مصر تُعزز العدالة الاجتماعية بالتحول إلى الدعم النقدي.. تجارب دولية سابقة

في خطوة طموحة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية وترشيد الإنفاق الحكومي، تتجه مصر إلى إحداث تحول جذري في نظام الدعم.. الحكومة المصرية تدرس بجدية التحول من نظام الدعم العيني إلى النقدي، في مسعى لتحسين كفاءة توزيع الموارد وضمان وصولها إلى مستحقيها بدقة وشفافية أكبر.

تكلفة الدعم الحالي في مصر وتحدياته

هذا التوجه، الذي يأتي ضمن استراتيجية شاملة للإصلاح الاقتصادي، يهدف إلى معالجة التحديات التي يواجهها النظام الحالي.. فوفقًا لبيانات وزارة التموين والتجارة الداخلية، بلغت تكلفة دعم السلع التموينية في عام 2024 حوالي 127.7 مليار جنيه، بينما وصلت تكلفة دعم الخبز إلى 53 مليار جنيه، مستهدفة نحو 64 مليون مواطن. رغم ضخامة هذه الأرقام، إلا أن النظام الحالي يعاني من إهدار الموارد وسوء التوزيع، مما يحول دون وصول الدعم بالشكل المطلوب إلى الفئات الأكثر احتياجًا.

اقرأ أيضا.. توطين صناعات الأدوية والتكنولوجيا والسيارات في مصر بوابة العبور للتنمية الاقتصادية

دروس من العالم.. تجارب دولية سابقة للتحول إلى الدعم النقدي

منصة خاص عن مصر الإخبارية تستعرض أبرز التجارب الدولية الناجحة في التحول من الدعم العيني إلى النقدي.

المكسيك والتحول إلى الدعم النقدي

نفذت المكسيك برنامجًا ناجحًا للتحول إلى الدعم النقدي من خلال برنامج “بروسابا” (Progresa) الذي تحول لاحقًا إلى “أوبورتونيادس” (Oportunidades) ثم “بروسپيرا” (Prospera). يهدف البرنامج إلى تقديم تحويلات نقدية مباشرة للأسر الفقيرة بشرط التزامهم بتعليم أطفالهم وحصولهم على الرعاية الصحية اللازمة.

أهم المكاسب التي تحققت:

تحسين التعليم والصحة: ساهم البرنامج في زيادة معدلات الالتحاق بالمدارس وتحسين الحالة الصحية للأطفال.

تقليل الفقر: ساعدت التحويلات النقدية في تقليل معدلات الفقر المدقع بشكل ملحوظ.

الشمول المالي: ساهمت المدفوعات النقدية الإلكترونية في زيادة معدلات الادخار والاندماج في النظام المالي الرسمي.

البرازيل والتحول إلى الدعم النقدي

اعتمدت البرازيل برنامج “بولسا فاميليا” (Bolsa Família) الذي يهدف إلى تقديم دعم نقدي مباشر للأسر الفقيرة بشرط التزامهم بتعليم أطفالهم وحصولهم على التطعيمات اللازمة.

أهم المكاسب التي تحققت:

تقليل الفقر المدقع: ساهم البرنامج في إخراج أكثر من 35 مليون مواطن من تحت خط الفقر المدقع.

تحسين التعليم والصحة: أدى البرنامج إلى زيادة معدلات الالتحاق بالمدارس وتقليل معدلات الأمراض السارية.

تعزيز التنمية الاجتماعية: ساهم البرنامج في تحقيق قدر ملموس من التنمية الحقيقية، وليس مجرد النمو الاقتصادي.

خطوات عملية.. الحكومة تتحرك نحو التنفيذ

وأكد الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، أن تحويل الدعم العيني إلى نقدي يخضع حاليًا لدراسة معمقة، مع الحرص على الاستماع لتوصيات لجنة الحوار الوطني. وفي خطوة عملية نحو تنفيذ هذا التوجه، عقد الوزير اجتماعًا مع الهيئة القومية للبريد المصري وممثلي شركة فيزا العالمية لبحث سبل التعاون في مجال التحول الرقمي وتطوير منظومة الدعم.

دعم برلماني.. النواب يؤيدون التحول مع ضمانات

ويلقى هذا التوجه دعمًا برلمانيًا ملحوظًا، فقد أشار النائب مصطفى الكحيلي إلى الفوائد المتوقعة من التحول إلى الدعم النقدي، مؤكدًا أنه سيسهم في تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين ويمنح الأسر مرونة أكبر في إدارة مواردها المالية. كما ناقش مجلس النواب مؤخرًا هذه القضية، مشددًا على ضرورة إجراء حوار مجتمعي شامل ودراسة الآثار الاقتصادية والاجتماعية بدقة لضمان نجاح هذا التحول الهام.

المستقبل.. نحو نظام دعم أكثر كفاءة وعدالة

مع تقدم هذه الجهود، تتطلع مصر إلى تطوير نظام دعم أكثر كفاءة وعدالة، يلبي احتياجات المواطنين ويدعم جهود التنمية الشاملة في البلاد. هذا التحول، إذا ما تم تنفيذه بحكمة ودقة، قد يمثل نقلة نوعية في مسيرة الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في مصر، محققًا توازنًا أفضل بين ترشيد الإنفاق الحكومي وتحقيق العدالة الاجتماعية.

زر الذهاب إلى الأعلى