بعد اشتباك الهند وباكستان المثير للقلق.. هل من مَخْرج؟

في الوقت الذي تخوض فيه الهند وباكستان واحدة من أخطر المواجهات في السنوات الأخيرة، ينقسم المحللون حول ما إذا كان هذا يمثل بداية صراع أكبر أم نقطة تحول نحو التهدئة.

وفقًا لتحليل نشرته نيويورك تايمز، في أعقاب مذبحة إرهابية مدمرة في كشمير، شنت الهند ردًا عسكريًا عنيفًا، مستهدفةً مواقع متعددة في باكستان.

إعلان

قُوبلت هذه الضربات، التي مثّلت أعنف عمل بين الخصمين النوويين منذ عقود، بإجراءات مضادة من باكستان، بما في ذلك مزاعم إسقاط طائرات هندية. ومع ذلك، تُمثل العواقب وضعًا دقيقًا حيث يبدو أن كلا الجانبين لديه ما يكفي لادعاء النصر، ومع ذلك لم يتخذ أي منهما الخطوة النهائية نحو حرب شاملة. رد الهند المدروس على الإرهاب

أكدت المذبحة التي وقعت في كشمير، والتي ربطتها الهند مباشرةً بالجماعات الإرهابية المتمركزة في باكستان، على ضرورة التحرك. وأكدت الحكومة الهندية، بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، أن العمل العسكري كان ردًا مستهدفًا ومحدودًا يستهدف الإرهابيين العاملين في باكستان.

رغم الدمار الذي أودى بحياة أكثر من 20 شخصًا في باكستان، شدد المسؤولون الهنود على أن الضربات لم تكن تهدف إلى إثارة المزيد من التصعيد، حيث وصفها وزير الخارجية فيكرام مصري بأنها “مدروسة، وغير تصعيدية، ومتناسبة، ومسؤولة”.

وبإبقاء الضربات مركزة على مواقع إرهابية معروفة، بدا أن الهند تُشير إلى أن ردها كان استراتيجيًا ومدروسًا لتجنب صراع أوسع. وقد سمح هذا النهج للهند بإظهار العزيمة، مع إدارة الغضب الشعبي إزاء الهجمات المميتة في كشمير.

ادعاء باكستان بالنصر وضبط النفس الاستراتيجي

على الجانب الباكستاني، سارع المسؤولون العسكريون إلى تأكيد نجاحهم في إسقاط عدة طائرات هندية، مُعلنين تحقيق نصر كبير. في خطاب عام، أشاد رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف بضبط النفس الذي أظهرته قواته، مشيرًا إلى أن استعدادها للرد على العدوان الهندي كان سريعًا ومدروسًا.

مع ذلك، وبينما صوّرت باكستان المواجهة على أنها انتصار، إلا أن هناك دلائل على أنها ليست متحمسة لمزيد من التصعيد. ففي ظل اقتصاد متعثر ووضع أمني معقد أصلًا، تواجه باكستان مهمة صعبة: إذ يجب عليها إظهار قوتها دون التسبب في عواقب وخيمة.

يعتقد بعض المحللين أن ادعاءات باكستان بإسقاط طائرات هندية قد تكون بمثابة رد فعل كافٍ، يسمح لها بحفظ ماء الوجه مع تجنب الحاجة إلى ضربة انتقامية على الأراضي الهندية. ويجادلون بأن باكستان قد تكتفي بتأثير الردع الذي تحققه من خلال إظهار قدراتها العسكرية.

اقرأ أيضًا: تصعيد عسكري بين الهند وباكستان.. صواريخ على كشمير وإسلام آباد تتوعد بالرد

الهند وباكستان: مبررات خفض التصعيد

على الرغم من الخطابات الحادة والتبادلات العسكرية، تتزايد الآمال بين الدبلوماسيين والمحللين في أن يتمكن الجانبان من تجنب حرب شاملة. إن النهج المدروس الذي اتبعته الهند في ضرباتها، وإمكانية لعب الدبلوماسية دورًا في تخفيف التوترات، يُعطيان بصيص أمل.

أكد شاشي ثارور، عضو البرلمان الهندي، أن الإجراءات العسكرية الهندية محسوبة بعناية لتجنب صراع طويل الأمد، حيث تهدف الحكومة إلى توجيه رسالة واضحة دون فتح الباب أمام حرب أوسع نطاقًا.

مع ذلك، يبقى المجتمع الدولي ذا أهمية حاسمة في هذه المرحلة الدقيقة. وقد أكد خبراء مثل مؤيد يوسف، مستشار الأمن القومي الباكستاني السابق، على ضرورة الدبلوماسية الدولية للمساعدة في إدارة الأزمة. وحذّر من أنه إذا لم يتم احتواء التوترات، فإن المنطقة معرضة لخطر الانزلاق إلى صراع أكثر خطورة ذي تداعيات عالمية.

المناورات الدبلوماسية: مسؤولية عالمية

في حين أن الدولتين لا تزالان في حالة تأهب قصوى، لا يمكن المبالغة في أهمية دور المجتمع الدولي في منع المزيد من التصعيد. وكما أشار محللون ومسؤولون سابقون، فإن هذا الوضع يتطلب مشاركة دبلوماسية مستدامة، وخاصة من قوى عالمية مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين، لتسهيل الحوار بين الهند وباكستان.

في غياب إطار دولي متين لإدارة الأزمات، قد يجد العالم نفسه يواجه هذه التوترات مرارًا وتكرارًا، والتي قد تؤدي، إن لم تُحل، إلى كارثة في نهاية المطاف.

في الأيام والأسابيع المقبلة، يبقى السؤال الحاسم: هل تستطيع الهند وباكستان إدارة هذه الأزمة نحو السلام، أم ستستسلمان لإغراء تصعيد الأعمال العسكرية، مما قد يجر المنطقة بأكملها إلى حرب كارثية.

إعلان

أحمد سيف الدين

أحمد سيف الدين، مترجم صحفي وعضو نقابة الصحفيين، مهتم بالسياسة الدولية والشؤون الخارجية، عمل/يعمل لدي عدد من المؤسسات الصحفية ومراكز الأبحاث الإقليمية والدولية.
زر الذهاب إلى الأعلى