من يسيطر على أي منطقة في سوريا؟ محاولة لشرح الوضع الميداني

القاهرة (خاص عن مصر)- تطور الصراع المستمر منذ 13 عامًا في سوريا إلى شبكة مُعقَّدة من المعارك التي تضم قوى محلية وإقليمية ودولية.

وفقًا لتقرير الجارديان، تهيمن على هذا المشهد الممزق فصائلُ مختلفة تتنافس على السيطرة على مناطق محددة. بدأت الحرب في عام 2011، في أعقاب قمع الحكومة السورية للاحتجاجات السلمية المؤيدة للديمقراطية، وتحولت منذ ذلك الحين إلى صراع متعدد الأبعاد. فيما يلي تحليل للقوى الرئيسية التي تسيطر على الأراضي في سوريا.

هيئة تحرير الشام: آخر معقل للمتمردين

تسيطر هيئة تحرير الشام، وهي تحالف إسلامي بقيادة فرع القاعدة السابق في سوريا، على مناطق واسعة في شمال غرب سوريا. وتمتد هيمنتها إلى محافظة إدلب وتمتد إلى أجزاء من محافظات حلب وحماة واللاذقية.

في هجوم كبير الأسبوع الماضي، استولت هيئة تحرير الشام على ثاني أكبر مدينة في سوريا، حلب، إلى جانب عشرات البلدات والقرى، مما عكس سنوات من التقدم الحكومي المدعوم من الحملات العسكرية الروسية. وتعمل المجموعة بالتنسيق مع الفصائل المتحالفة من خلال غرفة عمليات مشتركة، وهو ما يؤكد قدرتها الاستراتيجية على الصمود.

الحكومة: استعادة الأرض وسط الانتكاسات

لقد استعادت الحكومة السورية، التي كانت على وشك فقدان السيطرة لصالح فصائل المعارضة والقوات الكردية ومسلحي داعش، أراضٍ كبيرة بدعم حاسم من إيران وحزب الله اللبناني وروسيا. وكان التدخل العسكري الروسي منذ عام 2015 بمثابة عامل تغيير، مما مكن دمشق من تعزيز قوتها.

وعلى الرغم من هذه المكاسب، أدى الهجوم الأخير للمتمردين إلى خسارة حلب ومناطق رئيسية أخرى في الشمال الغربي.

ومع ذلك، تحتفظ الحكومة بالسيطرة على المحافظات الجنوبية مثل السويداء، حيث تستمر الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وكذلك وسط حمص، وأجزاء من حماة، والمحافظات الساحلية طرطوس واللاذقية. كما تظل أجزاء كبيرة من محافظات حلب والرقة ودير الزور تحت سلطة الحكومة.

وتدعم القوات المدعومة من إيران، بما في ذلك حزب الله، دفاعات الحكومة، في حين تحافظ القوات الروسية على وجودها في العديد من المناطق الاستراتيجية، بما في ذلك قاعدة حميميم الجوية.

اقرأ أيضا: وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد: لا تمييز بين لبنان وحزب الله إذا انهار وقف إطلاق النار

المقاتلون الأكراد: قوة شبه مستقلة

يسيطر المقاتلون الأكراد، الذين يمثلهم في المقام الأول قوات سوريا الديمقراطية (SDF)، على ما يقرب من ربع الأراضي السورية. وقد لعب هذا التحالف المدعوم من الولايات المتحدة، والذي يضم الأكراد والمسلمين العرب والمسيحيين السريان، دورًا محوريًا في هزيمة داعش وإقامة حكم شبه مستقل في شمال وشرق سوريا.

وتشمل أراضي قوات سوريا الديمقراطية معظم محافظة الرقة، ونصف دير الزور، وأجزاء من محافظة حلب، ومحافظة الحسكة في الشمال الشرقي. ويؤكد وجود قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في مواقع استراتيجية مثل حقل العمر النفطي وحقل كونوكو للغاز على الأهمية الجيوسياسية للمناطق التي يسيطر عليها الأكراد.

تركيا والفصائل المتحالفة معها: توسيع النفوذ على طول الحدود

نفذت تركيا عمليات عسكرية متعددة منذ عام 2016 لدفع القوات الكردية بعيدًا عن حدودها. تسيطر الفصائل المدعومة من أنقرة الآن على مناطق واسعة على طول الحدود التركية السورية، بما في ذلك مدن رئيسية مثل عفرين والباب وأعزاز في محافظة حلب، فضلاً عن امتداد من رأس العين في الحسكة إلى تل أبيض في الرقة.

شهد الهجوم الأخير استيلاء هذه الفصائل على تل رفعت، مما عزز طموحات تركيا لإنشاء “منطقة آمنة” بعمق 30 كيلومترًا على طول حدودها الجنوبية.

تنظيم داعش: تهديد غامض

على الرغم من أن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) فقد سيطرته الإقليمية في عام 2019، إلا أن بقاياه لا تزال تشكل تهديدًا. من مخابئ صحراوية، يشن مسلحو داعش هجمات مميتة ضد كل من قوات سوريا الديمقراطية وقوات الحكومة السورية، مما يبقي المنطقة غارقة في عدم الاستقرار.

مستقبل مجزأ

تظل ديناميكيات الصراع السوري الإقليمية سائلة، حيث يتمركز كل فصيل في مناطق نفوذه. إن اعتماد الحكومة على الحلفاء الخارجيين، واستمرار الجماعات المتمردة مثل هيئة تحرير الشام، والمناورات الاستراتيجية للقوات الكردية والتركية تساهم في خلق مشهد ممزق بشكل دائم.

زر الذهاب إلى الأعلى