منع الوفد العربي من رام الله.. هل أجهضت إسرائيل الزيارة أم تأجلت؟

في واقعة جديدة تعكس التعنت الإسرائيلي، منعت إسرائيل الوفد الوزاري العربي رفيع المستوي من دخول مدينة رام الله، حيث كان يُفترض أن تُعقد لقاءات رسمية مع القيادة الفلسطينية.
وبينما وصفت العواصم العربية القرار بأنه “تعطيل سياسي”، تقول إسرائيل إن الأمر “قرار سيادي”. فهل أُجلت الزيارة أم أُلغيت نهائيًا؟ وما الذي تخشاه تل أبيب من لقاء عربي في قلب الضفة الغربية؟
إسرائيل ترفض فتح الأجواء لدخول الوفد الوزاري العربي
كانت الترتيبات اللوجستية للزيارة تسير وفق ما هو مخطط، إلى أن تلقى المنظمون إشعارًا رسميًا من السلطات الإسرائيلية يفيد برفض فتح المجال الجوي للوفد الوزاري للهبوط في الأراضي الفلسطينية.
وبررت إسرائيل ذلك بـ”الاعتبارات الأمنية”، لكن مصادر دبلوماسية عربية أكدت أن السبب الحقيقي سياسي، ويتعلق برفض إسرائيل أي نشاط إقليمي قد يُضفي شرعية إضافية على السلطة الفلسطينية أو يفتح الباب لمطالب دولية بتنفيذ حل الدولتين.
هل كانت زيارة الوفد الوزاري العربي بحاجة لموافقة إسرائيل؟
نظريًا، رام الله تقع تحت السيطرة الفلسطينية (المنطقة A)، لكن فعليًا لا يمكن لأي وفد أجنبي دخول الضفة الغربية إلا بموافقة إسرائيل، سواء عبر الجو أو المعابر البرية.
إذ تتحكم تل أبيب في جميع المنافذ الحدودية، بما في ذلك المجال الجوي، ما يجعل السلطة الفلسطينية عاجزة عن استقبال الوفود الرسمية من دون التنسيق المسبق مع الاحتلال.
تشكيل الوفد الوزاري الذى منعته إسرائيل من دخول رام الله
الوفد الذي تم منعه يضم وزراء خارجية السعودية، مصر، الأردن، الإمارات، قطر، البحرين، إضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية، وكان يفترض أن يلتقي بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله، في إطار متابعة مقررات القمة العربية-الإسلامية الأخيرة في الرياض، والتي ركّزت على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ودعم إقامة الدولة الفلسطينية.
هذه الزيارة، لو تمت، كانت ستحمل دلالات رمزية عميقة، كونها المرة الأولى التي يجتمع فيها هذا العدد من وزراء الخارجية العرب في الضفة الغربية، وتحديدًا بعد حرب غزة المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر.
ماذا قالت إسرائيل عن منع الوفد الوزاري العربي؟
مصادر صحفية إسرائيلية وصفت الزيارة بأنها “استفزاز دبلوماسي”، معتبرة أنها “تروّج لخطاب معاد لإسرائيل”، وأنها تُسهم في “إعادة تأهيل سلطة فلسطينية فاشلة”.
كما أكدت أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، بقيادة بنيامين نتنياهو، ترفض بشدة أي تحرك إقليمي أو دولي يعيد طرح حل الدولتين.
منع سياسي أم فشل دبلوماسي؟
البيان العربي المشترك أدان بشدة القرار الإسرائيلي، واعتبره “تعديًا على السيادة الفلسطينية، وانتهاكًا واضحًا للقانون الدولي والمواثيق التي تضمن حرية الحركة للبعثات الدبلوماسية”.
لكن البيان لم يُعلن بشكل صريح إلغاء الزيارة، بل تحدث عن “تأجيلها”، ما يفتح الباب أمام احتمال إعادة ترتيبها مستقبلًا، ربما من خلال ضغط دولي أو تفاهمات عبر أطراف ثالثة مثل الأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.
الاجتماع يُعقد في عمّان بدلًا من رام الله
بعد تعذر الدخول إلى الضفة، عُقد الاجتماع الوزاري مساء السبت في العاصمة الأردنية عمّان، وتم التأكيد خلاله على استمرار المساعي السياسية لعقد مؤتمر دولي في نيويورك منتصف يونيو الجاري، وتثبيت مطلب إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
إلغاء مؤقت أم اختبار سياسي؟
بين “التأجيل” الذي تحدثت عنه العواصم العربية، و”الإلغاء الفعلي” الذي فرضته إسرائيل، تقف الزيارة كعلامة على الانسداد السياسي في مسار دعم الدولة الفلسطينية.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل تملك الدول العربية أوراقًا حقيقية لفرض إرادتها السياسية في الأرض المحتلة؟ أم أن تل أبيب ستبقى تتحكم حتى في شكل التضامن مع الفلسطينيين؟
اقرأ أيضًا: عودة الموظفين الشرفاء في سوريا.. مصالحة إدارية أم مناورة سياسية؟