مصر تقتحم الفضاء بسلسلة من الأقمار الصناعية للأغراض المدنية والعسكرية
تشهد مصر في الآونة الأخيرة طفرة كبيرة في مجال الفضاء؛ حيث بدأت خطواتها نحو تعزيز قُدرتها التكنولوجية والعلمية عبر إطلاق أقمار صناعية متعددة الاستخدامات للأغراض المدنية والعسكرية؛ حيث تهدف مصر خلال هذه المبادرات إلى تعزيز مكانتها الإقليمية والدولية في مجال الفضاء، مع الاستفادة من هذه التقنية الحديثة لتلبية احتياجاتها الأمنية والتنموية على حد سواء.
قمر الاتصالات “طيبة-1”
- القمر الصناعي “طيبة 1” قبل إطلاقه للفضاء
وكانت بداية الطفرة التي شهدتها مصر بالتعاقد مع شركتي “إيرباص” و”تاليس ألينيا سبيس” الفرنسيتين على تطوير وتصنيع قمر صناعي متخصص بشكل أساسي للاتصالات العسكرية بالإضافة إلى دعم تقديم خدمات الاتصالات المدنية والتجارية، وهو القمر “طيبة 1” الذي تم إطلاقه في عام 2019.
كما يساهم القمر “طيبة -1” في توفير الاتصالات الفضائية وخدمات الإنترنت إلى القطاعين الحكومي والمدني، حيث يقع في الموقع المداري 35.5 درجة شرقًا في الحيز الترددي Ka، على مسافة 36 ألف كم من الكرة الأرضية، بسرعة دوران 11 ألف كم/ ساعة، ووزن 5.6 طن.
ويتميز القمر الصناعي “طيبة” بالقدرة على توفير خدمات الاتصالات بالأقمار الصناعية إلى كافة الجهات داخل وخارج حدود الدولة طبقًا لنطاقات التغطية، حيث يغطي الشعاع ثلث مساحة الكرة الأرضية طبقًا لمجال رؤية القمر وعدد 4 شعاع متحرك يغطي كل منها دائرة قطرها 1200 كم.
قمر المراقبة الروسي الصنع
- قمر المراقبة والاستشعار عن بعد “ايجيبت سات A”
تعاقدت مصر مع الجانب الروسي على تصنيع وإطلاق قمر صناعي مخصص في الاستشعار عن بعد ومراقبة لتعزيز قدراتها الأمنية والعسكرية بالإضافة لدعم القطاع المدني والعلمي، وهو القمر الصناعي من طراز “إيجيبت سات A”، حيث أطلق القمر الصناعي في عام 2019.
ويعتمد القمر الصناعي “إيجيبت سات A” على تيليسكوب وكاميرات تصوير عالية الجودة بدقة تتراوح بين 1 إلى 4 متر، بناءً على وضع التصوير. وقد تم تزويده بمنظومة إلكترونية بصرية مطورة ووصلة إتصال لاسلكي فائق السرعة بالإضافة لتجهيزه بألواح شمسية حديثة ويزن القمر نحو طن، ويصل عمره الافتراضي إلى 11 عام.
القمر الصناعي “نايل سات 301”
- القمر الصناعي نايل سات 301
وشهد عام 2022، إطلاق القمر الصناعي “نايل سات 301″، والذي يزن 4.1 طن بعمر افتراضي 15 عاما، حيث يستخدم لأغراض بث القنوات التلفزيونية والإذاعات الفضائية وتقديم خدمات الإنترنت عريض النطاق لتغطية مصر والمناطق النائية، وتوفير خدمات الإنترنت للمشروعات الجديدة ومشروعات البنية الأساسية والمجتمعات العمرانية الجديدة وحقول البترول شرق المتوسط، كما يوسع القمر الصناعى الجديد فى تغطية دول القارة الإفريقية، بما في ذلك دول جنوب القارة بالإضافة إلى دول حوض نهر النيل.
الأقمار الصناعية المصرية “حورس”
- لحظة إطلاق الصاروخ الحامل للقمر الصناعي حورس
كما شهد العام الماضي 2023، قيام الصين بإطلاق الأقمار الصناعية “حورس 1” و”حورس 2″، والمخصصة لتصوير الأرض والاستشعار عن بعد، والتي ويوجد على متنيهما كاميرات تصوير متعددة الأطياف عالية الدقة، بهدف التقاط صور عالية الدقة.
اقرأ أيضًا: النصر تبدأ تركيب خطوط إنتاج السيارات خلال أيام
القمر الصناعي “مصر سات 2”
- القمر الصناعي مصر سات 2 خلال تجميعه بمدينة الفضاء المصرية
وفي ديسمبر 2023، أطلق القمر الصناعي “مصر سات 2″، هو من فئة أقمار الاستشعار عن بعد ومراقبة الأرض، ويعد مشروع مشترك بين وكالة الفضاء المصرية والصين، كما يعد التعاون الثاني بين البلدين في مجال الفضاء بعد التعاون في إنشاء مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية بمدينة الفضاء المصرية.
وقد تم تجميع واختبار “مصر سات 2” داخل مركز تجميع وتكامل واختبار للأقمار الصناعية بالتعاون مع وزارة الدفاع ومركز تكنولوجيا الفضاء بالقوات المسلحة المصرية، حيث شارك فريق من المهندسين المصريين، مع فريق من الخبراء الصينيين، فى كافة مراحل تصميم وتصنيع القمر الصناعي، ونجح الفريق المصرى فى تنفيذ أحد مكونات القمر بالكامل.
ويصل وزن القمر الصناعي “مصر سات 2” إلى نحو 350 كجم ويصل عمره الافتراضي 5 سنوات، حيث يتزود بكاميرا تصوير عالية الدقة تبلغ 2 متر أبيض وأسود و 8 أمتار صور ملونة بما يساهم في دعم اهداف التنمية المستدامة وتوفير الخدمات والصور الفضائية لصالح الجهات الحكومية والعلمية بالدولة المصرية بالاضافة لتصدير هذه الخدمات.
أقمار صناعية عسكرية جديدة
وبحسب تقرير لصحيفة لاترببيون الفرنسية في عام 2021، تخطط مصر لاقتناء قمر صناعي أوروبي متطور مخصص لمهام التجسس والمراقبة العسكرية الفائقة بتقنية التصوير الراداري SAR، والتي تساعد على مراقبة الأرض والتصوير على مدار 24 ساعة، وذلك بهدف تعزيز قدراتها العسكرية والأمنية في ظل التهديدات الإقليمية المتنامية.
توطين صناعة الأقمار الصناعية.. البداية بمدينة الفضاء المصرية
- مدينة الفضاء المصرية
لا تقتصر جهود الدولة المصرية نحو الحصول على تكنولوجيا الأقمار الصناعية من الخارج فقط، لكنها تسعى جاهدة إلى توطين صناعتها محلياً، وذلك على خطى عدد من الدول الإقليمية؛ وفي هذا الإطار تعاونت مصر مع الصين بهدف إنشاء أول مركز لتجميع واختبار الأقمار الصناعية بمدينة الفضاء بالعاصمة الإدارية الجديدة.
ويتخصص المركز في مجال تجميع واختبار الأقمار الصناعية بوزن يتراوح بين 650 إلى 700 كجم، كما يسمح بتجميع واختبار قمرين فى نفس الوقت، حيث يعد المركز الأول من نوعه في المنطقة العربية، والثاني من نوعه على المستوى الإقليمي ويعتبر أولى خطوات توطين صناعة الأقمار الصناعية في مصر.
تقدم في توطين تكنولوجيا الأقمار الصناعية
وقد نجحت مصر بفضل هذه الجهود في توطين نسبة كبيرة من تكنولوجيا الأقمار الصناعية محلياً، حيث وصلت إلى 60% في الأقمار الصناعية “نانوسات”، و40% في الأقمار الصناعية “ميكروسات” و15% في الأقمار الصناعية الصغيرة، وفقاً لوكالة الفضاء المصرية.
وكان من أحدث هذه الجهود، نجاح وكالة الفضاء المصرية في تصنيع القمر الصناعي التجريبي “NExSAT-1” من فئة “ميكروسات”، والذي تم تنفيذه بشكل مشترك بالتعاون مع شركة BST الألمانية، حيث وصلت نسبة المكونات المصرية بهذا القمر إلى 45%، ويزن القمر التجريبي 67 كجم، ويتزود القمر بحمولة فضائية للتصوير الكهروبصري دقتها 5.7 متر أحادي الطيف.
- القمر الصناعي NexSAT-1
شراكة مع الصين لتوطين صناعة الأقمار الصناعية ومكوناتها
وفي منتصف العام الجاري، أعلنت مجموعة تكنولوجيا الفضاء USPACE الصينية عن توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية مع وكالة الفضاء المصرية “EgSA”، بشأن تصنيع الأقمار الصناعية ومكوناتها والأنظمة الخاصة بها وكذا تجارب اختبارها وإطلاقها، بالإضافة إلى التعاون في مجالات التعليم والتدريب.
ومن المخطط أن تشمل مجالات التعاون إنشاء مراكز لتصنيع الأقمار الصناعية ومكوناتها، بداية من التصميم والبرمجيات وتصنيع الأنظمة الفرعية، وتطوير الحمولة الفضائية؛ التي تشمل الأنظمة الكهربائية والبصرية والرادار وأنظمة الاتصالات، وصولاً إلى تصنيع كوكبة من الأقمار الصناعية للاستشعار عن بعد والاتصالات، فضلاً عن التعاون في إنشاء مختبر فضاء عالمي بالقاهرة.