مصر تمضي قدمًا في خططها الطموحة.. طرح سندات خضراء بـ 10 مليارات جنيه قبل منتصف 2025
القاهرة (خاص عن مصر ) – تواصل مصر خططها الطموحة في مجال التمويل المستدام بإعلان نيتها إصدار سندات خضراء وصكوك محلية بقيمة قد تصل إلى 10 مليارات جنيه قبل نهاية السنة المالية 2024-2025، وذلك وفقًا لما كشفه أحمد كجوك وزير الماليو.
يأتي هذا التوجه كجزء من استراتيجية الحكومة لتنويع مصادر التمويل وتعزيز مشروعات الطاقة المتجددة والبنية التحتية المستدامة.
اقرأ أيضًا: استثمارات بـ6.4 مليار دولار لتوطين صناعة السلع الاستفزازية في مصر
مصر في طليعة التمويل الأخضر في الشرق الأوسط
ومنذ إصدارها الأول لسندات خضراء سيادية في سبتمبر 2020 بقيمة 750 مليون دولار، أصبحت مصر رائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في استخدام هذه الأدوات المالية لتمويل مشاريع صديقة للبيئة.
وكانت عملية الطرح في 2020 مفرطة الاكتتاب بنسبة خمس مرات، مما يعكس اهتمامًا دوليًا كبيرًا بالاستثمار في المشاريع المصرية الخضراء، في حين أن هذه السندات موجهة إلى مشاريع تدعم التنمية المستدامة، بما في ذلك تحسين كفاءة الطاقة، إدارة النفايات، وتطوير البنية التحتية الصديقة للبيئة.
كما أكدت الدولة المصرية التزامها بالمضي قدمًا في هذا النهج عبر إصدار صكوك سيادية في فبراير 2023 بقيمة 1.5 مليار دولار، وهو الإصدار الأول من نوعه في تاريخ البلاد.
وجاءت هذه الصكوك كجزء من جهود الحكومة لتنويع أدوات التمويل وتوسيع قاعدة المستثمرين المهتمين بالأدوات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
تمويل مشروعات الطاقة المتجددة
وفي حديثه خلال “المنتدى الاقتصادي التركي العربي” المنعقد في إسطنبول، أشار أحمد كجوك، إلى أن مصر تخطط لإصدار المزيد من السندات الخضراء وصكوك الاستدامة في السوق المحلية خلال الربع الثالث أو الأخير من السنة المالية الحالية.
ومن المتوقع أن يتراوح حجم الإصدار بين 5 و10 مليارات جنيه مصري.
وتهدف هذه الإصدارات إلى تمويل العديد من المشاريع الخضراء، وخاصة في قطاع الطاقة المتجددة، حيث تواجه مصر، كونها واحدة من أكبر الدول العربية سكانًا، تحديات مناخية خطيرة.
ويشير خبراء المناخ إلى أن درجات الحرارة في مصر ترتفع بمعدل ضعف سرعة بقية العالم، مما يضع البلاد في طليعة الدول المتضررة من تغير المناخ.
اقرأ أيضًا: اقتصاد العالم في قبضة مصر.. الموانئ المصرية تسيطر على حركة التجارة الدولية
ما هي السندات الخضراء؟
والسندات الخضراء تعتبر واحدة من الأدوات المالية التي تتيح للحكومات والشركات تمويل مشاريع بيئية مع ضمان عائد مالي ثابت للمستثمرين، وهذه الأدوات تمثل حلقة وصل بين المشاريع البيئية وأسواق رأس المال، حيث يتم توجيه العائدات إلى مشاريع تقلل من انبعاثات الكربون أو تعزز كفاءة استخدام الموارد الطبيعية.
وتشهد السندات الخضراء طلبًا متزايدًا على المستوى الدولي، مع تزايد الاهتمام بتحقيق أهداف التنمية المستدامة ومكافحة التغير المناخي.
ووفقًا لتقارير البنك الدولي، فقد تجاوزت قيمة الديون المستدامة عالميًا تريليون دولار سنويًا لأول مرة في عام 2021، حيث يأتي هذا في وقت تتطلع فيه الدول والشركات إلى أدوات مالية مبتكرة لتمويل التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
تأثير السندات الخضراء على الاقتصاد المصري
وعلى الصعيد المحلي، تعتبر السندات الخضراء أداة هامة لتعزيز التنمية المستدامة في مصر، إذ تساعد الحكومة في تمويل مشاريع حيوية مثل محطات تحلية المياه بالطاقة الشمسية، وتطوير وسائل النقل النظيفة، حيث أن هذه المشاريع تسهم بشكل مباشر في تحسين البنية التحتية، خلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الاقتصاد المحلي بشكل مستدام.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل مصر على تشجيع الاستثمار الأجنبي في مشاريعها الخضراء، مستفيدة من التعاون مع البنوك الدولية الكبرى مثل “إتش إس بي سي”، الذي لعب دورًا رئيسيًا في هيكلة السندات الخضراء الأولى التي أصدرتها مصر.
ويشير العديد من المحللين إلى أن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام المزيد من إصدارات السندات الخضراء في المستقبل، سواء على مستوى الحكومات أو الشركات الخاصة.
اقرأ أيضًا: ما وراء الكواليس.. كيف أعادت مصر وروسيا إحياء مشروع مدينة الشمس بقناة السويس؟
تعزيز موقع مصر في مجال التمويل الأخضر
ومع استمرار مصر في تعزيز موقعها كرائد إقليمي في مجال التمويل الأخضر، من المتوقع أن تستمر الحكومة في إصدار المزيد من السندات الخضراء وصكوك الاستدامة خلال السنوات القادمة، وهذا يأتي في إطار خططها لتحقيق أهداف “رؤية مصر 2030” والتي تشمل تحويل مصر إلى دولة رائدة في مجال الطاقة المتجددة والاستدامة.
وتسعى مصر أيضًا للعب دور أكبر على المستوى الإفريقي من خلال دعم التمويل المستدام في القارة، حيث تواجه أفريقيا تحديات بيئية هائلة تتطلب استثمارات كبيرة في مشاريع تحمي البيئة وتعزز التنمية الاقتصادية في آن واحد.
يعكس تحول الدولة إلى إتجاه الصكوك الخضراء، التزامها بتحقيق التنمية المستدامة من خلال أدوات تمويل مبتكرة، ومع استمرار تزايد التحديات المناخية، تعتبر هذه الإصدارات خطوة أساسية في مسيرة مصر نحو مستقبل أخضر ومستدام، مدعومة برؤية استراتيجية تركز على تقليل الانبعاثات وتعزيز كفاءة استخدام الموارد الطبيعية.