل خطوة نحو تطبيع عربي شامل، على أن تتولاها شخصية دبلوماسية لا تثير حفيظة القوى العراقية أو تعقّد الموقف القانوني.
إجراءات أمنية مشددة لتأمين الوفود المشاركة بالقمة العربية
من جهته، أكد وزير الداخلية العراقي عبد الأمير الشمري أن بلاده وضعت “خططًا أمنية متكاملة” لتأمين القمة وحماية الوفود المشاركة، لكنه نفى أن تكون بغداد قد تلقت طلبًا لتوفير ضمانات أمنية خاصة للرئيس الشرع، قائلاً: “إجراءاتنا الأمنية شاملة للجميع، وكل الضيوف يحظون بنفس الأهمية”.
من يمثل سوريا في القمة العربية؟
يبقى السؤال مطروحًا على طاولة القمة: من يمثّل سوريا سياسيًا في المرحلة المقبلة؟ فبينما تصر دمشق على حقها في التمثيل الكامل داخل الجامعة العربية، فإن حضور وزير خارجيتها بدلًا من الرئيس الانتقالي يعكس حجم التحديات التي تواجهها إقليمياً، سواء على المستوى الأمني أو السياسي.
اقرأ أيضًا: برج ترامب والتطبيع.. هل تنجح إغراءات الشرع للرئيس الأمريكي في رفع العقوبات؟