مدينة إنسانية على أنقاض رفح.. تفاصيل مخطط إسرائيل الجديد لتهجير سكان غزة

أشعل إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، عن خطته لبناء “مدينة إنسانية” على أنقاض رفح جنوبي قطاع غزة، موجة واسعة من الجدل والانتقادات، في ظل مخاوف متزايدة من أن تكون هذه الخطة واجهة لعملية تهجير قسري منظمة لسكان غزة، تحت غطاء إنساني.
كاتس كشف خلال إحاطة صحفية أنه أصدر تعليمات للجيش الإسرائيلي لإعداد خطة لتجميع نحو 600 ألف فلسطيني من سكان القطاع داخل مدينة خيام مؤقتة، تُقام على أطلال مدينة رفح، بعد فحصهم أمنياً، مشيراً إلى أن من يدخلها “لن يُسمح له بالخروج”، دون أن يوضح من سيتولى إدارة هذا التجمع أو ما مصير سكانه لاحقاً.
خيام على أنقاض رفح
وفق وسائل إعلام إسرائيلية، فإن المشروع يخطط لإقامة المدينة في المنطقة الواقعة بين محوري “فيلادلفي” و”موراغ” جنوبي القطاع، حيث يتم حالياً إيواء عشرات الآلاف من النازحين الفلسطينيين في منطقة المواصي.
الخطة تقضي بنقلهم إلى هذا التجمع الجديد بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، يجري التفاوض عليه في قطر.
كاتس تحدث عن “شركاء دوليين” لإدارة المدينة، دون أن يسمّي أي جهة محددة، مكتفياً بالقول إن محاولات تُجرى لإشراك جهات دولية في تنفيذ المشروع.
وقد عيّن المدير العام لوزارة الأمن ونائب رئيس الأركان الأسبق، أمير برعم، للإشراف على تنفيذ هذه الخطة المثيرة للجدل.
تفاصيل مشروع المدينة الإنسانية في رفح
بحسب ما أعلنه كاتس، فإن الجيش الإسرائيلي سيتولى تأمين المدينة “عن بعد”، بالإضافة إلى إدارة عمليات فحص أمني لكل من يتم نقلهم إليها، بهدف منع تسلل عناصر من فصائل المقاومة، وعلى رأسها حركة حماس، وفق تعبيره.
هذا التوصيف دفع مراقبين لوصف المشروع بأنه “سجن جماعي تحت مسمى إنساني”، وليس مجرد ملجأ مؤقت.
المخاوف لا تتعلق فقط بغياب الوضوح في آليات الإدارة، بل أيضاً في تحول المدينة إلى مساحة احتجاز مفتوحة، تُعزل فيها عشرات الآلاف من الفلسطينيين، وتُفرض عليهم رقابة أمنية مشددة، دون حرية حركة أو ضمانات قانونية.
خطة الهجرة “الطوعية”
وفق مراقبون فإن الأخطر في تصريحات كاتس كان ما أعلنه بشكل صريح عن رغبة الحكومة الإسرائيلية في “تشجيع الهجرة الطوعية” لسكان قطاع غزة، مؤكداً أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعمل على تحديد دول يمكن أن تستوعب الفلسطينيين الذين سيتم إخراجهم من القطاع.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية أن المرحلة التالية من الخطة تتضمن إجراءات لتحفيز هذه الهجرة، ما يعيد للأذهان مشاهد التهجير القسري التي عانى منها الفلسطينيون في نكبة 1948 وما بعدها، وهو ما دفع ناشطين وحقوقيين إلى التحذير من أن الحديث عن “الطوعية” مجرد غطاء دبلوماسي لمخطط ترحيل جماعي.
خلافات داخلية إسرائيلية حول خطة رفح
رغم إعلان كاتس عن الخطة أمام الصحفيين، إلا أن التقارير الإسرائيلية أكدت أن المشروع لم يُقر بشكل رسمي داخل المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت).
صحيفة “معاريف” الإسرائيلية كشفت أن رئيس الأركان، إيال زامير، أبدى معارضة صريحة للخطة، محذراً من غياب أي بنية أمنية أو تنظيمية واضحة، ومشيراً إلى أنها تتطلب نشر قوات كبيرة لحمايتها.
زامير أشار أيضاً إلى أن الجيش الإسرائيلي مُنهك بالفعل جراء العمليات المتواصلة في غزة، وأن أي عملية بهذا الحجم قد تتحول إلى عبء أمني جديد دون ضمانات سياسية أو دولية.
المدينة الإنسانية من الإغاثة إلى العزل
وفق تقارير فإن خطة “المدينة الإنسانية” كما يصفها كاتس، تثير الكثير من التساؤلات حول مصير السكان، والجهات التي ستدير المخيم، والمدة الزمنية التي سيُحتجز فيها هؤلاء المدنيون، في ظل غياب أي إشارات إلى عودة الحياة الطبيعية أو إعمار المناطق المدمرة.
رفح، التي تحولت بفعل العدوان الإسرائيلي إلى مدينة أشباح، قد تكون على موعد مع فصل جديد من المأساة، لا سيما أن ما يُجهَّز على أرضها يُنذر بإعادة رسم جغرافيا ديموغرافية للقطاع، وإعادة إنتاج سيناريوهات التهجير بأساليب جديدة.
اقرا أيضا.. مفاوضات قسد ودمشق.. هل تعيد واشنطن رسم خريطة السلطة في سوريا؟