مصر تخطط لإصدار سندات دولية بقيمة 4 مليارات دولار خلال العام المقبل

في خطوة حاسمة لتنويع مصادر تمويلها وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، أعلنت مصر عن خطط لإصدار سندات دولية بقيمة 4 مليارات دولار خلال العام المقبل.

وفقا لما نشرته بلومبرج، تهدف هذه المبادرة، التي أكدها وزير المالية أحمد كجوك خلال اجتماعات المستثمرين في لندن، إلى تغطية حوالي 40% من احتياجات التمويل الخارجي للبلاد للسنة المالية الحالية.

التركيز على تعدد العملات والاستدامة

كشف كجوك أن مصر تدرس مجموعة من الأدوات المالية، بما في ذلك السندات المقومة باليورو والدولار، بالإضافة إلى الأوراق المالية المرتبطة بالاستدامة، وتُعد هذه الطروحات جزءًا من جهد أوسع نطاقًا لجذب قاعدة متنوعة من المستثمرين العالميين، ولإثبات التزام مصر بالتمويل المستدام.

بالإضافة إلى ذلك، تدرس السلطات إصدار سندات مقومة بالين واليوان وصكوك إسلامية، مما يعكس استراتيجية للاستفادة من أسواق رأس المال التقليدية وغير التقليدية. ويُقدر إجمالي فجوة التمويل الخارجي لمصر للسنة المالية المنتهية في يونيو المقبل بنحو 11 مليار دولار. وسيتم سد الباقي من خلال قروض ميسرة.

إدارة الدين وجذب المستثمرين

تأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تواصل فيه مصر معالجة النقص المزمن في العملات الأجنبية، وذلك بعد اتخاذ خطوات سياسية هامة، بما في ذلك اتفاقية استثمار بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات العربية المتحدة وخفض قيمة الجنيه المصري بنسبة 40%.

تهدف هذه الإصلاحات إلى استعادة الثقة والحصول على المزيد من التمويل من الشركاء الدوليين، ولا سيما صندوق النقد الدولي.

مع ذلك، فإن إصدار سندات دولارية جديدة ليس خاليًا من التحديات. فمع تداول سندات مصر الدولارية حاليًا بمتوسط عائد يبلغ 9.3%، قد تكون الإصدارات الجديدة أعلى من قيمتها الحقيقية. وفي وقت سابق من هذا العام، نجحت البلاد في جمع ملياري دولار من خلال مزيج من السندات لأجل ثماني سنوات والسندات طويلة الأجل.

على الرغم من فترة التيسير النقدي الأخيرة، لا تزال أسعار الفائدة المعدلة حسب التضخم في مصر من بين أعلى المعدلات عالميًا. ولا تزال هذه الديناميكية تجذب المستثمرين الأجانب إلى الدين المحلي، لكنها تؤكد أيضًا على أهمية تنويع مصادر تمويل مصر وتقليل اعتمادها على الاقتراض المكلف.

تعزيز الوصول إلى الأسواق العالمية

أكد كجوك أيضًا على المناقشات الجارية التي تجريها الحكومة مع المؤسسات المالية الكبرى. وتجري حاليًا محادثات مع بنك جي بي مورغان تشيس لإعادة إدراج السندات المصرية بالعملة المحلية في مؤشراته للأسواق الناشئة، وهي خطوة من شأنها تعزيز تدفقات الاستثمار الدولي.

بالمثل، تهدف المناقشات مع يوروكلير إلى تبسيط تسوية الأوراق المالية المصرية، وجعلها في متناول المستثمرين الأجانب.

على الصعيد المحلي، تدرس مصر إصدار أول صكوك مقومة بالجنيه المصري، وطرح سندات التجزئة. وأشار كوجوك إلى أن “هذا من شأنه أن يوفر المزيد من السيولة من خلال أدوات جديدة، ويوفر آلية ادخار جديدة للمصريين”.

اقرأ أيضا.. بعد إعلان إصابة ترامب بقصور وريدي مزمن.. ما تفاصيل إصابته؟

الشراكة مع صندوق النقد الدولي وبيع الأصول

يتوقف مسار مصر نحو الحصول على تمويل إضافي على التقدم المحرز مع صندوق النقد الدولي. تتوقع الحكومة الإفراج عن حوالي 2.4 مليار دولار من شرائح القروض إذا أكملت المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامجها مع صندوق النقد الدولي البالغ 8 مليارات دولار في وقت لاحق من هذا العام.

يتمثل محور هذه المناقشات في تعهد مصر بتقليص البصمة الاقتصادية للدولة وتسريع الخصخصة، مما يتيح للقطاع الخاص لعب دور أكبر.

وحدد كوجوك نهجًا مُحددًا لبيع الأصول، مع إعطاء الأولوية لعدد قليل من الصفقات الاستراتيجية في قطاعات مثل الاتصالات وإدارة المطارات والتمويل. وأوضح: “نحن نركز على عدد قليل من الصفقات الاستراتيجية الرئيسية”، مشيرًا إلى أن هناك ثلاث أو أربع صفقات رئيسية مستهدفة لهذا العام والعام المقبل.

الشراكات الإقليمية والتوقعات المستقبلية

كما تدعم المحادثات الجارية مع الشركاء الإقليميين جهود مصر لتعزيز ماليتها العامة. وتجري مفاوضات مع الكويت لتحويل 4 مليارات دولار من الودائع إلى استثمارات مباشرة، بينما وصلت المناقشات مع قطر بشأن حزمة استثمارية بقيمة 7.5 مليار دولار إلى مرحلة متقدمة.

مع مضي مصر قدمًا في أجندتها الإصلاحية، لا تزال الحكومة متفائلة بأن استمرار مشاركة المستثمرين والتنفيذ الناجح للسياسات الاقتصادية سيساعدان في ضمان الاستقرار المالي للبلاد ونموها على المدى الطويل.

زر الذهاب إلى الأعلى