ميليشيا إبادة جماعية تسعى إلى الشرعية.. قوات الدعم السريع السودانية تبحث عن السلام

القاهرة (خاص عن مصر)- قبل عام، بدت قوات الدعم السريع، شبه العسكرية في السودان، على استعداد لتحقيق نصر عسكري حاسم.
ففي صراعها مع القوات المسلحة السودانية منذ أبريل 2023، استولت على جزء كبير من العاصمة الخرطوم، ووسعت نفوذها عبر دارفور، قاعدتها العرقية في أقصى غرب السودان، بحسب تحليل مجلة الإيكونوميست.
ومع استمرار الصراع، توقف التقدم العسكري الواعد لقوات الدعم السريع، ورغم أنهم على وشك الاستيلاء على عاصمة دارفور، الفاشر، فإن الانتكاسات ميزت حملتهم.
فمنذ انتهاء موسم الأمطار في سبتمبر، حققت القوات المسلحة السودانية مكاسب في الخرطوم واحتلت مواقع رئيسية في الجنوب.
أدى انشقاق أحد كبار قادة قوات الدعم السريع في أواخر أكتوبر إلى هجمات انتقامية وحشية ضد المدنيين، مما أثار مخاوف من أن المجموعة تواصل التطهير العرقي للقبائل غير العربية – وهي الممارسة التي ميزت صعودها من ميليشيات الجنجويد سيئة السمعة في دارفور خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
بالنسبة لأولئك الذين يدعون إلى محادثات السلام، فإن الموقف المتطور لقوات الدعم السريع يثير أسئلة بالغة الأهمية، لقد أشارت قوات الدعم السريع إلى استعدادها للتفاوض، لكن الخبراء ما زالوا منقسمين حول ما إذا كانت هذه الخطوة حقيقية أم مجرد استراتيجية لكسب الشرعية الدولية.
اقرأ أيضا.. مصر تسعى لجذب مليار دولار شراكات بين القطاعين العام والخاص
مطالبة قوات الدعم السريع بالسلام.. حقيقية أم انتهازية؟
وصف العز الدين الصافي، وهو مسؤول كبير في قوات الدعم السريع، الصراع الدائر بأنه “الحرب النهائية” في السودان، مدعيا أنه كان مدفوعا بصراع دام قرونا من أجل السلطة والموارد.
وفقا للصافي، فإن هدف قوات الدعم السريع هو الإطاحة بمجموعة ضيقة من النخب السودانية الشمالية التي هيمنت على السودان منذ الاستقلال.
تتلخص رواية المجموعة في أنها تقاتل من أجل تهميش دارفور وغيرها من المناطق الطرفية في البلاد، ومع ذلك، فإن هذا الإطار يقوضه تكتيكات قوات الدعم السريع العنيفة، بما في ذلك العنف الجنسي على نطاق واسع وتشريد المدنيين، والتي شوهت ادعائها بأنها قوة من أجل الديمقراطية.
إن جذور قوات الدعم السريع في الجنجويد – وهي ميليشيا سيئة السمعة بارتكاب الفظائع أثناء صراع دارفور – تثير الشكوك حول تحولها إلى كيان سياسي شرعي، وعلى الرغم من اعتراف الصافي بالخطأ السابق الذي ارتكبته قوات الدعم السريع في دعم الانقلاب ضد الحكومة الانتقالية في السودان في عام 2021، إلا أنه يصر على أن معركة قوات الدعم السريع تدور الآن حول تأمين مستقبل ديمقراطي للسودان.
على الرغم من هذا، فإن سجل قوات الدعم السريع في العنف وانتهاكات حقوق الإنسان يترك الكثيرين يتساءلون عما إذا كانت ملتزمة حقا بالسلام أم أنها تسعى ببساطة إلى إضفاء الشرعية على قبضتها على السلطة.
إحجام القوات المسلحة السودانية ومسار قوات الدعم السريع إلى الأمام
في حين تسعى قوات الدعم السريع إلى وضع نفسها في موقف أكثر دبلوماسية بين الفصيلين المتحاربين، رفضت القوات المسلحة السودانية الانخراط في محادثات سلام، الأمر الذي أدى بدوره إلى تقليص الثقة على الساحة الدولية.
اغتنمت قوات الدعم السريع هذه الفرصة لتزعم أنها تتمتع بموقف أخلاقي عالٍ، وعرضت سلسلة من المقترحات للتوصل إلى تسوية تفاوضية.
وفقا للصافي، فإن قوات الدعم السريع تتصور وقف الأعمال العدائية، وإنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح يفرضها حفظة السلام الأفارقة، وحوار وطني من شأنه أن يستبعد الأحزاب الإسلامية الحاكمة السابقة من السياسة السودانية لمدة خمس سنوات على الأقل.
مسار مشكوك فيه إلى السلام
في حين أن استعداد قوات الدعم السريع للتفاوض يشكل تطوراً إيجابياً، فإن الطريق إلى السلام ما يزال محفوفاً بالعقبات.
وتشير التكتيكات العسكرية لقوات الدعم السريع، بما في ذلك الحصار المستمر للفاشر والعقبات البيروقراطية أمام تسليم المساعدات في الأراضي التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، إلى أن التزامها بالإغاثة الإنسانية ورعاية المدنيين ضئيل.
علاوة على ذلك، وعلى الرغم من التقارير المتكررة عن التطهير العرقي والعنف الجنسي من قبل جنود قوات الدعم السريع، فإن قادة المجموعة – بما في ذلك الصافي – يواصلون إنكار هذه الفظائع، مما يزيد من تآكل مصداقيتهم في نظر المدنيين السودانيين والمجتمع الدولي.
كما يشير الخبراء، فإن رغبة قوات الدعم السريع في الشرعية تتعارض مع ممارساتها العنيفة والاستبدادية. قد يتحدث قادتها عن الديمقراطية والسلام، لكن أفعالهم تحكي قصة مختلفة.
قد تحاول قوات الدعم السريع وضع نفسها كشريك للسلام، لكن أمامها طريقًا طويلًا قبل أن تتمكن من إقناع العالم – والشعب السوداني – بأنها تسعى حقًا إلى إنهاء الصراع والمسار نحو الاستقرار.