من دمشق لـ تل أبيب..هل يقود توماس باراك قطار التطبيع بين سوريا وإسرائيل؟

كشفت هيئة البث الإسرائيلية، الخميس، عن زيارة غير معلن عنها مسبقًا لمسؤولين أمريكيين كبار إلى تل أبيب وذلك بعد لقاءات جمعتهم في دمشق بالرئيس السوري أحمد الشرع.

ويأتي ذلك في إطار تحركات دبلوماسية تهدف إلى دفع مسار التطبيع بين سوريا وإسرائيل، بعد تغيرات سياسية عميقة في المنطقة، أبرزها صعود حكومة انتقالية جديدة في دمشق.

جهود أمريكية لإعادة رسم التحالفات الإقليمية

ووفقًا للمصادر الإسرائيلية، فإن المباحثات بين واشنطن وتل أبيب شملت ملفات استراتيجية، أبرزها مستقبل مراقبة الحدود الشمالية لإسرائيل، ومصير النقاط العسكرية الإسرائيلية في جنوب لبنان.

وتأتي هذه المناقشات في وقت تشارك فيه الولايات المتحدة بشكل فاعل في ترتيبات أمنية وسياسية إقليمية جديدة، ترتبط بإعادة تعريف المحاور التقليدية في الشرق الأوسط، لاسيما بعد إعادة تموضع القوات الأمريكية وانسحابها من ملفات ساخنة.

باراك من دمشق إلى تل أبيب

ومن المنتظر أن يصل المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، إلى تل أبيب الأسبوع المقبل، قادمًا من العاصمة السورية، حيث عقد سلسلة من الاجتماعات مع الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، وعدد من كبار المسؤولين السوريين.

وترافق باراك في زيارته القادمة إلى إسرائيل نائبة المبعوث الخاص، مورغان أورتاغوس، في مؤشر واضح على جدية الانخراط الأمريكي في إعادة هندسة العلاقات بين دمشق وتل أبيب، تحت رعاية واشنطن.

 رفع العلم الأمريكي لأول مرة في دمشق منذ 2012

وخلال زيارته الرسمية إلى دمشق، التي تُعد الأولى من نوعها منذ إغلاق السفارة الأمريكية هناك في عام 2012، رُفع العلم الأمريكي فوق مبنى السفارة المغلق، في مشهد وصفه مراقبون بأنه “رسالة رمزية لإعادة الاعتراف الدولي بالحكومة السورية الجديدة”.

وفي أعقاب لقائه مع الرئيس أحمد الشرع، صرّح باراك بأن “السلام بين سوريا وإسرائيل ممكن، ويجب أن يبدأ بالحوار”، مؤكدًا أن الولايات المتحدة تؤمن بإمكانية التوصل إلى اتفاق عدم اعتداء كمرحلة أولى، تمهيدًا لتطبيع العلاقات الثنائية.

رفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب

وأضاف باراك في تصريحاته التي بثتها قناة “العربية” السعودية، أن واشنطن ترى في سوريا اليوم “شريكًا محتملاً” في خارطة السلام الإقليمي الجديدة، مشيرًا إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ينوي رفع اسم سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

وشدد المبعوث الأمريكي على أن بلاده تسعى إلى إعطاء “الحكومة السورية الشابة فرصة”، عبر فتح قنوات سياسية بعيدًا عن التدخلات السابقة، مؤكدًا أن الجيش الأمريكي “أنجز 99% من مهمته في مكافحة داعش”.

تل أبيب ترحب بنهج دمشق

من جانبها، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر رسمية أن إسرائيل تنظر بإيجابية إلى تطورات الموقف السوري، وتعتبر أن “نهج الرئيس الشرع تجاه التطبيع موضع ترحيب”.

وصرّح مصدر دبلوماسي إسرائيلي بأن “إسرائيل تعتبر سوريا اليوم دولة ذات سيادة، وشريكًا محتملاً في إعادة تشكيل الخريطة السياسية للمنطقة، بما يشمل لبنان والعراق”.

ملامح صفقة إقليمية جديدة

وفق تقارير تُشير كل هذه التحركات إلى ملامح صفقة إقليمية جديدة تُشرف عليها الولايات المتحدة، تهدف إلى إعادة ترتيب أوراق الشرق الأوسط، خصوصًا في سوريا ولبنان.

ويرى مراقبون أن الاتفاقات الناشئة قد تشمل انسحابًا تدريجيًا لقوى إيرانية من سوريا، مقابل إعادة دمج دمشق في النظام العربي والدولي، وربما توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل برعاية أمريكية.

ويبقى السؤال المطروح بقوة: هل تنجح واشنطن في إقناع الأطراف كافة، بهذا المسار الجديد؟ وهل سيكون اتفاق عدم الاعتداء بين سوريا وإسرائيل مجرد بداية لمسار تطبيع شامل؟

في ظل تزايد المؤشرات على قبول دولي بالحكومة السورية الجديدة، وعودة واشنطن إلى دمشق، يبدو أن شرق المتوسط يتهيأ لمرحلة ما بعد الحرب… مرحلة تبدأ من دمشق وتل أبيب.

اقرأ أيضا

حبل مشنقة تحت قبة البرلمان التركي.. ما علاقة حزب العمال الكردستاني؟

زر الذهاب إلى الأعلى