من الظل إلى السلطة.. هل يُعيد شقيق الشرع رسم خريطة المال في سوريا؟

بينما تنشغل الأنظار بملفات الانتقال السياسي وتفكيك الإرث الأمني لنظام الأسد، تتسلل خيوط لجنة اقتصادية سرّية يقودها شقيق الشرع لتفرض نفسها لاعبًا رئيسيًا في إعادة تشكيل الاقتصاد السوري.
هذه اللجنة، التي لا تُذكر في التصريحات الرسمية ولا تظهر في صور الاجتماعات الحكومية، باتت تُعرف في الأوساط السياسية والاقتصادية باسم “حكومة الظل الاقتصادية”.
لجنة سرية يقودها شقيق الشرع
بحسب تقرير لوكالة رويترز تتألف اللجنة من شخصيات تجمع بين الخبرة الاقتصادية والارتباط العائلي بالرئيس الانتقالي أحمد الشرع. يتصدرها شخص يُعرف بـ”أبو مريم”، وهو الاسم الحركي لإبراهيم سكرية، إلى جانب حازم الشرع، الشقيق الأصغر للرئيس، الذي يصفه بعض المطلعين بأنه “العقل المدبّر” لإعادة هيكلة المؤسسات المالية في سوريا.
تعمل هذه اللجنة بعيدًا عن الأطر الوزارية التقليدية، وتمتلك صلاحيات تنفيذية مباشرة في ما يتعلق بالمصرف المركزي، وهيئة الاستثمار، وشبكة رجال الأعمال المرتبطين بالعهد الجديد.
ووفق التقرير فإن اللجنة تشرف على تعيينات حساسة في مفاصل المال، وتُقرّ السياسات النقدية بالتنسيق مع فريق المصرف المركزي.
حكومة لا تظهر في الإعلام
رغم عدم الاعتراف الرسمي بوجود هذه اللجنة، تتردد أسماؤها في كواليس المصرف المركزي، وفي اجتماعات تُعقد خلف أبواب مغلقة داخل مبنى رئاسة الوزراء المؤقت في إدلب، الذي بات مركزًا لإدارة مؤسسات الدولة بعد انهيار النظام السابق.
حازم الشرع، الذي لم يظهر في الإعلام منذ تسلم شقيقه مقاليد الحكم، بات يُنظر إليه باعتباره المهندس الحقيقي للمرحلة الاقتصادية، ويُعتقد أن له ارتباطًا مباشرًا بخطط توحيد العملة، وضبط السوق السوداء، واستقطاب الاستثمارات الخليجية، لا سيما من السعودية.
هل تعود هيمنة العائلة من بوابة الاقتصاد؟
هذا الدور المتنامي لحازم الشرع أعاد إلى الأذهان تجربة حافظ وبشار الأسد، حيث لعبت العائلة دورًا محوريًا في الاقتصاد، من خلال واجهات مثل رامي مخلوف. لكنّ مصادر من المعارضة السورية تشير إلى أن الوضع مختلف هذه المرة، إذ تعتمد اللجنة الجديدة على كوادر مدنية وذوي كفاءة من الداخل السوري، وتُسند بعض الملفات إلى اقتصاديين سوريين في المهجر.
ومع ذلك، تُطرح تقارير تساؤلات حقيقية حول غياب الشفافية وآليات الرقابة، لا سيما مع الغموض الذي يلفّ مصادر التمويل، والجهات التي تُجيّر لها العقود الجديدة في قطاعي الطاقة والبناء.
رفض رسمي للتعليق
عند التواصل مع مكتب الناطق باسم الحكومة السورية الجديدة، تم رفض التعليق على وجود اللجنة أو دور حازم الشرع، فيما اكتفى أحد مستشاري الرئيس بالقول إن “إعادة الإعمار تتطلب أدوات استثنائية في ظل ظرف استثنائي”.
خريطة مال جديدة أم إعادة إنتاج للنفوذ العائلي؟
في ظل ما تشهده سوريا من تحولات سياسية كبرى، يبدو أن من يرسم خريطة المال يملك مفاتيح القوة الحقيقية. فهل نحن أمام تجربة إصلاح اقتصادي عميقة تُدار بواقعية من خلف الستار؟ أم أن البلاد تتجه نحو إعادة إنتاج هيمنة العائلة ولكن بثوب جديد؟
أسئلة تفرض نفسها بقوة، مع كل توقيع لعقد جديد، وكل تعيين في مصرف أو هيئة اقتصادية، وسط صمت رسمي يُغذّي الشكوك… ويزيد من حضور حكومة الظل.
اقرأ أيضا
دمشق وتل أبيب على طاولة واحدة.. هل بدأ مسار التطبيع العلني بين سوريا وإسرائيل؟