مصر تسعى لتعزيز التعاون مع الصين في مجال السياحة والآثار

أعرب وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي عن طموحه لتعزيز تعاون مصر مع الصين في مجالي السياحة والآثار، في مؤتمر صحفي عقد مؤخراً في القاهرة.

بحسب تقرير موقع جلوبل تايمز، تعكس هذه المبادرة، التي تندرج ضمن السياق الأوسع للتبادل والتعاون الثقافي، الشراكة المتنامية بين البلدين، اللذان يتقاسمان جذوراً تاريخية عميقة ومصلحة مشتركة في الحفاظ على حضاراتهما القديمة.

إن التعاون بين مصر والصين، وخاصة في مجال الآثار، ليس مفيدًا لكلا البلدين فحسب، بل يسلط الضوء أيضًا على الدور المتزايد للصين كمدافع عالمي عن حماية التراث الثقافي. ويشعر الخبراء من كلا البلدين بالتفاؤل بشأن مستقبل هذه التبادلات، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى فهم أعمق لحضارات كل منهما وتعزيز السياحة بين البلدين.

الدبلوماسية الثقافية: شراكة مزدهرة

في قلب جهود الدبلوماسية الثقافية لمصر تكمن علاقتها المتنامية مع الصين. وبحسب فتحي، فإن الروابط بين البلدين توطدت من خلال الزيارات رفيعة المستوى والتعاون عبر مجموعة متنوعة من القطاعات. ويعد معرض “على قمة الهرم: حضارة مصر القديمة” الذي يقام حاليًا في الصين أحد الأمثلة على كيفية ازدهار العلاقات الثقافية. ويضم المعرض 788 قطعة أثرية من فترات مختلفة من التاريخ المصري القديم، ويقدم لمحة نادرة عن ماضي مصر الغني. والجدير بالذكر أن أكثر من 95٪ من هذه القطع الأثرية تُعرض في آسيا لأول مرة، وهي حقيقة استحوذت على خيال الزوار الصينيين، الذين وصف العديد منهم القطع بأنها “لا تقدر بثمن وغير مسبوقة”.

أقرا أيضا.. مصر تسعي لتصبح مركز حيوي عالمي للاتصالات

إن التبادلات الثقافية مثل هذه هي شهادة على أوجه التشابه التاريخية المشتركة بين الحضارتين المصرية والصينية القديمة، كما أكد تشو شياوبو، مدير متحف شنغهاي. وعلى الرغم من الروابط التاريخية بين البلدين، إلا أن التعاون الرسمي في مجال المعارض كان ضئيلاً حتى الآن، مما يجعل هذا المعرض لحظة بارزة في العلاقات بين مصر والصين.

التعاون الأثري: الكشف عن تاريخ مشترك

يمتد التعاون بين الصين ومصر إلى ما هو أبعد من المعارض. كما أكد فتحي في كلمته على أهمية التعاون الأثري، مستخدمًا مشروع التنقيب المشترك الجاري في معبد مونتو في الأقصر كمثال. وقد شكل هذا المشروع، الذي بدأ في عام 2018، لحظة تاريخية حيث كانت المرة الأولى التي يقوم فيها فريق أثري صيني بإجراء حفريات في مصر. وبعد انقطاع قصير بسبب الوباء، استؤنف المشروع في منتصف مارس 2024، حيث حقق علماء الآثار المصريون والصينيون تقدمًا كبيرًا.

وأشار جيا شياو بينج، رئيس المشروع المشترك الصيني ومدير مكتب البحوث الأثرية العالمية في معهد الآثار التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إلى أن العمل الجاري قد عمق التفاهم المتبادل بين الفريقين. وركزت أعمال التنقيب على موقعين رئيسيين: المنطقة الجنوبية الغربية من معبد مونتو، حيث يتم دراسة ستة مصليات أوزورية، والتقاطع بين معبد مونتو ومعبد ماعت. في حين تم تحديد تاريخ بعض الهياكل، مثل المصلى الأوزيري الأول والثاني، فمن المتوقع اكتشاف المزيد في الأشهر المقبلة.

بالنسبة لجيا، فإن هذا التعاون لا يقتصر على اكتشاف القطع الأثرية فقط. وقال إن “علم الآثار هو أفضل وسيلة لفهم جوهر الثقافة التقليدية للأمة”، مؤكداً أن حماية التراث الثقافي والتعاون الدولي يشكلان محور مبادرة الحضارة العالمية الصينية. وتؤكد هذه المبادرة على النفوذ المتزايد للصين في الدبلوماسية الثقافية العالمية، حيث يلعب علم الآثار دوراً رئيسياً في تعزيز الحوار بين الحضارات.

السياحة في ارتفاع: خطط مصر لجذب المزيد من الزوار الصينيين

تشكل السياحة الركيزة الأساسية الأخرى لاستراتيجية مصر لتعزيز العلاقات مع الصين. وفي الوقت الحالي، يزور مصر حوالي 200 ألف سائح صيني سنوياً، وهو رقم تهدف مصر إلى زيادته من خلال مبادرات مستهدفة. ووفقاً لفتحي، تشارك مصر في المعارض السياحية في الصين وتعمل بنشاط على تعزيز تعاونها مع منظمي الرحلات السياحية الصينيين. والهدف هو جذب 300 ألف سائح صيني بحلول نهاية عام 2024، وهو هدف في متناول اليد نظراً للزيادة السنوية بنسبة 178٪ في عدد الزوار الصينيين خلال الربع الأول من هذا العام.

وتخطط هيئة السياحة المصرية لتعزيز جهودها الترويجية من خلال المشاركة في المؤتمرات والحوارات والندوات التي تركز على تنمية السياحة. وتهدف هذه الاستراتيجيات إلى تسليط الضوء على التراث الثقافي الفريد لمصر مع جذب العدد المتزايد من السياح الصينيين الذين يتوقون لاستكشاف الحضارات القديمة.

يرى الخبراء في مجال الآثار وحماية التراث الثقافي أن هذه الشراكة المتنامية بين مصر والصين تمثل وضعًا مربحًا للجانبين لكلا البلدين. ويسمح هذا التعاون لمصر بالاستفادة من الخبرة والموارد التكنولوجية الصينية في مجال البحث الأثري مع منح الصين فرصة لتعميق فهمها لواحدة من أقدم الحضارات في العالم.

وعلاوة على ذلك، تعمل مبادرات الدبلوماسية الثقافية مثل هذه كجسر بين أجزاء مختلفة من العالم، وتعزيز الاحترام المتبادل والتفاهم. وبينما يستمر البلدان في العمل معًا في كل من السياحة والآثار، فإنهما يقدمان مثالاً قويًا لكيفية تعزيز التبادلات الثقافية للسلام والحوار على نطاق عالمي.

عصر جديد من العلاقات المصرية الصينية

إن سعي مصر إلى تعزيز العلاقات مع الصين في مجال السياحة والآثار يمثل اتجاهًا أوسع للتعاون المتزايد بين الحضارتين القديمتين. ومع سلسلة من التبادلات الثقافية والمشاريع المشتركة الجارية، يبدو المستقبل واعدًا لكلا البلدين. ولا تساهم هذه التعاونات في الحفاظ على التراث الثقافي فحسب، بل تفتح أيضًا آفاقًا جديدة للسياحة والتعاون الدولي. ومع استمرار مصر والصين في تعميق شراكتهما، فإنهما يمهدان الطريق لعصر جديد من الدبلوماسية الثقافية، حيث يتم الاحتفال بالإرث القديم ومشاركته مع العالم.

 

زر الذهاب إلى الأعلى