منظمة التعاون الاقتصادي: الاقتصادات الناشئة في مأزق مع تجاوز الدين العالمي 100 تريليون دولار

أعلنت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن إجمالي الديون المستحقة على مستوى العالم (الدين العالمي)، بما في ذلك السندات الحكومية وسندات الشركات، تجاوز 100 تريليون دولار في عام 2024.

يأتي ذلك في ظل استمرار ارتفاع تكاليف الفائدة، مما يفرض تحديات كبيرة على المقترضين ويجعلهم أمام خيارات صعبة تتطلب إعطاء الأولوية للاستثمارات المنتجة.

ورغم أن البنوك المركزية بدأت في خفض أسعار الفائدة، فإن تكاليف الاقتراض لا تزال أعلى بكثير مما كانت عليه قبل دورة رفع الفائدة التي بدأت في عام 2022، مما يؤدي إلى استبدال الديون منخفضة الفائدة بديون جديدة ذات تكاليف أعلى، ومن المرجح أن يستمر ارتفاع تكاليف الفائدة في المستقبل.

ضغوط مالية تواجه الحكومات

يأتي هذا الارتفاع في الديون في وقت تواجه فيه الحكومات نفقات ضخمة في عدة مجالات، مثل البنية التحتية، والإنفاق الدفاعي، والتحول إلى الاقتصاد الأخضر، والتعامل مع التحديات الديموغرافية مثل شيخوخة السكان.

على سبيل المثال، وافق البرلمان الألماني هذا الأسبوع على خطة إنفاق كبيرة لتعزيز البنية التحتية ودعم الدفاع الأوروبي.

وفي تقريرها السنوي عن الديون، حذرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أن ارتفاع الديون وزيادة تكاليف الفائدة قد يحدان من قدرة الحكومات على الاقتراض في المستقبل، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى الاستثمارات أكثر من أي وقت مضى.

وأوضحت المنظمة أن تكاليف الفائدة، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفعت بين عامي 2021 و2024 إلى أعلى مستوى لها خلال العشرين عامًا الماضية.

تحديات إعادة التمويل

ووفقًا للتقرير، فإن أكثر من نصف الديون المستحقة للدول منخفضة الدخل وذات المخاطر العالية سيحين أجل استحقاقها خلال السنوات الثلاث المقبلة، مع استحقاق 20% منها خلال العام الجاري.

كما سيحل أجل استحقاق نحو نصف الديون الحكومية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والأسواق الناشئة، ونحو ثلث ديون الشركات بحلول عام 2027.

وفي هذا السياق، قال سردار جيليك، رئيس أسواق رأس المال والمؤسسات المالية في المنظمة، إنه يجب على الحكومات والشركات توجيه القروض نحو الاستثمارات المنتجة لتعزيز النمو الاقتصادي، محذرًا من أن الاستمرار في إضافة ديون باهظة دون تعزيز القدرة الإنتاجية قد يؤدي إلى مزيد من الأزمات الاقتصادية في المستقبل.

ارتفاع تكاليف الاقتراض وتأثيره على الشركات

منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، زادت الشركات من حجم اقتراضها، لكن جزءًا كبيرًا من هذا الدين ذهب إلى إعادة التمويل أو توزيعات الأرباح للمساهمين، بدلًا من الاستثمار في مشاريع إنتاجية.

وتشير بيانات المنظمة إلى أن الأسواق الناشئة التي تعتمد على الاقتراض بالعملات الأجنبية تواجه ضغوطًا متزايدة، حيث ارتفعت تكاليف الاقتراض عبر السندات المقومة بالدولار من 4% في عام 2020 إلى أكثر من 6% في 2024، وتصل إلى أكثر من 8% بالنسبة للدول ذات التصنيفات الائتمانية الضعيفة.

وفي ظل انخفاض معدلات الادخار وضحالة الأسواق المالية المحلية، تواجه العديد من الدول النامية صعوبات في الاستفادة من الموارد النقدية المحلية، مما يفرض عليها مزيدًا من الاعتماد على التمويل الخارجي بتكاليف مرتفعة.

تمويل التحول الأخضر وتداعياته على الديون

أشارت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى أن تمويل التحول إلى صافي انبعاثات كربونية معدومة يمثل تحديًا ماليًا ضخمًا.

فإذا تم تمويل هذه الاستثمارات بالكامل من القطاع العام، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي بمقدار 25 نقطة مئوية في الاقتصادات المتقدمة، و41 نقطة مئوية في الصين بحلول عام 2050.

أما إذا تم الاعتماد على القطاع الخاص، فقد تحتاج ديون شركات الطاقة في الأسواق الناشئة – باستثناء الصين – إلى أن تتضاعف أربع مرات بحلول عام 2035.

اقرأ أيضًا .. خلال 4 سنوات.. إنفيديا تستثمر نصف تريليون دولار بصناعة الإلكترونيات في أمريكا

التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على تدفقات رأس المال

حذرت المنظمة من أن تصاعد التوترات الجيوسياسية والشكوك التجارية قد يؤدي إلى تغيرات سريعة في تدفقات رأس المال العالمية، مما قد يزيد من تقلبات الأسواق المالية.

وذكرت أن البنوك المركزية، التي خفضت حيازتها من السندات الحكومية، حلت محل المستثمرين الأجانب والأسر، حيث أصبحت تمتلك الآن 34% و11% من الديون الحكومية المحلية لاقتصادات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على التوالي، مقارنة بـ 29% و5% في عام 2021.

لكن المنظمة نبهت إلى أن هذه الديناميكيات قد لا تستمر على المدى الطويل، مما يزيد من المخاطر المالية التي قد تواجه الأسواق العالمية خلال السنوات المقبلة.

زر الذهاب إلى الأعلى