منشأة أصفهان النووية.. تضارُب حول الأضرار وسط تطمينات السعودية للمنطقة

تصدرت منشأة أصفهان النووية، في خضم تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران واجهة الأحداث، بعد أن أكد مسؤولون عسكريون إسرائيليون تنفيذ ضربات مباشرة ضدها، واصفين الأضرار بأنها “كبيرة وستستغرق سنوات لإصلاحها”.

وتعد المنشأة، الواقعة وسط إيران، من أبرز مراكز تخصيب اليورانيوم وتطوير البرنامج النووي الإيراني، ما يفسر استهدافها بشكل متكرر خلال الهجمات الأخيرة.

وبحسب الرواية الإسرائيلية، فإن المنشأة كانت ضمن أكثر من 150 هدفا عسكريا ونوويا تم ضربها باستخدام مئات الصواريخ. وذكر مسؤول في الجيش الإسرائيلي أن منشأة أصفهان “لم تُدمر بالكامل، لكن إصلاحها سيأخذ وقتا طويلا”.

طهران تنفي الأضرار الجسيمة وتُقلل من الهجوم

وفي المقابل، سارعت إيران إلى نفي الرواية الإسرائيلية، حيث أكد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، أن منشأة أصفهان “لم تتعرض لأضرار كبيرة”.

وأوضح أن حريقا اندلع في سقيفة تابعة للمنشأة، دون أن يؤثر ذلك على البنية الأساسية أو يسبب أي خطر إشعاعي. كما أشار إلى أنه تم اتخاذ خطوات استباقية بنقل المعدات تحسبا لضربات مماثلة.

وأكد كمالوندي مجددا عدم وجود تلوث نووي في محيط المنشأة، مشيرا إلى أن الإجراءات المتبعة تهدف إلى ضمان سلامة المنشآت وتقليل احتمالية التسرب الإشعاعي أو الكوارث البيئية.

الوكالة الدولية للطاقة الذرية: لا إشعاع خارج الموقع

ورغم تباين المواقف بين طهران وتل أبيب، جاءت تصريحات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتضيف بعدا محايدا في قراءة المشهد، حيث أعلنت عبر حسابها الرسمي على منصة “إكس” أن منشأة أصفهان “استُهدفت عدة مرات”، لكنها لم تُسجل حتى الآن أي زيادة في مستويات الإشعاع خارج الموقع، مشيرة إلى أنها تواصل العمل عن كثب مع السلطات الإيرانية لمتابعة الموقف.

وأضافت الوكالة أن تقييمها يستند إلى معطيات دقيقة تصل من أجهزة المراقبة الإيرانية، وتُحلل وفقا لبروتوكولات الأمان النووي المعتمدة دوليا.

السعودية تطمئن: لا خطر إشعاعي في المنطقة

بدورها، أكدت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية السعودية أن لا وجود لأي مؤشرات على تلوث إشعاعي في المناطق القريبة من منشأتي “نطنز” و”أصفهان”، بما في ذلك الأراضي السعودية.

وذكرت أن المركز الوطني للطوارئ النووية تلقى إشعارا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بناء على بلاغ من الهيئة الإيرانية، يفيد بعدم وجود أي تسرّب إشعاعي جراء الهجمات.

وشددت الهيئة على أن أجهزة الرصد في المملكة تعمل بكفاءة عالية، وأن البيئة الإقليمية آمنة من أي تبعات نووية حالية، داعية إلى عدم الانجرار وراء الشائعات والاعتماد فقط على البيانات الرسمية.

الخبراء يحذرون من “ضباب المعلومات”

ويرى مراقبون أن تضارب التصريحات حول منشأة أصفهان يعكس أحد أوجه الحرب النفسية والدعائية بين إيران وإسرائيل. ففي الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل لتضخيم أثر عملياتها العسكرية بهدف الضغط على طهران دوليا، بينما تعمل إيران على احتواء تداعيات الضربة من خلال التأكيد على محدودية الأضرار وسلامة المنشآت.

منشأة أصفهان: موقع استراتيجي في قلب البرنامج النووي الإيراني

وتُعد منشأة أصفهان من أهم المنشآت النووية الإيرانية، إذ تضم مجمعات لإنتاج اليورانيوم وتحويله إلى غاز UF6 المستخدم في أجهزة الطرد المركزي.

كما أنها تلعب دورا حيويا في سلسلة الإمداد النووي الإيراني، وهو ما يجعلها في مرمى أي عمليات تستهدف تقويض البرنامج النووي لطهران.

اقرأ أيضًا: ضربات إسرائيل وإيران تثير ذعر العالم.. وخريطة مرعبة تنذر بكارثة نووية تهدد 250 مليون أمريكي

ويحمل الهجوم الإسرائيلي على هذه المنشأة تحديدا دلالات استراتيجية، ويكشف عن مرحلة جديدة من التصعيد قد تدفع إلى ردود إيرانية غير متوقعة، في ظل غياب الثقة وغياب أي إطار تفاوضي فاعل بين الطرفين.

أصفهان في عين العاصفة

ويعكس الهجوم الإسرائيلي على منشأة أصفهان تحولا نوعيا في مسار الصراع بين إيران وإسرائيل. وبين تضخيم الأضرار في الإعلام الإسرائيلي وتقليلها في الخطاب الإيراني، تبقى الحقيقة رهينة التحقيقات الدولية والبيانات الفنية، فيما تواصل السعودية والوكالة الدولية للطاقة الذرية تقديم صورة أكثر اتزانا ومصداقية حول الأوضاع البيئية والإشعاعية.

زر الذهاب إلى الأعلى