مهلة لتسليم نفسه.. هل تنجح حماس في إنهاء ميليشيا ياسر أبو شباب؟

أصدرت هيئة “القضاء العسكري” التابعة لوزارة الداخلية التي تُديرها حركة “حماس”، بيانًا مساء الأربعاء، أمهلت فيه ياسر أبو شباب، زعيم مجموعة “القوات الشعبية”، مهلة عشرة أيام لتسليم نفسه، متهمةً إياه بـ”الخيانة والتخابر مع جهات معادية وتشكيل عصابة مسلحة”.
وأوضحت المحكمة الثورية في نص القرار الصادر بتاريخ 2 يوليو 2025، أنها تستند إلى “قانون العقوبات الفلسطيني رقم 16 لسنة 1960، وقانون الإجراءات الثورية لعام 1979″، في قرارها الذي وصف أبو شباب بأنه “فار من وجه العدالة”، مطالبةً أي شخص يعلم بمكانه بالإبلاغ عنه، محذّرة من اعتبار المتستّر عليه “شريكاً في الجريمة”.
وأكد البيان أن المحاكمة ستُجرى غيابياً في حال عدم مثول المتهم أمام الجهات القضائية خلال المهلة المحددة.
من هو ياسر أبو شباب؟
ينتمي أبو شباب، المولود في 27 فبراير 1990 في مدينة رفح، إلى قبيلة “الترابين”، إحدى أكبر العشائر التي تمتد جذورها بين رفح وسيناء.
وتقول تقارير للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية إنه شخصية مثيرة للجدل، سبق اتهامه في قضايا اتجار بالمخدرات، واحتُجز في سجون تابعة لحماس قبل سنوات، قبل أن يخرج ويؤسس ميليشيا مسلحة أطلق عليها “القوات الشعبية”.
وتعمل هذه المجموعة وفق ما يُعرف بـ”البنية العشائرية العسكرية”، وتضم حالياً نحو 300 عنصر، وتنتشر بشكل أساسي في المنطقة الشرقية الجنوبية من رفح، وهي منطقة قريبة من مواقع تمركز الجيش الإسرائيلي.
اشتباكات مسلحة بين حماس وميليشيا ياسر أبو شباب
خلال الأسابيع الماضية، سجلت مناطق شرق رفح وقوع اشتباكات مسلحة بين عناصر من “القوات الشعبية” التابعة لـ أبو شباب وعناصر من الأجهزة الأمنية التابعة لحماس. وأعلنت الحركة أنها قتلت عدداً من أفراد مجموعة أبو شباب، بينما أصدرت الأخيرة بيانات تحدثت عن اختطاف ناشطين من حماس والتحقيق معهم.
وتصاعد التوتر بعد نشر مقاطع فيديو لعناصر “القوات الشعبية” وهم يرتدون بزات عسكرية تحمل شعار “آلية مكافحة الإرهاب”، في مشهد رآه مراقبون محاولة لصناعة “جيش بديل” أو “نواة أمنية جديدة” على مقاس المصالح الإسرائيلية–الأمريكية.
اتهامات بالتخابر مع إسرائيل ونهب المساعدات
تقول حماس إن أبو شباب يعمل مع “جهات معادية”، في إشارة مباشرة إلى إسرائيل، وتتهمه بـ”التخابر لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وتنفيذ أجندات معادية داخل القطاع”، إضافة إلى نهب مساعدات الأمم المتحدة ومهاجمة مراكز الإغاثة.
ويؤكد نشطاء ومراسلون محليون أن مجموعة “القوات الشعبية” ظهرت مؤخراً قرب مراكز المساعدات الأميركية–الإسرائيلية في رفح، ما يعزز من الشكوك حول التنسيق الأمني بينها وبين الجيش الإسرائيلي الذي يسيطر فعلياً على أطراف المدينة.
إسرائيل تعترف بدعم ميليشيا ياسر أبو شاب لمواجهة حماس
في تطور لافت، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو قد اعترف خلال مؤتمر صحفي في يونيو بدعم جماعة مسلحة داخل قطاع غزة “تعارض حكم حماس”، دون تسميتها بشكل مباشر. لكن وسائل إعلام إسرائيلية، مثل “القناة 12” وصحيفة “هآرتس”، أكدت أن المقصود بها هو جماعة “القوات الشعبية” بقيادة أبو شباب.
ويُعتقد أن هذا النموذج يشبه السيناريوهات التي استخدمتها تل أبيب سابقاً في جنوب لبنان، حين دعمت جيش لحد كقوة محلية موازية لـ “حزب الله”، أو كما وصفه أحد المحللين الإسرائيليين: “تسليم رقعة خالية من حماس لميليشيا متعاونة”.
إنكار رسمي وبراءة عشائرية
من جانبه، ينكر أبو شباب أي صلة له بإسرائيل أو بالجيش الإسرائيلي، ويقول إن سلاحه “عشائري” وليس خارجاً عن القانون، وإنه ينسق فقط مع ما أسماه “الشرعية الفلسطينية”، في إشارة للسلطة الوطنية الفلسطينية. غير أن السلطة لم تُعلّق رسمياً على تلك المزاعم، بينما أصدرت قبيلة الترابين بياناً أعلنت فيه براءتها من أبو شباب، نافيةً أن يكون تصرفه ممثلاً لها أو مدعوماً من شيوخها.
هل تنجح حماس في احباط مخطط ميليشيا ياسر أبو شباب؟
يرى محللون أن تعامل حماس مع ملف أبو شباب سيكشف مدى قدرتها على استعادة السيطرة الكاملة على القطاع في وجه مشاريع التفكيك الأمني التي تُتهم إسرائيل بتغذيتها.
ويُعتقد أن استمرار ظهور مجموعات مسلحة محلية مدعومة خارجياً قد يشكّل سابقة خطيرة تهدد وحدة الجهاز الأمني في غزة وتفتح الباب لتكرار سيناريوهات الحرب الأهلية المصغرة.
وبينما يترقب الشارع الفلسطيني ما ستؤول إليه المواجهة بين “القوات الشعبية” والأجهزة الأمنية في غزة، يطرح سؤال جوهري نفسه: هل تسعى إسرائيل فعلاً لتقسيم غزة أمنياً من الداخل؟
اقرأ أيضًا: الهدنة المحتملة تفجر حكومة نتنياهو.. هل يُطيح اليمين المتطرف بفرصة وقف الحرب في غزة؟