من السليمانية إلى بغداد.. كيف أفسدت الصراعات السياسية أجواء العيد في العراق؟

بينما يستعد ملايين المسلمين في العراق لاستقبال عيد الأضحى، تشهد بعض المحافظات العراقية توتراً غير مسبوق طغى على أجواء العيد، حيث أعلنت سلطات محلية، أبرزها محافظة السليمانية، تعليق المراسم الرسمية، احتجاجاً على ما وُصف بـ”الظلم المالي والسياسي” الذي يعانيه الإقليم.

وفجّر محافظ السليمانية، هفال أبو بكر، مفاجأة بإعلانه إلغاء جميع المراسم الرسمية الخاصة بعيد الأضحى لهذا العام، في خطوة رمزية وصفها بأنها احتجاج على “احتجاز شعب كوردستان كرهينة” من قبل كل من السلطات العراقية الفيدرالية وبعض الأطراف المحلية.

وأكد أبو بكر في بيان رسمي، اليوم الخميس أن “قطع رزق أحدهم جريمة أعظم من جريمة قطع رقـ.ـبته”، في إشارة واضحة إلى استمرار أزمة رواتب موظفي إقليم كوردستان، التي دخلت شهرها الثامن دون أفق للحل.

الأزمة المالية تطغى على طقوس العيد في العراق

تزامن القرار مع تصاعد التوتر بين أربيل وبغداد بعد إعلان وزيرة المالية العراقية، طيف سامي، أواخر مايو الماضي، تعذّر استمرار تمويل إقليم كردستان، بزعم تجاوز الإنفاق الفعلي للحصة المقررة ضمن قانون الموازنة الاتحادية الثلاثية.

القرار أدى إلى استياء واسع في الأوساط السياسية والاجتماعية في الإقليم، ودفع الحكومة الكوردية إلى تحرّكات على الصعيدين الداخلي والدولي، مطالبة بمراجعة القرار واعتباره “خرقاً دستورياً صريحاً”.

مواقف سياسية متباينة تفسد فرحة العيد في العراق

رغم اتفاقات سابقة وقرارات واضحة من المحكمة الاتحادية بضرورة صرف الرواتب دون تأخير، إلا أن الحكومة الاتحادية تتهم حكومة إقليم كردستان بعدم الالتزام بتسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية، ما تراه بغداد إخلالاً بالاتفاقات.

في المقابل، تصر حكومة الإقليم على أنها سلّمت كافة البيانات المطلوبة، وتعتبر أن الامتناع عن صرف الرواتب يمثل “عقاباً جماعياً” للمواطنين، وتوظيفاً سياسياً لملف اقتصادي حساس.

 قطع الرواتب عقوبة سياسية جماعية

في اجتماعه الأسبوعي، أكد مجلس وزراء إقليم كردستان، برئاسة مسرور بارزاني، أن قرار وقف الرواتب لا يمت إلى القانون بصلة، مشيراً إلى أنه يأتي مع اقتراب عيد الأضحى، ما يضاعف من معاناة الموظفين، ويعكس استهدافاً سياسياً واضحاً للإقليم.

وأوضح المجلس أن الاتفاق الموقع مطلع 2025 ينص على تمويل الرواتب شهرياً دون ربطها بالخلافات السياسية، معتبراً القرار الأخير من بغداد “خرقاً لما تم الاتفاق عليه بوساطة المحكمة الاتحادية”.

موسم الحج يعظل حل الأزمة

وبينما تنتظر حكومة الإقليم بتّ المحكمة الاتحادية في طلب لإلغاء قرار وزارة المالية، تعثّر انعقاد الجلسة بسبب سفر عدد من القضاة إلى السعودية لأداء فريضة الحج، ما يعني تأجيل البت في القضية حتى إشعار آخر، وترك مصير الموظفين معلقاً وسط تنازع الصلاحيات السياسية.

أجواء العيد في العراق

رغم أن محافظات أخرى في العراق لم تعلن تعليق الاحتفالات رسميًا، إلا أن التوتر السياسي والاقتصادي ألقى بظلاله على مختلف المدن، خصوصاً تلك التي تعاني من أزمات خدمية أو احتجاجات متفرقة، كما هو الحال في بعض مناطق الجنوب.
وفي بغداد،

ورغم إعلان الجهات الحكومية استمرار مظاهر العيد، إلا أن مراقبين لاحظوا فتوراً في التحضيرات الرسمية والشعبية، في ظل أجواء سياسية خانقة، وتراجع مستوى الثقة العامة بالحكومة الاتحادية.

رسائل سياسية خلال العيد في العراق

يمثّل تعليق مراسم العيد في السليمانية مؤشراً على اتساع الهوة بين المركز والإقليم، ويعكس كيف تحوّلت المناسبات الدينية، التي يفترض أن توحّد العراقيين، إلى منصات احتجاج ورسائل سياسية.

ومع استمرار الخلاف المالي، يبدو أن لا أحد في العراق يستطيع فصل السياسة عن تفاصيل الحياة اليومية، حتى في أكثر المناسبات قداسة.

عيد بطعم الغضب في العراق

وفق مراقبون لا يبدو عيد الأضحى هذا العام في العراق كبقية الأعياد. فبين أزمة رواتب معلّقة، وانقسامات سياسية حادة، وتعليق للطقوس في محافظات بارزة، يشعر كثيرون أن بهجة العيد قد اختنقت تحت وطأة الخلافات المزمنة.

فهل تكون هذه الأزمة دافعاً نحو حلول أكثر جدية، أم أنها حلقة جديدة في مسلسل الصراع المفتوح بين بغداد وأربيل؟

اقرا أيضا

تفجير مرقد الخميني.. كيف أجهضت إيران مخطط داعش لاستهداف ذكرى “روح الله”؟

زر الذهاب إلى الأعلى