من كثبان الرمال إلى مناطحة السحاب.. الأقمار الصناعية توثق رحلة العاصمة الإدارية الجديدة

في مشهدٍ بدا كأنه مأخوذ من أفلام الخيال العلمي، أظهرت صور التقطتها أقمار صناعية في يوليو 2025 تحول الصحراء شرق القاهرة إلى مدينة حديثة بأبراج شاهقة، وشوارع مرسومة بعناية هندسية صارمة، ومبانٍ حكومية ضخمة تُغيّر ملامح الخريطة المصرية.

الصور، التي رصدها موقع “خاص – مصر”، تُظهر فارقًا مذهلًا عند مقارنتها بصور تعود لعام 2015 حين كانت الأرض خالية تمامًا، ثم صورة من 2025 توثق آخر التطورات التي وصلت إليها عاصمة مصر الجديدة.

لقطة من الأقمار الصناعية لموقع العاصمة الإدارية الجديدة بتاريخ مارس 2015
لقطة من الأقمار الصناعية لموقع العاصمة الإدارية الجديدة بعد مرور نحو عشر سنوات بتاريخ يوليو 2025

من العاصمة القديمة إلى أرض الفرص الجديدة

القاهرة الكبرى، التي قفز عدد سكانها من 8 ملايين في 1984 إلى أكثر من 22 مليون اليوم، تعاني من اختناق مروري، وتلوث مزمن، ونمو عمراني عشوائي. هنا كان لا بد من بديل. وكان البديل جريئًا: بناء مدينة جديدة بالكامل على بعد 45 كم شرقًا.

مدينة القاهرة القديمة – يظهر بالصورة مسجد وكوبري السيدة عائشة

منذ إعلان المشروع في 2015، بدأت أعمال بناء واحدة من أضخم المدن في الشرق الأوسط، بمساحة تفوق مساحة سنغافورة، وبتصميم يجمع بين الحداثة والاستدامة.

من حفل الإعلان عن عاصمة مصر الإدارية الجديدة – مارس 2015

مدينة ذكية تحت المجهر الفضائي

الصورة من الأعلى تكشف ما لا تراه العين من الأرض: حي حكومي ضخم يكتمل شيئًا فشيئًا، مركز أعمال يضم أطول ناطحة سحاب في إفريقيا، ومناطق سكنية تتوزع في توازن عمراني مثالي، وحدائق خضراء صناعية تملأ الفراغات بين الكتل الخرسانية.

صورة من الأقمار الصناعية لـ العاصمة الإدارية

وبين تلك التفاصيل: شبكة ذكية من أكثر من 6 آلاف كاميرا للمراقبة، نظم ذكاء اصطناعي لإدارة المرور والطوارئ، ومنشآت رياضية على مستوى عالمي ضمن استعدادات مصر المحتملة لاستضافة أولمبياد 2036.

ما بين الواقع والحلم.. سكان ينتقلون ومستقبل يُبنى

بحلول يونيو 2025، كانت أكثر من 25,000 أسرة قد انتقلت للإقامة داخل العاصمة الجديدة، مع توقعات بارتفاع العدد إلى 70 ألف أسرة قبل نهاية العام. البرلمان المصري بدأ بالفعل جلساته من مقره الجديد، فيما غادرت الوزارات وسط القاهرة نهائيًا.

لقطة عبقرية تُظهر كيف تختفي ملامح الصحراء لتحل محلها المباني السكنية والمساحات الخضراء

المشروع يستهدف استيعاب 6.5 مليون نسمة في مراحله الأولى، مع مدينة ترفيهية ضخمة أكبر من ديزني لاند، وحديقة مركزية بطول 35 كم، ومجمعات تعليمية وصحية لا تقل في عددها عن ألفَي مدرسة و18 مستشفى.

1-الحي الحكومي.. قلب الدولة ينبض من جديد

في المنطقة المركزية من العاصمة الإدارية، يتوسط الحي الحكومي المشهد، كأول منطقة تدخل حيز التشغيل الكامل، وتُعلن رسميًا انتقال مؤسسات الحكم من قلب القاهرة القديمة إلى مدينة ذكية تُدار بأنظمة رقمية، وتُبنى على أسس استدامة وتخطيط عصري.

من صور الأقمار الصناعية، يبدو الحي الحكومي كلوحة مصرية قديمة بتخطيط هندسي مثالي: شوارع واسعة، ومبانٍ وزارية بتصميم مستوحى من معابد طيبة القديمة، وحديقة مفتوحة استُلهم تصميمها من زهرة اللوتس. أما على الأرض، فيضم الحي 34 وزارة وهيئة حكومية، ومبنى جديدًا لمجلس الوزراء، ومقر البرلمان المصري الذي احتضن أولى جلساته رسميًا في مطلع عام 2023.

لقطة تظهر البرلمان المصري وساحة الشعب وساري العلم ومبنى مجلس الوزراء المصري

 

يُدار الحي بالكامل من خلال نظام مركزي للتحكم والإدارة، حيث تعمل الأنظمة الأمنية، والإضاءة، والتكييف، والمياه، والطاقة، من خلال لوحات رقمية متصلة بمركز البيانات الموحد للمدينة. وقد تم تجهيز المباني بأنظمة تحقق أعلى كفاءة تشغيل وأمان، مع مساحات مفتوحة مخصصة للمواطنين، تتيح خدمات حكومية مميكنة بالكامل.

ولا يقتصر الحي على الإدارة فقط، بل يشكّل نواة حقيقية لتحول الدولة المصرية إلى حكومة رقمية تُقدّم خدماتها عن بُعد، وتُسجّل مستنداتها إلكترونيًا، في نقلة نوعية تعيد تعريف العلاقة بين المواطن والبيروقراطية.

صورة من الأقمار الصناعية لـ الحي الحكومي

2-النهر الأخضر.. شريان الحياة وسط الصحراء

يمتد “النهر الأخضر” على طول 35 كيلومترًا في قلب العاصمة الإدارية، ليحاكي شريط النيل وسط القاهرة، لكن بروح معمارية جديدة تمزج بين الطبيعة والتخطيط الذكي. من الأعلى، يبدو كأفعى خضراء تتسلل بين الأحياء والمناطق المركزية، لكنها في الواقع مشروع حضاري ضخم يضم حدائق ترفيهية، وبحيرات صناعية، وممرات للمشاة والدراجات، على مساحة تتجاوز 8000 فدان بالانتهاء من مراحل المشروع الثلاثة.

صورة من الأقمار الصناعية لـ النهر الأخضر

ويُقسم المرحلة الأولى من المشروع إلى 3 قطاعات رئيسية، تخدم أحياء مختلفة بداية من الحي الحكومي وحتى المناطق السكنية R8 وR7، بما في ذلك حي المال والأعمال. وتُعد الحديقة المركزية، التي يتوسطها النهر، واحدة من أكبر الحدائق في العالم، إذ تفوق في مساحتها “سنترال بارك” بنيويورك، وتضم أكثر من 30 موقعًا ترفيهيًا وثقافيًا وسياحيًا.

النهر الأخضر ليس فقط متنزهًا، بل يُمثل فلسفة جديدة في التصميم العمراني المصري، تقوم على محورية المساحات المفتوحة، والربط بين الإنسان والطبيعة، عبر شبكة متكاملة من الجسور والمناطق الخدمية التي تتيح لكل ساكن أو زائر فرصة الاستجمام والعمل والحركة في بيئة خضراء.

النهر الأخضر بعدسة المصور المصري محمد يحى

3-مدينة المعرفة.. عقول تبني المستقبل من قلب الصحراء

على أطراف العاصمة الإدارية، وتحديدًا في المنطقة R3، تنهض “مدينة المعرفة” كمشروع استراتيجي يستهدف تحويل مصر إلى مركز إقليمي في الصناعات الرقمية والتكنولوجية. من صور الأقمار الصناعية، تبدو المدينة كعنقود من المباني الذكية متراصة بدقة، لكن ما يحدث داخلها يتجاوز البُنية إلى المحتوى، حيث تتشكل بيئة رقمية متكاملة لصناعة البرمجيات، والذكاء الاصطناعي، والتدريب التكنولوجي.

تضم المرحلة الأولى من المشروع 4 مبانٍ رئيسية، تشمل مركزًا للإبداع وريادة الأعمال، وجامعة متخصصة في تكنولوجيا المعلومات، ومعهدًا لتدريب الكوادر الرقمية، إلى جانب مراكز بحثية متقدمة. وقد تم تشغيل المدينة جزئيًا منذ أواخر 2022، مع افتتاح عدد من المباني وبدء الدراسة الأكاديمية في الجامعة المصرية لتكنولوجيا المعلومات.

وتُدار المدينة بالكامل بأنظمة ذكية، بدءًا من البوابات الإلكترونية وصولًا إلى شبكات الألياف الضوئية والكهرباء الذكية، بما يجعلها واحدة من أوائل “المدن الرقمية” الحقيقية في المنطقة.

صورة من الأقمار الصناعية لـ مدينة المعرفة

4-مدينة الفضاء المصرية.. حيث تُصنع الأقمار في قلب العاصمة

بعيدًا عن صخب الأحياء السكنية، وفي موقع استراتيجي شمال العاصمة الإدارية، تتربع “مدينة الفضاء المصرية” كمشروع علمي فريد من نوعه في الشرق الأوسط، يعكس طموح القاهرة في اقتحام مجال تكنولوجيا الفضاء، ليس كمستهلك، بل كمُصنّع للأقمار الصناعية.

تضم المدينة، التي أُنشئت على مساحة 123 فدانًا، عددًا من المباني البحثية والتقنية المتقدمة، وعلى رأسها “مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية”، والذي يُعد الأكبر في إفريقيا. هذا المركز تم تصميمه وفقًا لأعلى المعايير الدولية، ويُمكّن مصر لأول مرة من تصنيع واختبار أقمارها محليًا، بطاقة إنتاجية قد تصل إلى 3 أقمار سنويًا لأغراض الاتصالات والاستشعار والبحث العلمي.

ولا تقتصر المدينة على التصنيع فقط، بل تشمل مركزًا للتعليم والتدريب الفضائي، ومسرحًا علميًا، ومقرًا لوكالة الفضاء الأفريقية، ومتاحف تفاعلية، لتصبح وجهة لتثقيف الأجيال الجديدة، وزيادة الوعي العام بمجال الفضاء.

في صور الأقمار الصناعية، قد تبدو المدينة كمجمع مباني بسيط في محيط صحراوي، لكنها على الأرض تمثل بوابة مصرية إلى المدار، حيث يتحول الحلم الفضائي إلى واقع ملموس، يصنعه علماء ومهندسون مصريون بأيادٍ محلية ورؤية عالمية.

صورة من الأقمار الصناعية لـ مدينة الفضاء المصرية

5-حي الأعمال المركزية.. عاصمة الاقتصاد في قلب العاصمة

في قلب العاصمة الإدارية، ينتصب حي المال والأعمال كرمز للتحول الاقتصادي المصري، حيث تتقاطع ناطحات السحاب مع المصارف الدولية، وتتشكل ملامح بورصة مستقبلية في مدينة وُلدت من رحم الطموح.

من الأعلى، تُظهر صور الأقمار الصناعية حيًا شبكيًا بتخطيط هندسي صارم، يحيط بمحور مركزي تنمو فيه الأبراج واحدًا تلو الآخر. لكن من الأرض، يُعد الحي أكبر مشروع مالي متكامل في تاريخ مصر، بمساحة تتجاوز مليون متر مربع، وتنفذه شركة “CSCEC” الصينية، إحدى أكبر شركات البناء في العالم.

يتوسط الحي برج أيقوني بارتفاع 385 مترًا، ليصبح رسميًا أطول ناطحة سحاب في إفريقيا، محاطًا بـ20 برجًا آخر ما بين إداري وتجاري وفندقي. كما يضم الحي المقرات المستقبلية للبنك المركزي المصري، وعدد من البنوك الحكومية والخاصة، وشركات التأمين، وشركات الاستثمار وصناديق إدارة الأصول.

في لحظة تاريخية، تنتقل الثقل المالي من شارع “شريف” بوسط القاهرة، إلى محاور ذكية مجهّزة بأحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا في إدارة المال والأعمال، ليصبح الحي ليس فقط واجهة معمارية، بل منصة استراتيجية لإعادة تشكيل مستقبل الاقتصاد المصري.

صورة من الأقمار الصناعية لـ حي الأعمال المركزية

6-حي المال والبنوك.. مركز الثقل المالي في الجمهورية الجديدة

على تماس مباشر مع منطقة الأعمال المركزية، يمتد حي المال والبنوك كأحد أبرز المشروعات الاستراتيجية في العاصمة الإدارية، ليكون المركز المالي الرسمي للدولة المصرية، ومقرًا دائمًا لأكبر البنوك والمؤسسات المصرفية في مصر والمنطقة.

الحي صُمم ليضم المقرات الرئيسية لعشرات البنوك العامة والخاصة والعالمية، بالإضافة إلى هيئة الرقابة المالية، ومبنى للبورصة, وهيئة سوق المال، وشركات الدفع الإلكتروني، ومؤسسات التمويل العقاري، لتوفير بيئة تشغيل آمنة، ذكية، ومرتبطة بالبنك المركزي والمطبعة المركزية ومركز المعلومات المالي الموحد.

صورة من الأقمار الصناعية لـ حي المال والأعمال

7-“حي السفارات”.. عاصمة دبلوماسية داخل العاصمة

على مساحة تبلغ 1500 فدان في المنطقة الجنوبية الشرقية للعاصمة الإدارية، يُقام “حي السفارات” ليكون مقرًا دبلوماسيًا عالميًا، يُعيد رسم خريطة التمثيل الدولي في مصر، من وسط القاهرة المزدحم إلى حي حديث بتخطيط ذكي وبنية أمنية فائقة.

حيث ستحظى كل سفارة بمبنى مستقل، مكوّن من 3 طوابق وحدائق داخلية، في منطقة مؤمنة بالكامل، ومتصلة بشبكات تكنولوجية مغلقة.

وقد أعلنت عشرات الدول بالفعل عن نيتها نقل سفاراتها إلى الحي الجديد، من بينها الصين والسعودية والإمارات، وبدأت بعض الأعمال الإنشائية بالفعل منذ 2023. الحي سيضم أيضًا مقرًا جديدًا لوزارة الخارجية المصرية، وقاعات للمؤتمرات الدولية، ومقرات للمنظمات الإقليمية، ليُصبح نقطة التقاء دبلوماسية على الطراز العصري.

صورة من الأقمار الصناعية لـ حي السفارات

8-مدينة تتحرك بعقل ذكي

على عكس مدن مصر التقليدية التي تكدست فيها السيارات فوق الشوارع، صُممت العاصمة الإدارية من اليوم الأول لتكون مدينة تُدار بالحركة الذكية، تعتمد على شبكة نقل عمومي واسعة، ومترابطة، تُقلل الاعتماد على المركبات الخاصة، وتمنح السكان تجربة تنقّل آمنة وسريعة ومستدامة.

صورة من الأقمار الصناعية لـ أحد محطات المونوريل

في الصور الفضائية، تبدو محطات القطار الكهربائي الخفيف (LRT) كمفاصل حضرية تربط العاصمة الجديدة بشرق القاهرة والعاشر من رمضان، لكن تحت هذا المظهر البسيط، يمتد مشروع عملاق بطول 105 كم يمر عبر 19 محطة، ويُعد أول منظومة نقل كهربائي جماعي حديث في مصر منذ عقود. وقد بدأ تشغيله فعليًا منذ يوليو 2022، ويخدم اليوم آلاف الركاب يوميًا.

موقع محطات المونوريل والقطار الخفيف بالعاصمة تظهر وكأنها مفاصل تربط أحياء المدينة ببعضها ومقرر بدء تنفيذ خط مترو قادما من الجيزة لتغطية كافة أرجاء المدينة

وبجانب الـLRT، يمتد خط المونوريل بمحطاته ليتلاقى ويتبادل مع قطار الـLRT، كما تستعد العاصمة للانتهاء من المحطة المركزية للقطار الكهربائي السريع، ضمن مشروع يربط سواحل البحر الأحمر بالمتوسط، لتصبح المدينة نقطة وصل إقليمي، تربط القاهرة الجديدة والعين السخنة، وتصل حتى العلمين ومطروح لاحقًا.

كما تشمل شبكة النقل العمومي خطوط حافلات BRT داخلية تسير على مسارات مخصصة، ومحطات مترو مستقبلية (الخط الرابع) يجري التخطيط لها لتتكامل مع الشبكة، إضافة إلى أنظمة النقل التشاركي والمركبات الكهربائية الصغيرة (EVs) التي تتوزع على مداخل المجمعات السكنية والمراكز الحكومية وتاكسي العاصمة الذكي.

هذه البنية لا تُدار بشكل تقليدي، بل تخضع بالكامل لأنظمة مركزية ذكية تُراقب تدفقات الركاب، وتُحدد مواعيد الحركة بالثانية، بما يجعل من العاصمة الإدارية نموذجًا لنقل حضري مستقبلي لا يعتمد على “السيارة” بقدر ما يعتمد على المنظومة.

أعمال إنشاء أحدى محطات القطار الخفيف بالمرحلة الثالثة

9-محطة القطارات المركزية.. قلب العاصمة النابض بالحركة

في الجنوب الشرقي للعاصمة الإدارية، تتشكل محطة القطارات المركزية كأحد أبرز شرايين الربط بين المدينة الجديدة وبقية الجمهورية، حيث تُقام على مساحة شاسعة لتكون أكبر محطة قطار كهربائي سريع في مصر، وواجهة حضارية لاستقبال الزائرين والمسافرين من مختلف الاتجاهات.

المحطة، المعروفة فنيًا باسم “محطة العاصمة المركزية”، تقع جنوب العاصمة جوار طريق السخنة، وتشكل نقطة تقاطع بين الخط الأول من القطار الكهربائي السريع (السخنة – العلمين – مطروح)، والقطار الكهربائي الخفيف LRT القادم من شمال العاصمة.

صورة من الأقمار الصناعية لـ محطة القطارات المركزية

وتضم المحطة 8 أرصفة رئيسية، وصالات انتظار مكيّفة، ومرافق تجارية وخدمية، إلى جانب محطة أتوبيسات وموقف سيارات ذكي، ما يضعها في قلب منظومة “النقل المتكامل” التي تستهدفها العاصمة الجديدة.

ليست مجرد نقطة وصول أو مغادرة، بل منشأة استراتيجية تربط القاهرة الإدارية بالبحر الأحمر والمتوسط والصعيد والدلتا، وتُعيد تعريف مفهوم “الوصول إلى العاصمة” في زمن لا تتجاوز فيه الرحلات ساعات معدودة، بسرعة تصل إلى 250 كم/س.

من الأعلى، تبدو المحطة كقوس معدني ضخم يلتف حول الأرصفة، لكن من الداخل، هي بوابة المستقبل، حيث تتقاطع الخرائط والاتجاهات في نقطة واحدة، ترحب بكل من يدخل العاصمة، وتفتح الطريق لمن يخرج منها إلى بقية مصر.

10-البنية التحتية الذكية.. مدينة تتحرك من تحت الأرض

بعيدًا عن الأبراج والأسفلت، تحت الأرض في العاصمة الإدارية مدينة أخرى، لا يراها أحد لكنها تتحكم في كل شيء. هناك، تمتد أنفاق خدمات ضخمة تحت الشوارع، تضم شبكات المياه، والكهرباء، والاتصالات، والغاز، والتبريد المركزي، وتُدار جميعها من مركز تحكم واحد يعمل على مدار الساعة.

تلك البنية التحتية لا تعتمد على الحفر العشوائي أو الأعمدة الممتدة فوق الرؤوس، بل على شبكة مغلقة، ذكية، يمكن مراقبتها وصيانتها دون التأثير على حركة المرور أو السكان. كل كابل، وكل ماسورة، وكل صمام، مرتبط بنظام رقمي يعرض حالته في الزمن الحقيقي، ويُطلق إنذارًا في حالة حدوث تسريب أو انقطاع.

من داخل أنفاق البنية التحتية

وتُعد العاصمة الإدارية أول مدينة في مصر تطبق نظام التبريد المركزي بدلًا من أجهزة التكييف التقليدية، حيث تعمل وحدة تبريد ضخمة على توزيع المياه المبردة إلى المباني الحكومية والبرج الأيقوني والفنادق المحيطة، ما يقلل استهلاك الكهرباء والانبعاثات الحرارية.

أما الإنترنت، فالعاصمة مربوطة بالكامل بشبكة ألياف ضوئية داخلية تتيح سرعات عالية وتدفق بيانات مستمر، تُغذي أنظمة المدن الذكية، والكاميرات الأمنية، وشاشات المرور، ومراكز البيانات.

11-مدينة مصر الأولمبية.. حلم أولمبي يتكوّن في الصحراء

على أطراف العاصمة الإدارية، تنمو “مدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية” كمشروع رياضي هو الأكبر في تاريخ البلاد، وخطوة أولى نحو حلم استضافة دورة الألعاب الأولمبية 2036.

في صور الأقمار الصناعية، تظهر المدينة كشبكة من الملاعب والمنشآت، لكن الواقع على الأرض أضخم من ذلك بكثير. فالمشروع، المُقام على مساحة تتجاوز 620 فدانًا، يشمل أستادًا دوليًا بسعة 90 ألف متفرج، ومجمعات متخصصة للألعاب المائية، وألعاب القوى، والجمباز، والمبارزة،، وكرة اليد، والتنس، وغيرها.

صورة من الأقمار الصناعية لـ مدينة مصر الدولية للألعاب الأوليمبية

وقد تم تصميم المدينة بالكامل وفقًا لأعلى المعايير الأولمبية والفنية، وبتنفيذ من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، لتكون جاهزة لاستقبال البطولات العالمية، واستضافة المنتخبات الكبرى، وتنظيم أحداث رياضية بحجم قاري أو دولي.

ولا يقتصر المشروع على الرياضة فقط، بل يشمل فندقًا رياضيًا ومركزًا طبيًا متقدمًا، ومرافق تدريب على أعلى مستوى، ما يجعل المدينة منصة لتخريج أبطال المستقبل، ومركزًا لتأهيل الرياضيين المصريين والأفارقة، في بيئة متكاملة تدمج بين الأداء الرياضي والبنية الاحترافية.

لقطة مقربة لمباني المدينة الأوليمبية

12-المدينة الرياضية.. رياضة وحياة في قلب السكن الذكي

في الشمال الغربي لمنطقة R3 السكنية، وعلى مسافة خطوات من المجمعات السكنية والجامعات، تنهض المدينة الرياضية كمساحة مجتمعية متكاملة، لا تكتفي بتوفير ملاعب، بل تُقدّم نموذجًا للحياة الصحية المتكاملة داخل المدينة الذكية.

تمتد المدينة على مساحة تقارب 100 فدانًا، وتضم عددًا من الملاعب المفتوحة لكرة القدم، والسلة، والتنس، ومجمعًا للصالات المغطاة، وحمام سباحة أوليمبي، وممشى رياضي، ونادٍ اجتماعي يخدم سكان المناطق المجاورة، خاصة R3 وR2.

المدينة الرياضية شمال R3

13-مدينة مرابط الدولية للخيول.. حيث يلتقي التراث بالفخامة

على أطراف العاصمة الإدارية، وبالقرب من مدينة مصر الأولمبية، تتألق “مدينة مرابط الدولية للخيول” كمشروع فريد يحتفي بجمال الخيل المصري الأصيل، ويمزج بين الفروسية كتراث مصري ضارب في الجذور، والصناعة الرياضية والسياحية الحديثة.

المدينة، التي تُقام على مساحة 1200 فدان، صُممت لتكون أكبر مركز دولي لتربية وتدريب الخيول في الشرق الأوسط وإفريقيا، وتضم مضامير سباق عالمية، وحلبات تدريب، ومرافق بيطرية متكاملة، وفنادق فاخرة ومراكز للمعارض والفعاليات، ما يجعلها منصة حقيقية لتنظيم بطولات دولية ومعارض جمال الخيول.

وتعكس المدينة رؤية مصر لإعادة تقديم الخيل العربي المصري إلى الساحة العالمية، ليس فقط كموروث جمالي، بل كصناعة ذات قيمة مضافة. إذ تشمل المدينة متحفًا للخيل العربي، ومركزًا بحثيًا للتلقيح الصناعي وتطوير السلالات، ومدرسة دولية للفروسية، إلى جانب استراحات ملكية مستوحاة من عمارة العصور الإسلامية.

من الأعلى، تظهر “مرابط” كمدينة داخل مدينة، بخطوطها الهندسية المحكمة ومضاميرها الواسعة، لكنها على الأرض تمثل انبعاثًا حضاريًا جديدًا لفن الفروسية المصري، يُعيد إلى الأذهان صورة الخيل في الجداريات الفرعونية، ويمنحها مستقبلًا يُدار بالتكنولوجيا والذوق الرفيع.

صورة من الأقمار الصناعية لـ مدينة مرابط للخيول

14-المدينة الطبية.. علاج بمواصفات عالمية في قلب العاصمة

وسط تخطيط العاصمة الذكي، تنهض المدينة الطبية كمشروع محوري يعكس رؤية مصر في بناء منظومة صحية متكاملة لا تكتفي بتقديم العلاج، بل تُعيد تموضع القاهرة كمركز إقليمي في الرعاية المتقدمة والسياحة العلاجية.

صورة من الأقمار الصناعية لـ المدينة الطبية

تمتد المدينة على مساحة تتجاوز 300 فدان في الحي السابع، وتضم عددًا من المستشفيات المتخصصة، ومراكز للأبحاث الطبية، ومعاهد للتدريب والتعليم الصحي، إلى جانب منشآت فندقية ومناطق إقامة مخصصة للمرضى القادمين من الخارج، في نموذج مستوحى من أفضل مدن الرعاية الصحية في العالم.

صورة من الأقمار الصناعية لـ المستشفى العام بالعاصمة الإدارية

وفي قلب هذه المدينة، يتصدر المشهد مصنع “جريفولز” الإسباني، أول مركز من نوعه في إفريقيا والشرق الأوسط لتصنيع مشتقات البلازما. المشروع، الذي يُنفذ بالشراكة مع الحكومة المصرية، يشمل 12 مركزًا للتجميع والتصنيع، ويهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي لمصر من منتجات البلازما، وتقليل فاتورة الاستيراد التي كانت تُكلف البلاد مئات الملايين سنويًا.

صورة من الأقمار الصناعية لـ مصنع جريفولز بالمدينة الطبية

15-مدينة الثقافة والفنون.. روح مصر تتجسد في مدينة

على مشارف الحي الحكومي، تنهض مدينة الثقافة والفنون كأحد أكثر المشاريع طموحًا في العاصمة الإدارية الجديدة، ليس من حيث الحجم فقط، بل من حيث الرسالة. ففي بلدٍ بُنيت حضارته على المعابد والموسيقى والمخطوطات، كان لا بد أن تحمل العاصمة الجديدة نبضًا ثقافيًا يعكس جوهر الشخصية المصرية.

المدينة، التي تمتد على مساحة 127 فدانًا، تظهر من صور الأقمار الصناعية كرقعة معمارية متناسقة يتوسطها مبنى أسطوري ضخم، لكن ما لا يُرى من الأعلى هو أن هذا المبنى هو دار الأوبرا الجديدة، الأكبر في الشرق الأوسط، بسعة 3500 مقعد، ومجهزة بأحدث تكنولوجيا الصوت والإضاءة.

وتضم المدينة أيضًا متحف “عواصم مصر”، مكتبة وطنية، أرشيفًا للسينما المصرية، قاعات متعددة للعروض المسرحية والموسيقية، إلى جانب معهد عالٍ للفنون وورش متخصصة لتعليم الحرف الإبداعية مثل النحت والرسم والخزف، ما يجعل من المدينة بوتقة لتخريج أجيال جديدة من الفنانين والمبدعين.

صُممت المدينة لتكون وجهة عامة للمصريين والعرب والأجانب، حيث تستضيف فعاليات مفتوحة، وأسواقًا للكتاب، ومهرجانات سينمائية وموسيقية، لتجمع بين الجمهور والفن في مشهد حضاري حي، داخل مدينة تُبنى للمستقبل دون أن تنسى تراثها العميق.

صورة من الأقمار الصناعية لـ مدينة الثقافة والفنون

16-حديقة الشعب.. مساحة مفتوحة تعيد تعريف العلاقة بين المدينة والناس

في قلب العاصمة الإدارية، وعلى مشارف الحي الرئاسي، تمتد “حديقة الشعب” كأكبر حديقة عامة مفتوحة في الشرق الأوسط، على مساحة تتجاوز 500 فدان، دون أسوار أو حواجز، لتكون ملكًا لكل مواطن.

صورة من الأقمار الصناعية لـ حديقة الشعب

في الصور الجوية، تبدو الحديقة كفسيفساء خضراء تتوسط كتل المباني الرسمية، لكن على الأرض، فهي مساحة نابضة بالحياة، تضم ممشى بطول 2.5 كيلومتر، ومسارًا للدراجات، وبحيرة صناعية، ومجسمات فنية عملاقة، وساحات للاحتفالات، ومدرجات طبيعية للحفلات، وحدائق نباتية مفتوحة للزوار.

لقطة مقربة من داخل حديقة الشعب

انتهت الأعمال الإنشائية بالحديقة لتُجسد رؤية العاصمة في إتاحة متنفس حضاري عام يخدم الجميع، ويكسر نمط المساحات المغلقة والنخبوية. وقد صُممت الحديقة بأنظمة ري ذكية، وإنارة صديقة للبيئة، لتدمج بين الاستدامة والجمال والمتعة البصرية.

تفاصيل مبهرة لحديقة الشعب وكأنها لوحة مرسومة

17-سانت ريجيس الماسة.. رفاهية السيادة في قلب العاصمة

على الضفة الغربية للعاصمة الإدارية، وبالقرب من الحي الرئاسي ومدينة الثقافة والفنون، يتمدد منتجع سانت ريجيس الماسة كتحفة معمارية فاخرة، لا تقل فخامة عن أشهر المنتجعات العالمية، لكنه يحمل خصوصية سياسية وموقعًا استراتيجيًا يجعله أكثر من مجرد فندق.

تبلغ مساحة المنتجع أكثر من 97 فدانًا، ويضم 270 غرفة وجناحًا فاخرًا، و90 شقة فندقية، و6 فيلات رئاسية مستقلة، إلى جانب مسرح ضخم يسع أكثر من 1200 شخص، وقاعات مؤتمرات مجهزة لاستضافة اجتماعات القمة والفعاليات السيادية الكبرى.

وقد تم إنشاء المنتجع تحت إدارة سلسلة “سانت ريجيس” العالمية التابعة لمجموعة “ماريوت”، ما يُضفي عليه طابعًا دوليًا دون أن يفقد خصوصيته السياسية. وهو ليس فقط عنوانًا للضيافة، بل بوابة شرفية تطل منها العاصمة على العالم.

صورة من الأقمار الصناعية لـ منتجع سانت ريجيس

18-الكلية العسكرية.. مصنع الرجال في قلب العاصمة الجديدة

على أطراف العاصمة الإدارية، وبالقرب من الطريق الدائري الإقليمي، تُقام الكلية العسكرية الجديدة كمؤسسة تدريبية واستراتيجية تُعيد صياغة مستقبل التعليم العسكري في مصر، في مجمع متكامل يُحاكي أحدث النماذج العالمية في بناء القادة.

صورة من الأقمار الصناعية لـ الكلية العسكرية

تُقام الكلية على مساحة شاسعة تتجاوز 2,500 فدان، وتضم منشآت تدريبية، وأكاديميات متخصصة، ومدارس عسكرية فرعية، إلى جانب ميادين للرماية، ومرافق رياضية، وسكن للطلبة والضباط كما تم تنفيذ جنوب الكلية مستودعات لحفظ الطعام والشراب والدواء، في بيئة تُصمم وفق أعلى المعايير الفنية والهندسية.

صورة من الأقمار الصناعية لـ المستودعات الاستراتيجية

وتتضمن الكلية نظم تدريب ذكية، وقاعات محاكاة، وأنظمة إلكترونية تُستخدم في التكتيك، والعمليات، والتخطيط الميداني، بما يضعها في مصاف الأكاديميات العسكرية المتقدمة عالميًا. ومن المقرر أن تستوعب آلاف الطلاب سنويًا، مع تطوير شامل في المناهج، والتسليح، وأسلوب القيادة.

19-الأوكتاجون.. عصب القوة السيادية المصرية في مدينة الذكاء

على أطراف العاصمة الإدارية الجنوبية، يظهر “الأوكتاجون” من الفضاء كتصميم هندسي مهيب يتكون من ثماني قواعد متصلة في تناغم فلكي. لكن ما تراه العين من الأعلى، لا يُقارن بما يختزنه المبنى في باطنه: إنه المركز السيادي الأعلى لإدارة الدفاع الوطني المصري، ومقر وزارة الدفاع الجديد، في رسالة صريحة عن التحول الشامل في بنية الدولة.

يُقام “الأوكتاجون” على مساحة تتجاوز 22 ألف فدان، ويضم داخله 10 مبانٍ ضخمة للقيادات والإدارات المختلفة للقوات المسلحة، إلى جانب مركز قيادة إستراتيجي تحت الأرض، ومرافق تكنولوجية عالية التأمين، وقاعات عمليات لإدارة الأزمات، وغرف تحكم مربوطة بكافة أفرع الجيش، في البر والبحر والجو.

المبنى ليس مجرد مقر، بل ترجمة معمارية دقيقة لفكر الدولة المصرية الحديثة: التنسيق، الحزم، المركزية، والانفتاح في آنٍ واحد. وقد صُمم “الأوكتاجون” ليُضاهي في رمزيته وموقعه أهمية “البنتاجون” الأميركي، لكن بخصوصية مصرية كاملة، من حيث العمارة والرسالة والتاريخ.

صورة من الأقمار الصناعية لـ مركز القيادة الاستراتيجي – الأوكتاجون

كما يُعد الأوكتاجون جزءًا من المركز السيادي الجديد للدولة، الذي يضم أيضًا الحي الرئاسي، مقر البرلمان، دار الوثائق، وحي المال والأعمال، لتتلاقى السلطة التنفيذية والتشريعية والسيادية في تخطيط عمراني مُحكم، يُعيد تشكيل هندسة الحكم في الجمهورية الجديدة.

في قلب العاصمة الجديدة، يُمثل “الأوكتاجون” درعًا وعقلاً للدولة المصرية، حيث تُدار القرارات المصيرية، وتُصاغ استراتيجيات الدفاع، من منشأة لا تُشبه إلا فكرة صعود مصر إلى مستوى جديد من التنظيم والسيادة.

الرئيس من داخل مركز إدارة الأزمات داخل الأوكتاجون

20-مسجد الفتاح العليم.. أول من صلى في المدينة الجديدة

افتُتح المسجد رسميًا في يناير 2019، ليكون أول منشأة تُفتتح في العاصمة الجديدة، في لحظة رمزية حملت أكثر من دلالة. يمتد المسجد على مساحة تتجاوز 106 أفدنة، ويضم قاعة رئيسية تتسع لأكثر من 17 ألف مصلٍّ، و6 مآذن بارتفاع 95 مترًا لكل منها، وساحة خارجية ضخمة، ومصلى للنساء، ودار لتحفيظ القرآن، وقاعات مناسبات، ومكتبة إسلامية.

من الأعلى، يبدو “الفتاح العليم” كبوابة نور تتوسط أطراف المدينة، لكنه في الواقع أكثر من مسجد: إنه الشاهد الأول على ميلاد العاصمة، ومعلَم روحي يرسّخ في الوعي الجمعي أن الجمهورية الجديدة لا تُبنى فقط بالمؤسسات، بل بالإيمان والانتماء.

صورة من الأقمار الصناعية لـ مسجد الفتاح العليم ويظهر أحد بوابات العاصمة

21-مسجد مصر الكبير.. روح المدينة ومعمار الرسالة

وفي صدر العاصمة الإدارية، يتربع مسجد مصر الكبير كواحد من أضخم وأهم المنشآت الدينية في الشرق الأوسط، لا ليكون مجرد دار عبادة، بل رمزًا روحيًا وثقافيًا في قلب مشروع حضاري يتّسع للجميع.

أُنشئ المسجد على مساحة تتجاوز 250 ألف متر مربع، بسعة استيعابية تقارب 107 آلاف مصلٍّ، ما يجعله الأكبر في مصر، وواحدًا من الأكبر على مستوى العالم الإسلامي. تحيط به ساحات خارجية شاسعة، وحدائق منسّقة، ويقع مباشرة خلف مبنى البرلمان ومجلس الوزراء، في دلالة واضحة على ارتباط الدولة بالهوية الدينية الوسطية.

صورة من الأقمار الصناعية لـ مسجد مصر الكبير

يضم المسجد قاعة رئيسية مهيبة للصلاة تتزين بجدران من الرخام الأبيض، وثريات عملاقة، ومنبر من الخشب المنقوش يدويًا، إضافة إلى مكتبة إسلامية، ومتحف حضاري، وقاعات محاضرات، ومجمع دعوي متكامل يُدار بأنظمة إلكترونية ذكية.

من الأعلى، يبدو المسجد كنجمة ذهبية على أرض المدينة، تحيطها الأحياء الإدارية والبرلمانية، لكن من الداخل، هو امتداد للروح المصرية التي صاغت عبر التاريخ معابد وكنائس ومساجد، جعلت من القاهرة “مدينة الألف مئذنة” ومن العاصمة الجديدة امتدادًا لذلك المجد العمراني الروحي.

تفاصيل من أرضيات مسجد مصر الكبير

22-كاتدرائية ميلاد المسيح.. صرح الوحدة في قلب الجمهورية الجديدة

افتُتحت الكاتدرائية رسميًا في يناير 2019، بالتزامن مع افتتاح مسجد الفتاح العليم، في لحظة تاريخية حملت رسالة قوية بأن العاصمة الجديدة تتسع للجميع، وأن الجمهورية الجديدة تُبنى على أسس من التسامح والانتماء الوطني.

صورة من الأقمار الصناعية لـ كاتدرائية ميلاد المسيح

تمتد الكاتدرائية على مساحة تزيد عن 15 فدانًا، وتضم قاعة صلاة رئيسية تسع أكثر من 8000 شخص، إلى جانب قاعات ملحقة، ومقر بابوي، وساحات مفتوحة، ومرافق خدمية، وقد شُيدت بتصميم معماري يمزج بين الطراز القبطي التقليدي والأسلوب المعماري العصري.

23-ساحة الشعب.. نبض مفتوح بين الدولة والمواطن

أمام الحي الحكومي مباشرة تمتد ساحة الشعب على مساحة شاسعة، تُجسد واحدة من أهم رسائل العاصمة الإدارية: أن المسافة بين الدولة والمواطن يجب أن تكون مفتوحة، رحبة، ومشتركة.

صورة من الأقمار الصناعية لـ ساحة الشعب

الساحة صُممت لتكون ميدانًا رمزيًا جديدًا يليق بالجمهورية الجديدة، بديلًا عصريًا عن ميادين السلطة التقليدية، حيث تتوسطها أعلى ساري علم في العالم بارتفاع يصل إلى أكثر من 200 متر.

وتضم الساحة مسرحًا مكشوفًا، ومدرجات حجرية، ومساحات خضراء هندسية، ونوافير مياه حديثة التصميم، إلى جانب مسارات للمشاة والدراجات، لتتحول إلى مساحة مجتمعية نابضة تُستخدم للاحتفالات الوطنية والمراسم العامة.

تفاصيل من ساحة الشعب

24-الداون تاون.. قلب العاصمة النابض بالتجارة والحياة

في المنطقة الوسطى من العاصمة الإدارية، وعلى مسافة متوسطة بين الحي الحكومي وحي المال والأعمال، تمتد منطقة الداون تاون كأحد أكثر المناطق التجارية حيوية، تم تصميمها لتكون قلب العاصمة النابض بالأسواق المفتوحة، والمولات، والمشروعات الاستثمارية متعددة الاستخدام.

صورة من الأقمار الصناعية لـ منطقة الداون تاون – أكبر تجمع تجاري في المنطقة

الداون تاون ليست مجرد مجمع من المحلات، بل حي متكامل يمتد على مساحة تصل إلى 1360 فدانًا يهدف لتحويل المدينة إلى قبلة لسياحة التسوق في المنطقة، ويضم قطاعات متعددة متخصصة: منطقة للبراندات العالمية، سوق للذهب والمجوهرات، سوق للفنون اليدوية، منطقة مطاعم وكافيهات مفتوحة، مولات تجارية، وأسواق إلكترونية، إلى جانب برج تجاري إداري لكل قطاع.

لقطة مقربة من داخل الداون تاون لبعض الأبراج الجاري تشييدها

وتشهد المنطقة إقبالًا كثيفًا من المطورين المصريين والعرب، حيث تُقام فيها عشرات المشروعات الاستثمارية، تشمل أبراجًا إدارية وتجارية وسكنية فندقية، صُممت جميعها بواجهات زجاجية عصرية، وساحات عامة، ومسارات للمشاة، لتتحول إلى مركز تجاري ترفيهي مفتوح على مدار اليوم.

25-الميناء البري.. بوابة العاصمة إلى المحافظات

على المدخل الجنوبي الغربي للعاصمة الإدارية الجديدة، وبالقرب من الطريق الدائري الإقليمي ومحور محمد بن زايد، يُقام الميناء البري الدولي ليكون أول محطة إقليمية متكاملة لنقل الركاب والبضائع من وإلى العاصمة الجديدة.

يمتد الميناء على مساحة 300 فدان، ويُنفذ على مراحل، ليضم أكثر من 120 رصيفًا للحافلات والنقل الجماعي، إلى جانب مجمع إداري وخدمي، ومحطة مترو مستقبلية، ومناطق تجارية، وساحات انتظار ذكية، ومركز لوجستي للشحن الداخلي.

الميناء البري صُمم ليكون نقطة تقاطع استراتيجية بين خطوط القطار الكهربائي السريع، وأتوبيسات النقل بين المحافظات، وخطوط النقل الداخلية بالعاصمة، ما يجعله المحور الأساسي لتوزيع الحركة من العاصمة وإليها دون الحاجة للمرور بالقاهرة الكبرى.

صورة من الأقمار الصناعية لـ الميناء البري

26-جامعات العاصمة.. عقول تُبنى على أطراف الذكاء

على مساحة تمتد عبر محاور متفرعة داخل العاصمة الإدارية، تتوزع الجامعات الدولية والخاصة كواحدة من أهم ملامح المشروع الحضاري الجديد، حيث لم تعد المدينة مكانًا للحكم والإدارة فقط، بل منصة لصناعة المعرفة وتصدير العقول.

صورة من الأقمار الصناعية لـ جامعة الأمير إدوارد الكندية

تضم العاصمة الإدارية حتى منتصف 2025 أكثر من 10 جامعات عاملة وتحت التنفيذ، من بينها جامعة الأمير إدوارد الكندية، جامعة هيرتفوردشاير البريطانية، الجامعة الأوروبية EUE، الجامعة الألمانية الدولية للعلوم التطبيقية GIU وغيرها.

صورة من الأقمار الصناعية لـ جامعة كوفنتري البريطانية

كما تشهد المنطقة نشاطًا ملحوظًا من كبرى مؤسسات التعليم الدولية، التي ترى في العاصمة الإدارية فرصة لتقديم تعليم عالمي من داخل مصر، لتحويل العاصمة إلى ملتقى للسياحة التعليمية في المنطقة.

صورة من الأقمار الصناعية لـ جامعة هيرتفوردشاير البريطانية
صورة من الأقمار الصناعية لـ الجامعة الأوروبية EUE

من الأعلى، تبدو الجامعات كمبانٍ أنيقة متناثرة في أطراف المدينة، لكن من الداخل، هي نقاط إشعاع فكري، تتكامل مع مدينة المعرفة، ومجمع الثقافة، وأحياء السكن الذكي، لتُنتج جيلًا جديدًا يعيش ويفكر ويتعلم في مدينة وُلدت من رحم المستقبل.

صورة من الأقمار الصناعية لـ الجامعة الألمانية الدولية

27-قوس النصر.. مجدٌ فرعوني في مدخل العاصمة

على المدخل الجنوبي الغربي للعاصمة الإدارية، وبالقرب من محور محمد بن زايد، ينتصب قوس النصر المصري كمعلم معماري ضخم يُجسد روح الانتصار والسيادة والامتداد التاريخي، في تحية رمزية لبطولات الدولة المصرية عبر العصور، وواجهتها الحضارية الحديثة.

صورة من الأقمار الصناعية لـ قوس النصر

القوس، الذي يُعرف باسم “النصب التذكاري”، تم تصميمه على غرار الأقواس الإمبراطورية في باريس وروما، لكن بهوية مصرية خالصة تجمع بين العمارة الكلاسيكية والنقوش الفرعونية والعسكرية.

28-الحي الرئاسي.. عقل الدولة في العاصمة الجديدة

يمتد الحي الرئاسي كأحد أكثر المناطق تحصينًا وتنظيمًا، حيث يتمركز مقر رئاسة الجمهورية الجديد، محاطًا بمبانٍ ومرافق تُجسّد مفهوم الدولة المركزية الحديثة.

الحي، الذي أُنشئ على مساحة تُقدَّر بنحو 1,000 فدان، يضم القصر الرئاسي الإداري، ومكاتب الرئاسة، ومراكز الاتصال السيادي، وقاعات الاجتماعات الكبرى، إلى جانب مقر الإقامة الرئاسية الرسمي، ومنشآت ضيافة مخصصة لاستقبال كبار الزوار ورؤساء الدول.

صورة من الأقمار الصناعية لـ الحي الرئاسي

يأخذ تصميم الحي ملامحه من العمارة المصرية القديمة، حيث تبدأ الواجهة ببوابة ضخمة على هيئة “الشمس المجنحة” ترمز للحماية والخلود. وعلى امتداد المدخل، يمتد طريق للكباش يعيد إلى الأذهان أجواء طيبة الفرعونية، بينما تنتصب نماذج لمعابد مصرية على جزر صناعية داخل بحيرات واسعة، في مشهد يحاكي الضفاف المقدسة للنيل. ويبرز “مفتاح الحياة” المصري، أو العنخ، كعنصر بصري رئيسي في التصميم، مجسدًا فلسفة الخلود والتجدد التي ألهمت قدماء المصريين.

تفاصيل من داخل القصر الرئاسي

ومن الأعلى، يبدو الحي الرئاسي كمربع سيادي متكامل يحتل مركز الثقل في العاصمة، لكن رمزيته تتجاوز المعمار، فهو نقطة التمركز العليا للسلطة في الجمهورية الجديدة، والمكان الذي ستُدار منه ملفات الدولة داخليًا وخارجيًا، في بيئة مؤمنة، متصلة، ومصممة لإدارة القرن الحادي والعشرين.

تفاصيل من داخل الحي الرئاسي يظهر في الصورة تمثيل لمعبد فيله أعلى جزيرة داخل بحيرة

29-مبنى المخابرات العامة.. عيون الدولة في قلب العاصمة

وداخل ”الحي الرئاسي”، يرتفع مبنى جهاز المخابرات العامة المصرية بتصميم حديث وموقع استراتيجي يوازي أهميته الوظيفية، كأحد أبرز رموز القوة الصامتة للدولة المصرية.

من الأعلى، يبدو مبنى المخابرات كتكوين معماري متقشف، لا يلفت الأنظار، لكنه في الحقيقة مركز الأعصاب الأمني للدولة الحديثة، حيث تُتابع التحركات، وتُحلل البيانات، وتُصاغ التقديرات، بعيدًا عن الأضواء، في صمتٍ بالغ الفعالية.

صورة من الأقمار الصناعية لـ مبنى المخابرات العامة

30-مطبعة البنك المركزي.. حيث يُولد الجنيه في قلب العاصمة

داخل الحي الرئاسي تم الانتهاء من مبنى شديد الحساسية وهو مطبعة البنك المركزي المصري كمشروع سيادي دقيق يُجسّد مفهوم السيادة النقدية بأعلى معايير الأمان والتكنولوجيا، في قلب الجمهورية الجديدة.

تُعد المطبعة الجديدة الأحدث والأكثر تطورًا في تاريخ الدولة المصرية، وتمتد على مساحة كبيرة مُحاطة بإجراءات أمنية مشددة، وتشمل عدة خطوط إنتاج مخصصة لطباعة العملات الورقية والبوليمر والبنكنوت بمختلف فئاته، باستخدام تقنيات متقدمة في التشفير، والورق المؤمَّن، والأحبار الذكية.

من الأعلى، تظهر المطبعة كمنشأة محاطة بأسوار قوية ومناطق خضراء، لكنها في جوهرها موضع دقيق يولد فيه الجنيه المصري، وتُطبع فيه رموز الثقة في الاقتصاد، في بيئة تُدار وفقًا لأعلى المعايير الفنية والسرية.

صورة من الأقمار الصناعية لـ مطبعة البنك المركزي الجديدة

31-محطة كهرباء العاصمة.. طاقة مدينة لا تنام

في الركن الجنوبي الغربي من العاصمة الإدارية، وعلى مقربة من طريق القاهرة – العين السخنة، تنتصب محطة كهرباء العاصمة الإدارية كواحدة من أضخم محطات توليد الكهرباء في الشرق الأوسط، وركيزة أساسية لشبكة الطاقة التي تغذي المدينة الذكية، بما فيها من أحياء سكنية، وسيادية، وتجارية، وصناعية.

المحطة تم تنفيذها باستثمارات 2 مليار يورو ضمن شراكة بين وزارة الكهرباء وشركة “سيمنز” الألمانية وتحالف “أوراسكوم – السويدي”، وتُعد واحدة من ثلاث محطات عملاقة أُنشئت في وقت قياسي خلال 2016-2018 لتغيير خريطة الطاقة في مصر. وتصل قدرتها الإنتاجية إلى 4800 ميجاوات، ما يجعلها قادرة على تغذية ما يزيد عن 20 مليون مواطن، وتوفير احتياطي ضخم من الطاقة للعاصمة ومحيطها.

من الأعلى، تظهر المحطة كمجمع صناعي ضخم تحيط به أبراج التبريد وخطوط الجهد العالي، لكنها في الحقيقة قلب نابض بالطاقة، يُضيء كل مبنى وكل شارع، ويُؤمن استقرار العاصمة التي وُلدت لتكون مختلفة، ذكية، وقادرة على الاستمرار دون انقطاع.

صورة من الأقمار الصناعية لـ محطة الكهرباء بالعاصمة

كالعنقاء من الرماد.. العاصمة التي بعثت نفسها من قلب الصحراء

لم تكن العاصمة الإدارية الجديدة مجرد مشروع هندسي، ولا مجرّد هروب من زحام القاهرة القديمة. بل كانت – منذ اللحظة الأولى – فكرة ولدت من رماد الفوضى، لتعلن ميلاد دولة جديدة، بجمهورية جديدة، وعقل جديد.

من صور الأقمار الصناعية، تبدو العاصمة كنسيج عمراني دقيق يزحف بثبات فوق الصحراء. لكن من الأرض، هي كائن حي ينبض بالحكم والسيادة.

مشهد رائع لتصميم العاصمة يظهر المسجد الكبير وساحة الشعب ثم الحي الحكومي وبنهاية الطريق يحتضن المشهد أجنحة إيزيس بقوس النصر

مدينة تتنفس بكاميرات ذكية، وتتحرك بقطارات سريعة، وتفكر من خلال أنظمة رقمية. مدينة تبدأ يومها في الحي الرئاسي، وتستعرض قوتها من الأوكتاجون، وتطبع أموالها في مطبعة البنك المركزي، وتدعو إلى الصلاة في مسجد مصر الكبير وتفتح قلبها في كاتدرائية ميلاد المسيح.

مسجد مصر الكبير ليلآ

من كل زاوية، ومن كل مبنى، ومن كل حي: حي المال والأعمال، حي المال والبنوك، حي السفارات، حي الوزارات، المدينة الطبية، مدينة الثقافة، الجامعات، الحديقة، الميناء البري، محطة القطار، وحتى ساحات الناس المفتوحة، تهمس العاصمة الجديدة برسالة واحدة: هذه مدينة صُممت لتبقى، لتحكم، وتُعلّم، وتفتح ذراعيها لمستقبل لا يشبه الحاضر، بل يشبه ماضي أمة لم تعتد الانكسار.

لقطة من أرض الواقع للعاصمة الإدارية الجديدة بعدسة المصور محمد يحى

أمة صنعت التاريخ على ضفاف النيل، وهزمت تقلبات الزمان، فبنت الهرم حين لم يكن هناك هندسة، وحفرت القناة رغم الفقر المُدقع، وشيدت السد دفاعًا عن الحياة.

لقطة من أرض الواقع للعاصمة الإدارية الجديدة بعدسة المصور محمد يحى

واليوم، تعيد هذه الأمة رسم مستقبلها من قلب الصحراء، كما اعتادت دومًا أن تنهض حين يظن الآخرون أنها سقطت.

هنا، لا يُصنع القرار فقط، بل يُصاغ الانطباع، وتُدار الصورة، وتُزرع الثقة في أن ما سقط في 2011 عاد واقفًا، كالعنقاء التي احترقت في الفوضى، ثم عادت من تحت الرماد.

لقطة من أرض الواقع للعاصمة الإدارية الجديدة بعدسة المصور محمد يحى
زر الذهاب إلى الأعلى