مضيق هرمز على حافة الانفجار… هل يتوقف شريان الطاقة العالمي؟

في خضم تصعيد خطير بين إيران وإسرائيل، يعود مضيق هرمز إلى الواجهة بوصفه أكثر من مجرد ممر مائي ضيق؛ إنه شريان حيوي يمر عبره ما يقارب 20% من إنتاج النفط العالمي يوميا.
ومع تزايد التوترات، تتصاعد المخاوف من أن يتحول هذا المعبر البحري الحاسم إلى مسرح للمواجهة العسكرية، مما قد يؤدي إلى شلل جزئي أو كلي في إمدادات الطاقة العالمية وزعزعة الاستقرار الجيوسياسي، بحسب “ذا عرب ويكلي”.
ممر حيوي في مهب التوترات الإقليمية
ويقع مضيق هرمز بين إيران وسلطنة عمان، ويمتد على مسافة 33 كيلومترا فقط عند أضيق نقطة فيه. ورغم ضخامة حجمه، إلا أنه يتمتع بثقل هائل في اقتصاد الطاقة العالمي.
فمن عام 2022 إلى منتصف عام 2025، سهل المضيق مرور ما بين 17.8 و20.8 مليون برميل يوميا من النفط الخام والوقود والمكثفات، مما جعله مركزا استراتيجيا لا يمكن الاستغناء عنه في منظومة الطاقة العالمية.
كما يعد الطريق الرئيسي لصادرات النفط من الدول الأعضاء الرئيسية في أوبك، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت والعراق وإيران. ويمر عبر هذه المياه أيضا الغاز الطبيعي المسال القطري، الذي يشكل جزءا كبيرا من الإمدادات العالمية.
وقد أدت التوترات الحالية بين إيران وإسرائيل، والتي تفاقمت بسبب عدم الاستقرار الإقليمي، إلى تفاقم المخاوف من أن يصبح هذا الشريان الاستراتيجي خطا أماميا للصراع.
الأسواق على حافة الهاوية.. رؤى الخبراء حول تقلبات أسعار النفط
ويرى الخبير الاقتصادي الجيوسياسي، مايكل رانكين، أن أي محاولة لإغلاق المضيق – حتى لو كانت مؤقتة أو رمزية – قد تُحدِث صدمة فورية في الأسواق.
ويؤكد: “الأسواق لا تتفاعل مع الوقائع فحسب، بل أيضًا مع التهديدات ذات المصداقية”، مضيفا أن مجرد الإحساس بالخطر في المضيق قد يرفع أسعار النفط بين 10 و30 دولارا للبرميل خلال ساعات، مما يضع ضغوطا شديدة على الاقتصاد العالمي.
وتجلّى هذا الخطر في حادث وقع في 17 يونيو، عندما اصطدمت ناقلتان للنفط قرب المضيق بعد تداخل إلكتروني غير مبرر. ورغم عدم وقوع إصابات أو تسريبات، أثار الحادث تساؤلات خطيرة حول مدى هشاشة الأمن البحري في منطقة تمس شريان الاقتصاد العالمي.
سابقة تاريخية ومخاطر مستمرة
لطالما كان مضيق هرمز بؤرة توتر في النزاعات الإقليمية والدولية. فمنذ ما عُرف بـ”حرب الناقلات” خلال الصراع الإيراني العراقي في ثمانينيات القرن الماضي، وحتى الاستيلاء على ناقلات النفط مؤخرا في عامي 2019 و2021، مثلت مياهه انعكاسا متكررا للاضطرابات السياسية المحيطة بها.
في حين استثمرت دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في طرق تصدير بديلة، بما في ذلك خطوط أنابيب إلى البحر الأحمر، يتفق الخبراء على أن هذه الإجراءات غير كافية لتعويض الدور الاستراتيجي لمضيق هرمز على المدى القريب.
الوجود العسكري.. رادع أم حل مؤقت؟
وفي ظل تصاعد التهديدات، تستمر الولايات المتحدة في نشر أسطولها الخامس في البحرين، مدعوما بقوات بحرية متعددة الجنسيات لتأمين الملاحة في المضيق. إلا أن هذا التواجد العسكري، رغم أهميته، لا يضمن الحل.
ويشير العقيد البحري المتقاعد ومحلل الأمن البحري هيثم الفليتي إلى أن “الأسطول الخامس الأمريكي وقوات التحالف قد يضمنان حرية الملاحة مؤقتًا، لكنهما لا يستطيعان حل الأزمة دون معالجة أسبابها السياسية والعسكرية العميقة. قد يُؤخر الوجود العسكري في الخليج التصعيد، لكنه لن يمنعه”.
ويؤكد تحذيره حقيقة مُقلقة وهي أن العالم يتعامل مع وضع تزداد فيه احتمالات المواجهة المباشرة في منطقة ضيقة للغاية وحيوية إلى حد لا يُمكن فيه السماح بأي خطأ استراتيجي.
وبدون تقدم دبلوماسي أو خفض تصعيد إقليمي، قد يتحول المضيق من منطقة ردع إلى مسرح مواجهة مباشرة.
مأمن الطاقة في قبضة التهديدات
وفي ظل غياب تقدم دبلوماسي حقيقي أو نوايا واضحة لخفض التصعيد، يظل أمن الطاقة الإقليمي والدولي رهينة حسابات الردع والمواقف المتشددة.
كما أن استمرار اعتماد الاقتصاد العالمي على ممر هش كهرمز يعكس خللا هيكليا في البنية التحتية للطاقة، لا يمكن تجاهله.
اقرأ أيضا.. طبول الحرب تقرع.. إيران أعدت صواريخها وتفتح باب المواجهة مع أمريكا
ومع أن التحولات في سوق الطاقة – مثل بروز الولايات المتحدة كمصدر رئيسي وتوجه النفط الخليجي نحو آسيا – قد خففت نسبيا من بعض الاعتمادات، فإن مضيق هرمز لا يزال نقطة الوصل بين الخصوم والحلفاء، وبؤرة محتملة لأي انفجار إقليمي مقبل.
ويؤكد الخبراء والمحللون أنه إذا لم تتم معالجة الأسباب العميقة للصراع، فإن المضيق قد لا يظل فقط “على حافة السكين”، بل قد يتحول فعليا إلى فتيل الحرب المقبلة في الشرق الأوسط.