من قلب المنيا.. كيرلس موسى يفتح باب نوبل في الفيزياء

يتصدر إنجازٌ استثنائي في عالم فيزياء الكم عناوينَ الصحف، وفي قلبه العالم المصري كيرلس موسى، وهو شاب قد يُعيد عمله الرائد رسم ملامح مستقبل معالجة المعلومات الكمومية.

كيرلس موسى عجايبي، باحث دكتوراه في جامعة هارفارد يبلغ من العمر 29 عامًا، حقَّق إنجازًا تاريخيًا بدراسة رائدة نُشرت مؤخرًا في مجلة ساينس المرموقة. يُمثل هذا الإنجاز، الذي يُشاد به بالفعل بوصفه جديرًا بجائزة نوبل، قفزة نوعية نحو الحواسيب والشبكات الكمومية العملية.

تصغير المستقبل.. من المختبرات الضخمة إلى الأسطح الفائقة الرقة

لعقود، حلم الفيزيائيون بتسخير القوة العجيبة لميكانيكا الكم لإحداث ثورة في الحوسبة والاتصالات والاستشعار. تُعتبر الفوتونات – وهي جسيمات ضوئية تنتقل بسرعة 300000 كيلومتر في الثانية – الناقلات المثالية للمعلومات الكمومية، إلا أن التحكم فيها وتشابكها يتطلب تقليديًا مجموعات هائلة من المرايا والعدسات ومقسمات الأشعة، مما يجعل الأجهزة الكمومية العملية ضخمة وعرضة للخطأ.

نجح فريق كيرلس موسى في كلية الهندسة والعلوم التطبيقية بجامعة هارفارد، بالتعاون مع فيزيائيين عالميين تحت إشراف البروفيسور فيديريكو كاباسو، في تحطيم هذا الحاجز.

ابتكارهم: سطح فائق مسطح واحد – رقاقة محفورة بهياكل نانوية – يمكنه استبدال غرفة مليئة بالمكونات البصرية التقليدية. يمكن لهذه السطوح الفائقة التلاعب بمسارات الفوتونات وأشكالها وحالاتها الكمومية، محققةً تحكمًا دقيقًا وتشابكًا كان يُعتقد سابقًا أنه مستحيل في هذا الشكل المدمج.

إمكانات تغيير قواعد اللعبة: أجهزة كمومية متينة وقابلة للتطوير ومقاومة للأخطاء

يُظهر البحث الجديد أن السطوح الفائقة يمكن أن تعمل كشبكات بصرية كمومية خطية قوية، مع إمكانية الاستغناء عن الموجهات الموجية التقليدية وغيرها من الأجهزة البصرية.

تُعد الآثار المترتبة على ذلك عميقة: معالجات كمومية مستقرة ومتينة وفعالة من حيث التكلفة وقابلة للتطوير، وأسهل بكثير في التصنيع والنشر. وكما يوضح كيرلس موسى: “يمكننا الآن تصغير نظام بصري كامل إلى سطح فائق واحد يتميز بالاستقرار والمتانة.”

يتناول عمل الفريق إحدى أكبر العقبات في مجال الفوتونات الكمومية، ألا وهي قابلية التوسع. فمع كل فوتون وبت كمومي إضافيين، يتضاعف تعقيد مسارات التداخل بشكل كبير، مما يتطلب في العادة عددًا متزايدًا بسرعة من المكونات.

حل فريق هارفارد: نهج رياضي جديد قائم على نظرية الرسم البياني، يسمح بتصميم حالات الفوتونات المتشابكة المعقدة والتنبؤ بها بكفاءة ضمن سطح ميتا واحد.

العالم المصري كيرلس موسى
العالم المصري كيرلس موسى

نجاح تعاوني – ورحلة شخصية

أُحرز هذا الإنجاز بفضل التعاون الوثيق مع مختبرات رائدة أخرى، بما في ذلك مختبر خبير البصريات الكمومية البروفيسور ماركو لونشار. موّل مكتب البحوث العلمية التابع للقوات الجوية الأمريكية البحثَ، ونُفذ في مركز هارفارد لأنظمة النانو.

تتجلى أهمية هذا العمل في كلمات الدكتور نيل سنكلير، الباحث العلمي المشارك في المشروع: “يمكن لهذا النهج توسيع نطاق الحواسيب والشبكات الكمومية البصرية بكفاءة – وهو ما كان يُمثل لفترة طويلة التحدي الأكبر مقارنةً بمنصات مثل الموصلات الفائقة أو الذرات”.

بالنسبة لكيرولوس موسى، يُعد هذا الإنجاز إنجازًا شخصيًا للغاية، وهو ثمرة سنوات من التفاني، والسهر في المختبر، والدعم المستمر من أصدقائه وعائلته. كتب أحد الأصدقاء المقربين، متأملاً رحلتهما معًا من مصر إلى بوسطن: “إنه لشرف عظيم أن أشهد إنجازاته وجهوده على مر السنين”.

ما التالي؟ سباق جديد في تكنولوجيا الكم

تشير نتائج فريق هارفارد إلى أن السطوح الفائقة قد تُشكل أساس الجيل القادم من الحواسيب الكمومية، والاستشعار الكمومي، وحتى أنظمة “المختبر على رقاقة” للعلوم الأساسية.

تُقدم هذه التقنية مزايا فريدة: عدم الحاجة إلى محاذاة معقدة، ومقاومة للأخطاء، وانخفاض في فقدان الصورة، وتوفير كبير في التكاليف. تُقرّبنا هذه التقنية من الحوسبة الكمومية العملية في درجة حرارة الغرفة، وقد تُبشّر بعصر جديد في الشبكات الكمومية والاتصالات الآمنة.

اقرأ أيضًا: الصين وأمريكا تخوضان سباقًا محمومًا على السلاح الخارق القادم

تأييد الخبراء وتأثير عالمي

يُبدي كبار العلماء حماسًا كبيرًا لتداعيات هذه التقنية. يقول البروفيسور فيديريكو كاباسو: “إن استخدام نظرية الرسم البياني في تصميم السطوح الفائقة يُمثل نقلة نوعية حقيقية. فنحن لا نُصغّر الأجهزة فحسب، بل نُغيّر جذريًا طريقة تصميمنا والتفكير في أنظمة الكم”.

مع دخول العالم عصرًا كميًا جديدًا، لا يقتصر إنجاز أغايبي على وضع مصر في صدارة العلوم العالمية فحسب، بل يفتح أيضًا الباب أمام ابتكارات قد تُحدث نقلة نوعية في التكنولوجيا والطب والأمن وغيرها.

زر الذهاب إلى الأعلى