مصر تُحيل جرائم تخريب البنية التحتية المتعمّدة إلى القضاء العسكري.. ما القصة ؟

فعّلت الدولة المصرية واحدة من أشد أدواتها القانونية صرامة في مواجهة أعمال التخريب التي تطال منشآتها الحيوية، وذلك بإحالة المتهمين في مثل هذه الجرائم إلى القضاء العسكري مباشرة، استنادًا إلى القانون رقم 3 لسنة 2024 بشأن تأمين وحماية المنشآت والمرافق العامة والحيوية في الدولة.
القانون 3.. حين تصبح المنشآت العامة “عسكرية”
تنص المادة الأولى من القانون رقم 3 لسنة 2024 على أن تتولى القوات المسلحة معاونة أجهزة الشرطة والتنسيق الكامل معها في تأمين وحماية المنشآت والمرافق العامة والحيوية، بما في ذلك محطات وشبكات أبراج الكهرباء، وخطوط الغاز، وحقول البترول، وخطوط السكك الحديدية، وشبكات الطرق والكباري، وغيرها من المرافق.
فيما تنص المادة الثانية من نفس القانون على أن يتعاون مأمورو الضبط القضائي بالقوات المسلحة في جميع الإجراءات القانونية المقررة لمأموري الضبط بالشرطة، لمواجهة الأعمال أو التعديات التي قد تُخل بسير عمل هذه المرافق أو تعطل الخدمات العامة.
أما المادة الرابعة، فقد نصت صراحة على أن الجرائم التي تقع على المنشآت والمرافق العامة والحيوية والخدمات التي يشملها هذا القانون تخضع لاختصاص القضاء العسكري.
وبحسب نصوص القانون، فإن أي أعمال تخريب أو تعطيل لمشروعات تنفذها الدولة مثل مترو الأنفاق، أو الطرق السريعة، أو محطات القطارات، تُعد بمثابة جرائم عسكرية يُحاسب مرتكبوها أمام المحاكم العسكرية.
واقعة هدم جزء من كوبري المحور في سوهاج
في أبريل الماضي، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على 13 شخصًا بعد قيامهم بهدم جزء من كوبري المحور في منطقة دار السلام بمحافظة سوهاج. وقد أثارت الواقعة جدلًا واسعًا لما سبّبته من أضرار بالبنية التحتية وتعطيل لحركة المرور، فضلًا عن إهدار المال العام.
ووفق مصادر من هيئة الطرق والكباري لـ”خاص مصر”، فقد جرى تحويل المتهمين إلى النيابة العسكرية بمحافظة أسيوط، التي باشرت التحقيقات معهم في إطار تطبيق القانون 136 لسنة 2014، نظرًا لاعتبار الكوبري منشأة عامة خاضعة لتأمين الدولة.
تكسير لمبة بقطار روسي حديث بسبب غرامة مالية
وفي حادثة منفصلة، رصدت الأجهزة الأمنية مقطع فيديو متداول يظهر فيه أحد ركاب القطارات الروسية الجديدة العاملة على خط القاهرة / أسوان، وهو يقوم بخلع وتكسير إحدى لمبات الإنارة الداخلية، اعتراضًا على تغريمه 100 جنيه من قِبل كمسري القطار.

وأكدت مصادر مسؤولة بوزارة النقل لـ”خاص مصر” أن الجهات الأمنية كثفت جهودها ونجحت في ضبط الشخص الظاهر في الفيديو، تمهيدًا لإحالته إلى النيابة العسكرية للتحقيق، باعتبار أن قطارات السكة الحديد تدخل ضمن المنشآت الحيوية التي يشملها القانون.
إيقاف 11 موظفًا بالسكة الحديد وإحالتهم للتحقيق العسكري
في واقعة أخرى، أصدر وزير النقل قرارًا بإيقاف 11 موظفًا بهيئة السكة الحديد، من بينهم نائب رئيس الهيئة وعدد من مديري التشغيل، على خلفية مخالفات مهنية وتقصير في متابعة مخازن الهيئة بمنطقة الزقازيق.
وبحسب مصادر لـ”خاص مصر”، جاءت قرارات الإيقاف بعد شكوى تقدمت بها إحدى المهندسات بالهيئة، تتهم فيها عددًا من المسؤولين بالاستيلاء على مهمات من خردة السكة الحديد. وعقب التحقيقات الأولية، تقرر إحالة الواقعة إلى المحكمة العسكرية، باعتبار أن ممتلكات ومخازن الهيئة تدخل ضمن نطاق المنشآت الحيوية المشمولة بالحماية القانونية بموجب القانون رقم 3 لسنة 2024.
ردود فعل متباينة.. وحملات توعية متزامنة
ورغم الانتقادات الحقوقية التي وجّهتها منظمات دولية مثل “هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية”، والتي اعتبرت إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري إخلالًا بضمانات المحاكمة العادلة، فإن الحكومة المصرية تؤكد أن هذا الإجراء ضروري في ظل ما تواجهه المرافق الحيوية من تهديدات مباشرة، وأنه يُستخدم فقط في حالات “التخريب المتعمد” التي تمس الأمن القومي والخدمات العامة.
حملات توعية للمواطنين لرفع الوعي المجتمعي
في موازاة ذلك، تحرص الدولة على رفع الوعي المجتمعي بشأن أهمية الحفاظ على المنشآت العامة، حيث أطلقت وزارة النقل، ممثلة في هيئة السكك الحديدية، حملات توعوية تحث المواطنين على تجنب السلوكيات السلبية أثناء استخدام مرافق النقل، مؤكدة أن هذه المرافق ملك عام، والحفاظ عليها مسؤولية جماعية.
اقرأ أيضا.. 10 ملايين هاتف سنويًا.. مصر تتحول لقاعدة إنتاج وتصدير لهواتف سامسونج وأوبو
كما أطلقت الهيئة العامة للاستعلامات بالتعاون مع وزارة النقل حملة تحت شعار “حافظ على مشروعك”، لتوعية المواطنين بخطورة سرقة أو تخريب مكونات مشروعات النقل. وتُذاع عبر وسائل الإعلام الرسمية رسائل مباشرة مفادها: “من يعتدي على منشآت الدولة أو يعطلها يعرض نفسه لمحاكمات عسكرية رادعة.”