مصر تستهدف 88 مليار دولار إيرادات من قناة السويس بحلول 2030
القاهرة (خاص عن مصر): تعظيم إيرادات قناة السويس.. تعتبر استراتيجية التنمية الاقتصادية والاجتماعية 2024-2030 التي وضعتها الحكومة المصرية خطوة محورية في مسار الإصلاح الاقتصادي الذي تنتهجه مصر. تهدف هذه الاستراتيجية إلى إجراء إصلاحات هيكلية في مختلف القطاعات الحيوية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
اقرأ أيضا.. مصر تعمق المكون المحلي بصناعاتها المحلية
وتستند على تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وجذب الاستثمارات الأجنبية، مع التركيز على مشروعات ضخمة مثل تطوير قناة السويس وتحويلها إلى محور اقتصادي عالمي. يُعد هذا التوجه جزءًا من رؤية مصر لتحقيق معدلات نمو مرتفعة ومستدامة، وتخفيف الأعباء المالية من خلال تعزيز مصادر الدخل القومي.
تعظيم إيرادات قناة السويس: محور اقتصادي استراتيجي
تسعى الحكومة المصرية في إطار هذه الاستراتيجية إلى تعظيم الإيرادات القادمة من قناة السويس، التي تعتبر واحدة من أهم المصادر الاستراتيجية للنقد الأجنبي. وتهدف إلى رفع إيرادات القناة إلى نحو 88.1 مليار دولار خلال الفترة الممتدة من 2024 إلى 2030، وذلك عبر زيادة عدد السفن العابرة إلى نحو 190.7 ألف سفينة بحمولات تصل إلى 13.4 مليار طن. هذا الارتفاع المتوقع في الإيرادات يرتبط مباشرة بالخطط الطموحة لزيادة كفاءة القناة وتطوير بنيتها التحتية.
ومن بين الأهداف الرئيسية للاستراتيجية، تحويل قناة السويس إلى مركز إقليمي للطاقة الخضراء بحلول عام 2030، بما يعزز من مكانة القناة كممر ملاحي صديق للبيئة ويلبي احتياجات التوجهات العالمية نحو تقليل انبعاثات الكربون. بالإضافة إلى ذلك، يتم التخطيط لإنشاء مناطق اقتصادية تنافسية إقليمياً في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، بما يشمل خدمات بحرية، لوجيستية، تقنيات مالية، واتصالات وتكنولوجيا معلومات، ما يُتوقع أن يعزز مكانة القناة كمنصة متكاملة للاستثمارات والخدمات الدولية.
أهمية قناة السويس كمصدر للعملة الصعبة
تعد قناة السويس أحد أعمدة الاقتصاد المصري، وأحد أهم مصادر العملة الصعبة في البلاد. حيث توفر القناة إيرادات هائلة تسهم في دعم احتياطي النقد الأجنبي، وهي عنصر حيوي لاستقرار الاقتصاد الوطني. ومنذ افتتاح القناة عام 1869، أصبحت ممراً ملاحياً دولياً يربط بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، ويخدم التجارة العالمية بنسبة كبيرة، مما جعلها محوراً رئيسياً للتجارة بين أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية.
ومع ازدياد حركة التجارة العالمية، ارتفعت إيرادات القناة لتلعب دوراً محورياً في دعم ميزانية الدولة المصرية، كما تمثل قناة السويس نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وتخطط الحكومة إلى رفع هذه النسبة لتتراوح بين 5% إلى 7% بحلول عام 2030، من خلال التوسعات المتوقعة وتحسين الخدمات اللوجستية في المنطقة.
التحديات: التأثير السلبي للتوترات الدولية
ومع الأهمية الاستراتيجية الكبيرة لقناة السويس، فإنها تواجه تحديات جيوسياسية تؤثر على تدفق السفن والإيرادات، خاصة في ظل التوترات الأمنية في منطقة البحر الأحمر، التي دفعت بعض السفن إلى اختيار طريق رأس رجاء الصالح بديلاً. هذه التوترات تؤثر بشكل مباشر على حجم العبور والإيرادات، حيث أن طريق رأس الرجاء الصالح يعتبر أطول ولكنه أكثر أماناً للسفن في بعض الظروف.
إلى جانب ذلك، فإن التحولات العالمية نحو وسائل نقل أكثر استدامة وسعي بعض الدول إلى تطوير ممرات ملاحية بديلة مثل القطب الشمالي، تمثل عوامل خارجية تؤثر على دور القناة في التجارة العالمية.
إن تعظيم إيرادات قناة السويس يمثل جزءاً جوهرياً من استراتيجية مصر لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، والتي تهدف إلى تحويل القناة إلى مركز إقليمي وعالمي للخدمات اللوجستية والطاقة الخضراء. ومع التحديات القائمة، تبذل الحكومة المصرية جهوداً مكثفة لتعزيز مكانة القناة ومواصلة تحسين قدرتها التنافسية على الساحة الدولية، مما يجعلها ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي في السنوات المقبلة.