مفاوضات الدوحة تحت القصف.. هل ينجح تصعيد إسرائيل في فرض شروط الهدنة مع حماس؟

في وقت تشهد فيه العاصمة القطرية الدوحة جولة مفاوضات جديدة بين إسرائيل وحماس برعاية دولية مكثَّفة للتوصل إلى اتفاق تبادل أسرى ووقف لإطلاق النار، صعّدت إسرائيل عملياتها العسكرية في قطاع غزة، في ما وصفه مراقبون بأنه “ضغط ميداني” يُراد منه فرض شروط تفاوضية على الأرض، بينما تتدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع بشكل كارثي.
وبحسب تقارير صحفية فقد وسع الجيش الإسرائيلي من عملياته البرية والجوية في قطاع غزة، مركزًا نيرانه في المناطق الشرقية لمدينة خان يونس جنوب القطاع، حيث دفع بتعزيزات جديدة من الآليات العسكرية وبدأ بقصف أهداف متفرقة.
التحركات العسكرية تأتي في وقت حساس سياسياً، وسط تسريبات عن رغبة إسرائيلية في رفع مستوى الضغط الميداني لتحسين شروطها التفاوضية.
كمين في بيت حانون
في شمال القطاع، شهدت بلدة بيت حانون قصفًا مدفعيًا وجويًا كثيفًا، بعد تعرّض وحدة من الجيش الإسرائيلي لكمين نفذته الفصائل الفلسطينية، أدى إلى مقتل وجرح عدد من الجنود.
وأفادت مصادر إسرائيلية أن الجنود المصابين تم إخلاؤهم بواسطة مروحيات عسكرية إلى داخل إسرائيل، ووصفت الحدث بـ”الأمني الخطير”.
استهداف مراكز النازحين
القصف المدفعي والجوي امتد ليشمل أحياء الزيتون والشجاعية شرق مدينة غزة، حيث كثّف الجيش الإسرائيلي عمليات تدمير المنازل والبنى التحتية، مستخدمًا غطاءً نارياً كثيفاً من الطائرات والمدفعية.
وأكدت مصادر طبية أن القصف طال مدارس ومراكز إيواء للنازحين، وأسفر عن سقوط ضحايا مدنيين بينهم نساء وأطفال.
ويتزامن هذا التصعيد العسكري مع تدهور إنساني غير مسبوق، إذ تحذر الأمم المتحدة ومنظمات دولية من انهيار كامل للمنظومة الطبية والإغاثية في غزة، وسط نقص حاد في الغذاء والماء والدواء.
ومع تزايد أعداد النازحين، تتضاعف الكارثة يوماً بعد يوم، فيما تبقى آفاق الحل السياسي ضبابية.
مفاوضات الدوحة بين إسرائيل وحماس
على الجبهة السياسية، تتواصل في العاصمة القطرية الدوحة المفاوضات بين إسرائيل وحركة حماس، بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية، في محاولة للتوصل إلى اتفاق شامل يتضمن وقفاً لإطلاق النار وتبادلاً للأسرى، إضافة إلى تسوية ملف الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس.
ورغم التفاؤل الحذر، قال مسؤول إسرائيلي رفيع يرافق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في زيارته إلى واشنطن، إن فرص التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع ليست مضمونة، مشيراً إلى وجود “فجوات جوهرية” بين الطرفين، قد تتطلب وقتاً أطول لتجاوزها.
مقترح هدنة الـ 60 يومًا بين إسرائيل وحماس
وسط التعقيدات، طرح الوسطاء مقترحاً جديداً يتضمن وقفًا للأعمال القتالية في غزة لمدة 60 يوماً، يتم خلالها الإفراج التدريجي عن 10 رهائن إسرائيليين، إضافة إلى إعادة رفات رهائن قتلى، مقابل إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
ويُتوقع خلال هذه الفترة أن تستمر المفاوضات للتوصل إلى وقف دائم للحرب، وهو ما تعتبره واشنطن أولوية ملحّة قبل اتساع رقعة التصعيد في المنطقة.
رسالة عسكرية أم مناورة تفاوضية؟
يقرأ محللون هذا التصعيد الإسرائيلي على أنه جزء من استراتيجية الضغط، تهدف إلى دفع حماس لتقديم تنازلات في ملف التهدئة وتبادل الأسرى، خصوصاً أن الجولة الحالية من المفاوضات تتزامن مع لقاءات سياسية لنتنياهو في واشنطن، ما يُرجّح وجود تنسيق دبلوماسي-عسكري متعدد المسارات.
لكن في المقابل، تؤكد حماس أن الضغط العسكري لن يُجبرها على القبول بشروط مجحفة، مطالبة بوقف شامل للعدوان قبل أي اتفاق على الرهائن.
ومع استمرار القصف من جهة، وتقدّم بطيء في المفاوضات من جهة أخرى، يبقى مستقبل الهدنة معلقًا في مهبّ التصعيد، بينما يدفع المدنيون في غزة الثمن الأكبر.
وبينما يراهن البعض على تحقيق اختراق سياسي قريب، يخشى كثيرون أن تتحول المفاوضات إلى غطاء لتصعيد دموي أطول، ما لم يتم التوصل لاتفاق يوقف هذه الحرب المدمرة.
اقرأ أيضًا: رأس الناتو وقلب الشرق.. هل تنجح تركيا في مواصلة سياسة السير على أطراف الأصابع؟