من الملاجئ إلى المتاحف.. هل تستعد إيران لحرب جديدة مع إسرائيل؟

في مشهد يعكس حجم قلق إيران من تكرار المواجهة مع إسرائيل، أعلن أمين العاصمة طهران، علي رضا زاكاني، عن خطة شاملة لتجهيز 60 موقعًا آمنًا تحت الأرض كملاجئ تحسّبًا لأي طارئ.

ويأتي هذا الإعلان في أعقاب الحرب الأخيرة التي شهدتها البلاد واستمرت 12 يومًا، والتي خلّفت خسائر بشرية ومادية كبيرة، وأثارت مخاوف من جولة قادمة لم تُغلق فصولها بعد.

ملاجئ تحت الأرض وصفارات إنذار

زاكاني كشف، في مقابلة بثها التليفزيون الإيراني مساء الأربعاء، أن بلدية طهران حددت 60 نقطة آمنة موزعة في مناطق متعددة من العاصمة، وقد جُهزت هذه المواقع بأنظمة إنذار مبكر وأجهزة معلومات متخصصة، لتُستخدم كملاجئ جماعية في حال وقوع كوارث أو ضربات عسكرية مفاجئة.

وأضاف المسؤول الإيراني أن محطات المترو ستكون جزءًا من خطة الطوارئ، مؤكداً أن الحكومة تعمل على دمج البنية التحتية المدنية مع الاستعدادات الدفاعية، مشيرًا إلى أن مشاريع إنشاء مواقف سيارات تحت الأرض في مبانٍ مكوّنة من عشرة طوابق ستتضمن طوابق مخصصة كملاجئ ومرافق تجارية وخدمية.

من الخراب إلى التوثيق… المتاحف القادمة

وفي خطوة تعبّر عن الرغبة في تحويل آثار الدمار إلى رواية وطنية، قال زاكاني إن السلطات تسعى إلى تحويل الأجزاء المتضررة من العاصمة إلى متاحف مفتوحة، تُخلّد ضحايا الحرب وتوثّق معالمها. وأوضح أن لوحات تعريفية سيتم تثبيتها في المواقع المستهدفة لتكون شاهدة على ما وصفه بـ”عدوان إسرائيل”.

وأوضح زاكاني: “سنبذل جهدًا كبيرًا لتحويل هذه الأماكن إلى متاحف للأجيال القادمة، ولن نُخفي آثار العدوان، بل سنجعلها حاضرة في الذاكرة الوطنية”.

أرقام تتزايد وخسائر لم تُكشف

تزامن إعلان خطة الملاجئ والمتاحف مع كشف الحكومة الإيرانية عن حصيلة جديدة لضحايا الحرب مع إسرائيل، حيث أكد سعيد أوهادي، رئيس مؤسسة الشهداء والمحاربين القدامى، مقتل 1060 شخصًا على الأقل، مشيرًا إلى احتمال ارتفاع العدد إلى أكثر من 1100 بسبب خطورة إصابات بعض الجرحى.

ورغم وقف إطلاق النار، تواصل إيران الكشف تدريجياً عن حجم الخسائر البشرية، بينما تلتزم الصمت تجاه خسائر العتاد العسكري والبنية التحتية الدفاعية، لا سيما تلك المرتبطة ببرنامجها النووي.

منشآت نووية مدمّرة وصمت رسمي

الحرب التي بدأت الشهر الماضي شهدت أولى الضربات الإسرائيلية على منشآت نووية إيرانية رئيسية، واستهدفت مواقع في نطنز وأصفهان وفوردو، في هجمات مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة.

وأكدت مصادر دولية أن الضربات أدّت إلى تدمير أو تضرر ثلاث منشآت لتخصيب اليورانيوم بشكل بالغ.

ومع أن طهران لم تصدر أي بيان تفصيلي عن تلك الأضرار، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لا تزال ممنوعة من الدخول إلى المواقع المستهدفة، بحسب ما أكده مديرها العام رافائيل غروسي، الذي عبّر عن قلقه الشديد من غياب الشفافية، واعتبر استئناف عمليات التفتيش “أولوية قصوى”.

غموض يلف اليورانيوم المخصب

في ظل غياب المعلومات الرسمية، لا تزال التساؤلات قائمة بشأن مصير نحو تسعة أطنان من اليورانيوم المخصب، منها 400 كيلوغرام على الأقل مخصبة بنسبة تصل إلى 60%، وهي نسبة تقترب من العتبة اللازمة لتصنيع أسلحة نووية.

الخبراء حذّروا من أن تدمير المنشآت لا يعني نهاية البرنامج النووي، خاصة إذا كانت إيران قد قامت بتوزيع المواد النووية في مواقع غير مكشوفة.

استعدادات لحرب جديدة؟

تحرّكات طهران الأخيرة، من تعزيز البنية التحتية تحت الأرض، إلى تحويل مناطق الدمار إلى متاحف وطنية، تُقرأ من قبل مراقبين على أنها استعدادات عملية لجولة جديدة من التصعيد، لا سيما في ظل استمرار التوتر مع إسرائيل والجمود في المسار التفاوضي مع الغرب.

ويشير تصعيد الخطاب السياسي وقرارات الطوارئ المدنية إلى أن طهران تتوقع تكرار المواجهة، وربما تسعى لتحصين جبهتها الداخلية هذه المرة، بينما تراقب العيون الدولية مصير برنامجها النووي المعطّل.

اقرأ أيضا

ميليشيات تلاحق اللاجئين على الحدود.. ماذا يحدث بين بولندا وألمانيا؟

زر الذهاب إلى الأعلى