من الخيام للركام.. مشاهد مؤثرة مع عودة النازحين إلى غزة
بعد خمسة عشر شهرًا من النزوح القسري، بدأت خيوط الفجر ترسم ملامح عودة النازحين الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة. هذه العودة لم تكن حدثًا عابرًا، بل جاءت كنتيجة لاتفاق هدنة تم التوصل إليه بعد جهود دبلوماسية مضنية، سعيًا لوقف نزيف الدم ووضع حد للدمار الذي حل بالقطاع.
اتفاق الهدنة في غزة
وقبل خمسة عشر شهرًا، شنت إسرائيل حربًا مدمرة على قطاع غزة خلَّفت وراءها دمارًا هائلًا وخسائر بشرية فادحة. نزح على إثرها عشرات الآلاف من الفلسطينيين، الذين اضطروا لترك منازلهم واللجوء إلى مراكز الإيواء أو إلى مناطق أخرى أكثر أمنًا نسبيًا.
بعد جهود وساطة إقليمية ودولية مكثفة، تم التوصل إلى اتفاق هدنة بين إسرائيل وحماس. تضمن الاتفاق بنودًا عدة، من أهمها وقف إطلاق النار، انسحاب القوات، تبادل الأسرى، وفتح المجال لعودة النازحين إلى ديارهم. هذا الاتفاق، الذي جاء بعد أشهر من القتال العنيف، أعاد بعض الأمل لسكان القطاع المنكوب.
العودة بين الفرح والصدمة
عودة النازحين كانت ممزوجة بمشاعر متضاربة، فرحة لقرب العودة إلى الديار، وصدمة من حجم الدمار الذي حلَّ بها. مشهد يختصر حكاية شعب صامد، عاد ليجد نفسه بين أنقاض ذكرياته.
كانت رحلة العودة أشبه بمسيرة أمل وسط الخراب. أُسر بأكملها تحمل ما تبقى من أثاثها المتواضع، أطفال يجرون ألعابهم المتربة، وشيوخ يتكئون على عصيهم، يسيرون بخطوات متثاقلة نحو ما تبقى من منازلهم.
عودة النازحين في غزة ليست مجرد انتقال مكاني، بل رحلة نفسية عميقة، رحلة بحث عن حياة وأحباء بين الركام.
ذكريات تحت أنقاض غزة
وصل العائدون ليجدوا أن الأحياء التي تركوها عامرة بالحياة تحولت إلى أطلال. منازلهم، التي كانت يوماً ملاذاً آمناً، أصبحت أكواماً من الحجارة والحديد الملتوي. لم يسلم شيء من هذا الدمار، حتى ذكرياتهم الجميلة دفنت تحت الأنقاض.
وسط هذا الخراب، تجد قصصاً إنسانية مؤثرة. أم فقدت كل ما تملك، تقف أمام منزلها المدمر، وعيناها تغرورقان بالدموع. تحاول أن تتذكر مكان باب منزلها، أين كانت نافذة غرفتها، أين كانت تلعب ابنتها الصغيرة. ذكريات تداهمها بقوة، فتنهار باكية.
رجل مسن، عاد ليجد أن منزله قد سوي بالأرض. يحكي بصوت خافت عن ذكرياته في هذا المكان، عن ليالي الشتاء الدافئة، عن لمة العائلة في الأعياد. يتنهد بحسرة، ويقول: “هنا قضيت أجمل أيام حياتي، والآن لا أجد سوى الركام”.
حياة بلا مقومات
لم يقتصر الدمار على المنازل فقط، بل طال البنية التحتية بشكل كبير. شوارع مدمرة، شبكات مياه وكهرباء معطلة، ما يزيد من صعوبة حياة العائدين. يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة، كالماء النظيف والكهرباء والمأوى الآمن.
على الرغم من هذه الظروف القاسية، يصر النازحون على البقاء في أرضهم. ينصبون خياماً مؤقتة بين الأنقاض، يحاولون إعادة بناء حياتهم من الصفر. إصرارهم هذا يعكس قوة إرادتهم وعزيمتهم على التشبث بأرضهم وهويتهم.
إعادة الإعمار
تحذر المنظمات الدولية من أن عملية إعادة الإعمار ستكون شاقة وطويلة الأمد. ملايين الأطنان من الحطام تحتاج إلى إزالة، وبناء آلاف المنازل والمنشآت من جديد. تحديات كبيرة تواجه العائدين، ولكنهم مصممون على مواجهتها بصبر وثبات.
اقرأ أيضًا:
كلمة السر يوم الجمعة..قطر تنجح في حل الخلاف بين حماس وإسرائيل حول أربيل يهود