من الهول إلى السجون.. هل تنهي قسد ودمشق وجود داعش في سوريا عبر اتفاق جديد؟

توصَّلت الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بدعم وتنسيق من التحالف الدولي إلى اتفاق جديد يهدف إلى تفكيك مخيم الهول وسجون تنظيم داعش التي تعتبر واحدة من أخطر تركات الحرب السورية.

هذه المنشآت التي لطالما اعتُبرت “قنابل موقوتة” باتت اليوم في قلب ترتيبات أمنية وإدارية تسعى لاحتواء التهديدات المتراكمة منذ سنوات.

اتفاق ثلاثي

الاتفاق الذي جرى التوصل إليه مؤخرًا خلال اجتماعات غير معلنة بين ممثلين عن الحكومة السورية و”قسد”، وبحضور وفد من التحالف الدولي، يتضمن “آلية مشتركة” لإجلاء العائلات السورية من مخيم الهول، مع تسريع عملية إعادة الدمج في المجتمع، ووضع خطة طويلة الأمد لإدارة ملف السجون التي تضم آلاف المقاتلين المتهمين بالانتماء إلى تنظيم “داعش”.

مخيم الهول مأوي عائلات داعش في سوريا

يُعدُّ مخيم الهول في شمال شرق سوريا أحد أكثر النقاط الساخنة في البلاد، حيث يضم أكثر من 37 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال السوريين المرتبطين بمقاتلي “داعش”، إلى جانب أعداد من العراقيين والأجانب.

ويعيش قاطنو المخيم في ظروف مزرية، بحسب تقارير منظمات حقوق الإنسان، التي وثّقت حالات عنف داخلي، وانتشار الفكر المتشدد، وتردي الخدمات الأساسية.

وقد فشلت محاولات سابقة في تفكيك المخيم نظرًا لتعقيدات الملف، خاصة في ظل غياب التنسيق بين الإدارة الذاتية والحكومة المركزية، مما حال دون إعادة الآلاف إلى مناطقهم الأصلية الواقعة ضمن سيطرة دمشق.

سجون داعش تحت مظلة الحكومة المركزية في سوريا

واحدة من أبرز بنود الاتفاق تتعلق بإخضاع السجون التي تضم نحو 9 آلاف عنصر يُشتبه بانتمائهم لتنظيم “داعش” لإشراف الحكومة السورية.

وتُعتبر هذه الخطوة تطورًا مهمًا في سبيل إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتوحيد المرجعية القانونية لمعتقلي التنظيم.

إعادة دمج عناصر داعش في سوريا

الاتفاق الجديد لا يقتصر على الجانب الأمني فقط، بل يتضمّن أيضًا خططًا لإعادة تأهيل العائدين من المخيمات، لا سيما النساء والأطفال، عبر برامج اجتماعية وتربوية ونفسية، تشرف عليها جهات سورية بدعم دولي. وتهدف هذه البرامج إلى منع ظهور أجيال جديدة متأثرة بأيديولوجيا التنظيم، وتقليص احتمالات العنف الداخلي.

وتُعدّ هذه الخطوة اختبارًا لقدرة الدولة السورية على إدارة مرحلة ما بعد الحرب، وتقديم نموذج متماسك يعيد الثقة بالمؤسسات الرسمية ويمنع إعادة إنتاج التطرف.

تحديات التنفيذ

وفق تقارير فرغم المؤشرات الإيجابية، لا تزال تحديات التنفيذ حاضرة بقوة. فالتباين بين الحكومة و”قسد” في ترتيب الأولويات، وغياب الثقة المتبادلة، ووجود أطراف إقليمية غير راضية عن التقارب، كلها عوامل قد تعرقل مسار الاتفاق.

إضافة إلى ذلك، تواجه السلطات تحديات لوجستية كبيرة، تشمل تأمين التمويل، وبناء منشآت تأهيل، وضمان العدالة للضحايا، وهو ما يتطلب شراكة دولية طويلة الأمد تتجاوز منطق الحلول الأمنية.

إرث داعش في سوريا

منذ سقوط ما يُعرف بـ”الخلافة” في الباغوز عام 2019، ظل ملف داعش معلقًا دون حلول جذرية. المخيمات المكدسة، والسجون المكتظة، شكلت بيئة مثالية لعودة خطاب التطرف والعنف. واليوم، مع بدء تطبيق الاتفاق بين دمشق و”قسد”، تبدو سوريا أمام فرصة نادرة لتفكيك هذا الإرث الدموي.

الرهان الآن لا يقتصر على الاتفاق ذاته، بل على الإرادة السياسية في تنفيذه، والقدرة على استيعاب المفرج عنهم، ومنع أي فراغ أمني يمكن أن يُستغل لعودة التنظيم.

اقرأ أيضًا: رغم اتفاق حماس وأمريكا.. إسرائيل تستدعي مئات الآلاف من جنود الاحتياط| ماذا يحدث؟

زر الذهاب إلى الأعلى