مصر تستعد لخفض آخر لأسعار الفائدة قبل الإصلاحات الاقتصادية الصيفية

من المتوقع على نطاق واسع أن يُجري البنك المركزي المصري خفضًا آخر لأسعار الفائدة قبل بداية الصيف، وفقًا لإجماع الاقتصاديين، في ظل مناورات الحكومة لدعم انتعاشها الاقتصادي الهش وخفض تكاليف خدمة الدين.

وفقا لتقرير بلومبرج، يأتي هذا الخفض المحتمل، الذي يقدره الخبراء بما يتراوح بين 150 و300 نقطة أساس، في أعقاب التيسير النقدي التاريخي الذي شهده شهر أبريل، وهو الأول من نوعه منذ خمس سنوات في مصر.

سعر الفائدة الحقيقي من بين أعلى المعدلات عالميًا

على الرغم من تسارع التضخم بشكل طفيف إلى 13.9% في أبريل، إلا أن سعر الفائدة الحقيقي في مصر لا يزال من أعلى المعدلات عالميًا عند حوالي 11%.

تتيح هذه الفجوة الكبيرة بين سعر الفائدة الرئيسي والتضخم لصانعي السياسات مجالًا لخفض سعر الفائدة القياسي على الودائع من مستواه الحالي البالغ 25%، وهي خطوة توقعها جميع الاقتصاديين التسعة الذين استطلعت آراءهم بلومبرج.

وفقًا لسيمون ويليامز، الخبير الاقتصادي لأوروبا الوسطى والشرقية والشرق الأوسط وأفريقيا في بنك HSBC Holdings Plc، “ستكون فرصة ضائعة عدم خفض سعر الفائدة مجددًا الآن. فالنمو الضعيف، والسياسة المالية المتشددة، واستقرار سعر الصرف لا تشير إلى أن ضغوط جانب الطلب تبرر بقاء سعر الفائدة الحقيقي عند مستوى أعلى بكثير من 10%”.

خفض آخر لأسعار الفائدة لتخفيف عبء الديون وتحفيز الاستثمار

من شأن خفض إضافي لسعر الفائدة أن يخفف من بعض أعلى تكاليف خدمة الديون في المنطقة، وقد يساعد في تحفيز الاستثمارات التي تشتد الحاجة إليها لإنعاش الاقتصاد المصري.

حصلت مصر على حزمة إنقاذ عالمية كبرى العام الماضي، شملت قرضًا من صندوق النقد الدولي بقيمة 8 مليارات دولار، بعد خفض قيمة عملتها بنسبة 40% مقابل الدولار، وتحقيق زيادة قياسية في سعر الفائدة بلغت 6 نقاط مئوية.

لا يزال التضخم أقل من نصف ذروته البالغة 38% المسجلة في سبتمبر 2023، على الرغم من قرارات الحكومة الأخيرة برفع أسعار الوقود كجزء من الإصلاحات التي يدعمها صندوق النقد الدولي.

يشير محمد أبو باشا، رئيس قسم الأبحاث في المجموعة المالية هيرميس، ومقرها القاهرة، إلى أن “نمو أسعار المستهلك لا يُظهر أي مؤشرات على انتقال قوي لخفض الدعم”، مما يُشير إلى احتواء مخاطر التضخم الحالية.

أقرا أيضا.. نصف الشركات التركية في حالة انكماش من تداعيات ارتفاع أسعار الفائدة- ماذا يحدث؟

إصلاحات الصيف والحذر المالي

بالنظر إلى المستقبل، يتوقع الاقتصاديون أن يُبقي البنك المركزي أسعار الفائدة ثابتة بعد هذا الخفض المتوقع، على الأقل خلال اجتماعيه المقبلين في يوليو وأغسطس.

يتزامن هذا التوقف مع بداية السنة المالية الجديدة في مصر، والتي من المتوقع أن تُعدّل الحكومة خلالها معدلات ضريبة القيمة المضافة، وقد ترفع أسعار الوقود مرة أخرى – وهي خطوة قد تُثير حذرًا جديدًا بشأن التضخم.

حثّ صندوق النقد الدولي مصر على توخي “اليقظة” في تخفيض أسعار الفائدة، مُشيرًا إلى حالة عدم اليقين العالمية وخطر التضخم المُستورد، لا سيما بسبب التوترات التجارية الدولية، كتلك التي أثارتها رسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمركية.

هدف التضخم وتوقعات السياسة

عند إعلانه عن خفض سعر الفائدة في أبريل، أبدى البنك المركزي تفاؤله، متوقعًا استمرار انخفاض التضخم هذا العام والعام المقبل، مع إقراره بمخاطر التحسن الناجمة عن النزاع التجاري الصيني الأمريكي واحتمالية تفاقم عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. ويهدف البنك إلى خفض معدل التضخم إلى 7%، بزيادة أو نقصان نقطتين مئويتين، بحلول نهاية عام 2026.

يتوقع معظم الاقتصاديين خفض آخر لأسعار الفائدة في مصر بمقدار تراكمي يتراوح بين 600 و800 نقطة أساس على مراحل طوال عام 2025، مع الموازنة بين ضرورة تحفيز الاستثمار وضرورة ضبط التضخم في ظل بيئة إقليمية وعالمية معقدة.

زر الذهاب إلى الأعلى