مرضى السكر ما بين رحلة البحث عن الأنسولين ودوامة ارتفاع أسعار الدواء

بعد انتظار ليلى الأنصاري “من مرضى السكر” حوالي ساعة ونصف في صف طويل داخل وحدة التأمين الصحي بشارع الهرم لصرف حقن الأنسولين.

تلقى الصيدلانية نظرة سريعة على روشتة الدواء، قبل أن تعيده لها مباشرة وتقول: “الدواء غير متوفر”.

حوالى خمس سنوات كانت ليلى تعتمد على توفير علاج السكر من عيادات التأمين الصحي بالمجان، ولكنها منذ شهر مارس الماضي صارت تحصل عليه نادرًا.

مضاعفات صحية!

تحكى “ليلى” البالغة من العمر أربعين عاما لـ “خاص عن مصر” عن معاناتها بعد نقص جرعات الأنسولين قائلة: “أصبحت أتعرض لعرق شديد ودوران وإرهاق مستمر حتى دخلت في انتكاسة بحدوث نوبات من التشنجات منعتني من القدرة على العمل”.

تعيش “ليلى” وضعا صحيًا حرجًا، إثر أزمة نقص تشهدها سوق الدواء في علاجها الأساسي من حقن الأنسولين.

تضيف “ليلى” أنها لم تتمكن من الحصول على الأنسولين منذ شهر مارس الماضي، موضحة: “الدكتور قال لي إنه يمكن الاعتماد على الأقراص بشكل مؤقت.. وذهب ابني لشرائه من صيدلية غير تابعة للتأمين الصحي وكان الرد: “الدواء ناقص”.

يخرج ابن “ليلى” يوميًا للبحث عن علاج السكر لوالدته ولكن دون جدوى، مؤكدة أن علاجها يستلزم 3 جرعات من حقن الأنسولين يوميا.. وهي غير قادرة على شراء الدواء المستورد إن توفر في الصيدليات”.

تخشى السيدة الأربعينية أن تتعرض لانتكاسة أخرى إثر تأخر جرعات الأنسولين، حيث تعرضت من قبل لغيبوبة قبل أن تعرف بإصابتها بمرض السكري.

مزيد من الأرباح على حساب مرضى السكر

حتى سنة 2022 كان توفر الإنسولين متاحًا للمرضى دون أن يشهد نقصا ولكن منذ أزمة الدولار تتفاقم أزمة النقص يومًا بعد يوم، بحسب ما أكده الدكتور ثروت حجاج، عضو مجلس نقابة الصيادلة لـ “خاص عن مصر”.

وأكد عضو نقابة الصيادلة، أن لجوء هيئة الدواء بحل أزمات نقص أدوية مرضى السكر بتحريك أسعار بعض الأصناف الدوائية ليس هو الحل الجذري للانتهاء من أزمات النقص المستمرة، مشيرا إلى أن هناك عدة إشكاليات تؤثر على توفير الأدوية للمرضى وهذه الإشكاليات مستمرة رغم تحريك أسعار أدوية السكر”.

اقرأ أيضًا.. وزير المالية: 2 مليار دولار إيرادات متوقعة لمبادرة سيارات المصريين بالخارج

وأوضح عضو نقابة الصيادلة أن معظم الشركات اتجهت إلى تقليل حجم استيراد المواد الخام حتى تحافظ على نسبة الأرباح السنوية بعد تحرير سعر الجنيه، وبالتالي يؤثر على حجم الكميات المتوفرة فمن حقن الأنسولين في الأسواق، بالتالي من الصعب توفير الكميات المعتادة لتغطية مرضى السكر الذين يعتمدون بشكل أساسي في علاجهم على الأنسولين.

ووفقا لإحصائية حديثة صادرة عن الاتحاد الدولي السكرى فإن نسبة الإصابة بداء السكرى في مصر تبلع 11 مليون، وأكدت الإحصائية أن معظم مرضى السكر في مصر يعتمدون في علاجهم على حقن الإنسولين، فيما يعتمد مرضى السكري من النوع الثاني على الأقراص لضبط معدل السكر في الدم.

نقص جرعات الأنسولين تهدد بوفاة 70% من مرضى السكر

بين نقص الأنسولين وصراع الشركات على تحقيق الأرباح، تحذر الدكتورة نهال حمدي السعيد، أستاذ الباطنة والغدد الصماء والسكر، من تعرض مرضى السكر في حال تأخير جرعات الأنسولين إلى مضاعفات صحية تصل إلى القلب والشرايين.

كما حذرت أستاذ الباطنة والغدد الصماء، أن مضاعفات التأخير في جرعات الأنسولين قد تسبب الوفاة، مشيرة إلى ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن مرض السكرى بأكثر من الضعف خلال العامين الماضيين، حيث وصلت نسبة الوفيات عن مرض السكرى إلى 70% على الصعيد العالمي، بحسب ما أكدته منظمة الصحة العالمية.

دراسة: مصر في قائمة أكثر 10 دول إصابة بمرض السكر

كما أكدت أستاذ الباطنة والغدد الصماء، أن انتظام مرضى السكر على جرعات العلاج دون توقف من شأنه أن يطيل في عمر المرضى ويقلل من خطر مواجهتهم بمضاعفات صحية من قبيل النوبات القلبية وفقدان البصر والفشل الكلوي.

وقد صنفت تقرير لمنظمة “Wise Voter”، المتخصصة في الأرقام والإحصاءات، مصر من ضمن قائمة 10 دول ذات أعلى معدلات مرض السكرى في العالم.

وبحسب التقرير جاءت مصر في الترتيب الثامن عالميا، بمعدل إصابة يبلغ 20.90% من عدد السكان.

ووفقًا للإحصاءات المذكورة في التقرير، جاءت مصر بين الدول العربية الأعلى بعدد المصابين بمرض السكري الذين تتراوح أعمارهم ما بين 20 و79 عاما.

نقص أكثر من 300 دواء لعلاج الأمراض المزمنة

ومن ناحية أخرى أصبحت الصيدليات عاجزة عن توفير جرعات الانسولين المعتادة للمرضى منذ ثلاث أشهر، وهو ما يؤكده الدكتور محمد سعيد، صيدلي يعمل في احدى الصيدليات الكبرى في محافظة الجيزة.

ويشير “سعيد” لموقع “خاص عن مصر” إلى أن قائمة الأدوية الناقضة تشمل أكثر من 300 دواء لعلاج السكر والضغط، ولا يوجد بدائل لبعض الأدوية كالأنسولين مثلا.

وفى نفس السياق قد أعلنت شعبة الدواء عن اختفاء 1000 دواء لعلاج الأمراض المزمنة بسبب أزمات مالية تمر بها شركات الأدوية، وطالبت شعبة الدواء من هيئة الدواء النظر في تحريك أسعار أدوية الأمراض الحيوية حتى لا تشهد نقصا في الأسواق.

وقد شكلت هيئة الدواء لجنة استشارية منوطة بمراجعة أسعار الأدوية كل 6 أشهر لضمان توفير الأدوية للمرضى.

زر الذهاب إلى الأعلى