من كييف إلى عمق روسيا.. الأسلحة الغربية المتطورة تفتح الباب لضربات غير مسبوقة

في تصعيد محوري للدعم الغربي لكييف، وافقت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا على رفع جميع قيود مدى الأسلحة المتطورة الموردة لأوكرانيا.

وفقا لتقرير صنداي تايمز، ستسمح هذه الخطوة، التي أعلن عنها المستشار الألماني فريدريش ميرز، للقوات الأوكرانية باستخدام صواريخ كروز غربية بعيدة المدى لضرب أهداف في عمق الأراضي الروسية – وهو تحول في السياسة قد يُعيد تشكيل ديناميكيات الحرب.

التحول في السياسة: ما الذي تغير؟

وفقًا للمستشار ميرز، أصبح بإمكان أوكرانيا الآن استخدام الأسلحة الموردة “لإطلاق نيران بعيدة المدى” ضد أهداف عسكرية روسية، دون قيود جغرافية.

صرح ميرز في فعالية بثتها إذاعة غرب ألمانيا (WDR): “لم تعد هناك أي قيود على المدى على الأسلحة التي تم تسليمها لأوكرانيا: لا من البريطانيين، ولا من الفرنسيين، ولا منا، ولا من الأمريكيين أيضًا”.

يأتي القرار الأمريكي، وإن لم يُؤكَّد رسميًا في واشنطن حتى وقت النشر، بعد أشهر من الضغط من كييف لتحقيق مرونة تشغيلية أكبر.

يُطبَّق تخفيف قيود المدى على أنظمة الصواريخ القوية مثل صواريخ أتاكمس الأمريكية الصنع (بمدى 180 ميلًا)، وصواريخ ستورم شادو البريطانية، وصواريخ سكالب الفرنسية، مما يفتح الباب أمام ضربات تصل إلى 200 ميل داخل روسيا. ومع ذلك، لم يتم تسليم نظام صواريخ توروس الألماني، الذي يتجاوز مداه 300 ميل، حتى الآن.

السياق العسكري: ضربات روسية بطائرات بدون طيار

تأتي هذه الخطوة بعد أن شنت روسيا أعنف هجمات بطائرات بدون طيار على أوكرانيا منذ بدء غزوها الشامل عام 2022. حيث ضربت أكثر من 350 طائرة بدون طيار مدنًا أوكرانية في ليلة واحدة، مما تسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين وأضرار جسيمة.

قال الرئيس ترامب، الذي بدا عليه الإحباط من تصعيد موسكو الأخير، للصحفيين: “لست راضيًا عما يفعله بوتين. إنه يقتل الكثير من الناس، ولا أعرف ماذا حدث لبوتين… إنه يطلق الصواريخ على المدن ويقتل الناس، وهذا لا يعجبني إطلاقًا”.

يُنظر إلى هذا التغيير في السياسة على أنه لفتة رمزية ودعم عملي للدفاع الأوكراني. فهو يوفر لكييف الأدوات اللازمة لضرب الأهداف العسكرية وخطوط الإمداد ومراكز القيادة خارج خط المواجهة المباشر، مما قد يهدد اللوجستيات الروسية في المناطق الحدودية وخارجها.

رد الكرملين: تحذيرات وتهديدات نووية

ندد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، بهذه السياسة ووصفها بأنها “خطيرة للغاية”، مجادلًا بأنها تقوض أي فرصة للتوصل إلى تسوية تفاوضية.

كانت موسكو قد حذرت سابقًا من أنها ستخفض عتبة استخدام الأسلحة النووية في حال تعرضت روسيا لضربة بصواريخ بعيدة المدى من الغرب. مع ذلك، يقول مسؤولو الناتو إنه لا يوجد حاليًا أي دليل على أن روسيا تستعد لإطلاق صواريخ نووية، على الرغم من اتساع نطاق الهجمات الأوكرانية.

تغير لهجة ترامب تجاه روسيا

شهد موقف الرئيس ترامب تجاه روسيا تشددًا ملحوظًا في الأيام الأخيرة. فبعد أن كان يتفاخر بـ”علاقته الرائعة” مع فلاديمير بوتين، تزايدت انتقادات ترامب للرئيس الروسي، واصفًا إياه بـ”المجنون تمامًا!”، وملقيًا عليه باللوم في “قتل الكثير من الناس” والسعي إلى غزو أوكرانيا بأكملها.

يمثل خطاب ترامب تحولًا عن غموضه السابق، ويأتي في خضم مكالمات هاتفية مباشرة ومفاوضات متوترة مع موسكو.

مع ذلك، انتقد ترامب أيضًا الرئيس الأوكراني زيلينسكي على تصريحاته العلنية، متهمًا إياه بتفاقم التوترات، وألقى باللوم على سلفه، جو بايدن، لفشله في منع الحرب. وأصر قائلًا: “هذه حرب زيلينسكي وبوتين وبايدن، وليست حرب ترامب. أنا فقط أساعد في إخماد الحرائق الكبيرة والقبيحة”.

اقرأ أيضًا: جنون مطلق.. ترامب يغير لهجته وينتقد بوتين بعد زيادة الهجمات على أوكرانيا

التأثير على ساحة المعركة

مع تحرر الأسلحة الغربية بعيدة المدى، من المتوقع أن تُكثّف القوات الأوكرانية ضرباتها على البنية التحتية العسكرية الروسية، لا سيما مع تقدم القوات الروسية قرب الطرق الرئيسية في شرق دونباس.

تشير التقارير الأخيرة إلى مكاسب روسية قرب طريق بوكروفسك-كوستيانتينيفكا السريع، مما يُهدد مدينتي كراماتورسك وسلوفيانسك مع اقتراب هجوم صيفي.

وفي إشارة إلى استمرار الخسائر الإنسانية، أكملت روسيا وأوكرانيا الأسبوع الماضي أكبر عملية تبادل أسرى منذ بدء الحرب، حيث تبادلت كل منهما حوالي 1000 جندي ومعتقل مدني.

ردود فعل القادة الأوروبيين

رحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنهج ترامب الجديد، معربًا عن أمله في أن يُترجم نفاد صبر الرئيس الأمريكي تجاه موسكو إلى أفعال. وأشار ماكرون بوضوح إلى أن “الرئيس ترامب يُدرك أنه عندما قال الرئيس بوتين عبر الهاتف إنه مستعد للسلام… فقد كذب”.

المخاطر والشكوك المستقبلية

يشير المحللون إلى أن السياسة الغربية الجديدة قد تزيد من مخاطر المزيد من التصعيد، بما في ذلك رد روسي محتمل. كما أن هناك غموضًا بشأن قواعد الاشتباك الدقيقة وكيفية تنسيق أوكرانيا لخياراتها الهجومية الموسعة مع حلفائها.

ومع ذلك، جادل الرئيس الأوكراني زيلينسكي بأن الضغط القوي على موسكو وحده كفيل بإنهاء الوحشية الروسية: “بدون ضغط قوي حقيقي على القيادة الروسية، لا يمكن وقف هذه الوحشية”.

زر الذهاب إلى الأعلى