مصر تتصدر استثمارات الشركات الناشئة بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مايو

شهدت منظومة الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا انتعاشًا متجددًا في مايو 2025، حيث جمعت 289 مليون دولار من خلال 44 صفقة استثمارية.
وفقا لتقرير نشر بالتعاون بين كل من موقع ومضة وديجيتال دايجست، يمثل هذا الرقم المذهل زيادة بنسبة 25% عن أبريل، ونموًا متواضعًا بنسبة 2% على أساس سنوي، مما يشير إلى عودة ثقة المستثمرين بعد أشهر من الركود النسبي.
جاء معظم تدفق رأس المال على شكل تمويل أسهم، بينما لم يمثل التمويل بالدين سوى 9% من الإجمالي، مما يؤكد تفضيل المستثمرين لحصص الملكية في الشركات الناشئة ذات الإمكانات العالية.
مصر تستعيد صدارتها بفضل صفقة “ناوي” التاريخية
استعادت مصر مكانتها كمركز رائد لاستثمار الشركات الناشئة في المنطقة، مدفوعةً بجولة تمويلية تاريخية بقيمة 75 مليون دولار لشركة “ناوي” لتكنولوجيا العقارات.
سلطت هذه الصفقة الضوء بقوة على مصر، لكن الزخم لم ينتهِ عند هذا الحد: فقد جمعت سبع شركات ناشئة مصرية إضافية 50 مليون دولار، ليصل إجمالي التمويلات الشهرية للبلاد إلى مستوى لم تشهده البلاد منذ يوليو 2024.
يعكس هذا الانتعاش الديناميكية الريادية المحلية وتجدد رغبة المستثمرين في الابتكار المصري، لا سيما في مجالي التكنولوجيا العقارية والتكنولوجيا المالية.
الإمارات والسعودية تحافظان على وتيرة استثمار قوية
بعد مصر، حافظت الإمارات العربية المتحدة على سمعتها كقوة إقليمية رائدة في مجال الشركات الناشئة، بـ 14 صفقة بقيمة إجمالية بلغت 86.7 مليون دولار.
جاءت المملكة العربية السعودية في المركز الثاني، حيث جذبت تمويلًا بقيمة 69 مليون دولار من خلال 15 صفقة – وهو ما يُمثل دليلاً على جهود المملكة الدؤوبة لتنويع اقتصادها وتنمية قطاع تكنولوجي نابض بالحياة.
في تطورٍ ملحوظ، عادت الكويت إلى خارطة الاستثمار. حصلت شركتان ناشئتان من الكويت على تمويلٍ إجمالي قدره 6 ملايين دولار، مما وضع الكويت في صدارة دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى التي عادةً ما تحظى باهتمامٍ أكبر. ويشير هذا إلى تزايد اهتمام المستثمرين بالأسواق الأقل استكشافًا في الخليج.
ضجة حول الذكاء الاصطناعي في الخليج لكن الواقع لا يزال بعيدًا
واصل الذكاء الاصطناعي تصدر عناوين الصحف في جميع أنحاء الخليج، لا سيما بعد زيارة الرئيس الأمريكي ترامب رفيعة المستوى إلى المنطقة برفقة كبار المسؤولين التنفيذيين في مجال الذكاء الاصطناعي من وادي السيليكون.
ألهمت الزيارة كلًا من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة للإعلان عن مبادراتٍ رئيسية في مجال منظومة الذكاء الاصطناعي، بهدف وضعهما في طليعة تطوير الذكاء الاصطناعي العالمي.
مع ذلك، فإن مشهد التمويل يروي قصةً مختلفة. فعلى الرغم من الضجة السياسية، لم يلبِّ الاستثمار الفعلي في شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة التوقعات، حيث جمع القطاع 25 مليون دولار فقط عبر صفقتين. تُبرز هذه الفجوة الفرق بين الخطاب الرسمي والواقع العملي الذي يواجه مؤسسي الذكاء الاصطناعي في المنطقة.
تحليل القطاعات: التكنولوجيا المالية تهيمن والتكنولوجيا العقارية والتكنولوجيا الإعلامية تتقدمان
ظلت التكنولوجيا المالية القطاع الأكثر تمويلًا في المنطقة، حيث جمعت 86.5 مليون دولار أمريكي من خلال 14 صفقة. ودفعت صفقة ناوي Nawy التكنولوجيا العقارية إلى المركز الثاني، بينما حصلت الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا الإعلام (mediatech) على 32 مليون دولار أمريكي من صفقتين.
كما شهد قطاع تكنولوجيا البناء (contech) دفعة ملحوظة، حيث جمعت WakeCap 28 مليون دولار أمريكي.
من الجدير بالذكر أن صفقات المراحل المتأخرة كانت غائبة إلى حد كبير في مايو. ولم تُسجل سوى جولة واحدة قبل السلسلة C، بقيمة 12 مليون دولار أمريكي.
أما صفقات المراحل المبكرة، فقد هيمنت على السوق، حيث مثلت 161 مليون دولار أمريكي من إجمالي تمويل الشهر، مما يشير إلى أن المستثمرين يبحثون عن فرص جديدة واستعدادهم لدعم الشركات الناشئة في مرحلتي التمويل الأولي والسلسلة A.
تفضيلات المستثمرين.. الشركات الناشئة بين الشركات (B2B) تتصدر
ظلت الشركات الناشئة بين الشركات (B2B) هي المفضلة لدى المستثمرين، حيث جمعت 157 مليون دولار أمريكي من خلال 29 صفقة.
استقطبت الشركات الناشئة التي تعتمد نماذج أعمال هجينة (B2B/B2C) 79 مليون دولار، بينما تخلفت الشركات الناشئة التي تعمل في مجال الأعمال التجارية بين الشركات والمستهلكين (B2C)، حيث جمعت 53 مليون دولار من تسع شركات. يُظهر هذا التوجه استمرار تفضيل المستثمرين للشركات الناشئة التي تُركز على عملاء المؤسسات والحلول القابلة للتطوير.
اقرأ أيضًا: التوأم الشرير لتغير المناخ.. حموضة مياه البحر بلغت مستويات حرجة تهدد البيئة
استمرار التفاوت بين الجنسين في تمويل الشركات الناشئة
يُسلّط التقرير الضوء أيضًا على الفجوة المستمرة بين الجنسين في منظومة الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
فقد استحوذت الشركات الناشئة التي أسسها رجال فقط على نسبة مذهلة بلغت 82% من إجمالي رأس المال المُجمع في مايو. بينما لم تستحوذ الشركات الناشئة التي أسستها نساء إلا على 7% من الإجمالي، بينما شكلت الفرق المختلطة ما يقرب من 11%.
على الرغم من النقاشات الجارية حول التنوع والشمول، تكشف البيانات أن التقدم لا يزال بطيئًا، وأن رائدات الأعمال لا يزلن يواجهن تحديات كبيرة في الحصول على رأس المال.
التوقعات: تفاؤل متجدد، لكن التحديات لا تزال قائمة
تُعطي أرقام التمويل لشهر مايو تفاؤلاً مُلحاً لقطاع الشركات الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وخاصةً مصر، التي استعادت مكانتها كرائدة استثمار في المنطقة.
مع ذلك، فإن ضعف الاستثمار في الذكاء الاصطناعي، وغياب جولات التمويل في المراحل المتأخرة، واستمرار الفجوة بين الجنسين، تُبرز المشكلات الهيكلية المستمرة.