مليون نازح يعودون رغم الدمار.. هل بدأ الفصل الأخير من الحرب في السودان؟
في تطور لافت قد يشير إلى تحول في مسار الحرب في السودان، أعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من 1.3 مليون سوداني عادوا إلى ديارهم خلال الأشهر الأخيرة، بعد نزوح قسري سبّبته الحرب الطاحنة التي اندلعت في أبريل بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ورغم أن العودة تمت في مناطق خفّ فيها القتال مؤخرًا، فإن تقارير الأمم المتحدة حذّرت من أن هذه المناطق لا تزال تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة، وسط دمار واسع للبنية التحتية ومخاطر أمنية تهدد العائدين.
عودة تحمل الأمل والمخاطر
بحسب بيان مشترك صادر عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والمنظمة الدولية للهجرة، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فإن وتيرة العودة تسارعت مع مطلع العام الحالي، رغم أن “الظروف لا تزال محفوفة بالمخاطر”، على حد تعبير البيان.
وأكد مامادو ديان بالدي، المدير الإقليمي للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، أن “مليون نازح داخلي عادوا إلى مناطقهم”، مشيرًا إلى أن كثيرًا من العائدين “لا يحملون معهم سوى ما تبقى من الأمل”، في ظل دمار شامل أصاب منازلهم ومجتمعاتهم.
الخرطوم وسنار والجزيرة في الواجهة
وتشير بيانات المنظمة الدولية للهجرة إلى أن أكبر موجات العودة سُجلت في ولايات الخرطوم وسنار والجزيرة، وهي من أكثر المناطق تضررًا خلال الحرب.
وقال عثمان البلبيسي، المدير الإقليمي للمنظمة، إن “التدفقات الكبرى بدأت منذ بداية العام، فيما تزايدت العودة إلى الخرطوم تحديدًا منذ مارس.
وتتوقع الأمم المتحدة أن يرتفع عدد العائدين إلى نحو 2.1 مليون شخص بحلول نهاية عام 2025، لكن هذا مرهون باستمرار الهدوء النسبي وتحسن الأوضاع الأمنية والخدمية في تلك المناطق.
السودان بلا وثائق ولا مدارس في ظل الحرب
العائدون إلى مناطقهم يواجهون واقعًا صعبًا، إذ إن معظم البنية التحتية التعليمية والصحية إما دُمرت أو تحولت إلى ملاجئ جماعية للنازحين، بحسب وكالات الأمم المتحدة.
كما أن فقدان الوثائق الثبوتية يحرم الآلاف من المواطنين من الحصول على الخدمات الأساسية، في ظل غياب منظومة إدارية تعمل بكفاءة.
وتبرز الذخائر غير المنفجرة كخطر يومي يهدد السكان، خاصة في الأحياء السكنية التي كانت مسرحًا للمعارك خلال الشهور الماضية.
الأمم المتحدة تطالب بتمويل عاجل
مع هذه التطورات، حذّرت الأمم المتحدة من أن النقص الحاد في تمويل العمليات الإنسانية يهدد قدرة الوكالات الإغاثية على دعم العائدين، سواء داخل السودان أو في الدول المجاورة التي لا تزال تستضيف مئات آلاف اللاجئين السودانيين.
وقالت المنظمات الأممية إن “الاحتياجات تفوق المتاح”، داعية المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل لدعم جهود إعادة الإعمار وتوفير الخدمات الأساسية للمناطق المنكوبة.
هل يقترب السودان من نهاية الحرب؟
رغم قتامة المشهد، يرى مراقبون أن تزايد أعداد العائدين قد يُقرأ كمؤشر على بداية انفراجة، أو على الأقل رغبة شعبية بإنهاء فصول الحرب المدمرة التي شردت الملايين وأغرقت البلاد في أزمات اقتصادية وإنسانية غير مسبوقة.
لكن محللون يرون أن الطريق إلى السلام لا يزال مليئًا بالألغام، سواء بالمعنى المجازي أو الحرفي، في بلدٍ يحاول لملمة ما تبقى من أمل وسط الركام.
اقرأ أيضا.. من الظل إلى السلطة.. هل يُعيد شقيق الشرع رسم خريطة المال في سوريا؟