نتائج “عملية الويب” تُشعل معركة الأرقام بين كييف وموسكو.. الأضخم أم لا شيء؟

أعلنت أوكرانيا في مشهد يعكس تصعيدًا نوعيًا وغير مسبوق في مجريات الحرب الأوكرانية الروسية، تنفيذ عملية عسكرية وصفتها بـ”التاريخية”، أُطلق عليها اسم “عملية الويب”، استهدفت العمق الروسي بطائرات مسيّرة من نوع FPV.
إلا أن تضارب الأرقام بشأن نتائج العملية، بين رواية كييف وبيانات موسكو، يثير تساؤلات عدة حول مدى نجاح العملية وتأثيرها الفعلي على القوة النووية الاستراتيجية الروسية.
أين الحقيقة في نتائج “عملية الويب” ؟
فبينما تحدثت أوكرانيا عن تدمير أكثر من 40 طائرة حربية روسية، وتحييد 34% من قوة القاذفات النووية الروسية، اعترفت وزارة الدفاع الروسية بتضرر عدد من الطائرات، لكنها قللت من حجم الخسائر ووصفت الهجوم بالإرهابي.
ضربة متعددة الجبهات: كيف نُفذت العملية؟
استخدمت أوكرانيا 117 طائرة مسيرة بتكلفة منخفضة لتنفيذ أكبر عملية اختراق جوي في العمق الروسي، استهدفت فيها أربع قواعد جوية حساسة تمتد عبر ثلاث مناطق زمنية، مما يُظهر درجة عالية من التنسيق الاستخباراتي والعسكري.
الخسائر: روايات متضاربة وشكوك عسكرية
في حين تحدثت أوكرانيا عن تدمير أكثر من 40 قاذفة استراتيجية، أقرت روسيا بإصابة محدودة في بعض الطائرات، وهو ما يسلّط الضوء على معضلة التضليل الإعلامي في الحروب الحديثة.
الروايات المتضاربة حول نتائج “عملية الويب”
الرواية الأوكرانية: وفقًا لتصريحات الرئيس فولوديمير زيلينسكي وبيانات جهاز الأمن الأوكراني (SBU)، فإن عملية “شبكة العنكبوت” حققت الآتي: عدد الطائرات المسيّرة المستخدمة: 117 طائرة بدون طيار
مدة التحضير للعملية: عام و6 أشهر و9 أيام (أكثر من 18 شهرًا) .. وعدد القواعد الجوية المستهدفة: 5 قواعد رئيسية
الطائرات المستهدفة: أكثر من 40 طائرة استراتيجية مدمّرة، من بينها: قاذفات من طراز Tu-95MS .. وقاذفات من طراز Tu-22M3 .. وطائرة إنذار مبكر A-50
نسبة التدمير في قوة القاذفات الاستراتيجية الروسية: 34% من حاملات صواريخ كروز الاستراتيجية
الخسائر المالية المقدرة: 7 مليارات دولار أمريكي (تقدير من جهاز الأمن الأوكراني)
الرواية الروسية: في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية ما يلي:
عدد القواعد المستهدفة: 5 مناطق (مورمانسك – إيركوتسك – إيفانوفو – ريازان – آمور)
التقديرات الرسمية للأضرار: تدمير كلي لـ 3 قاذفات Tu-95MS .. وتدمير جزئي لـ: 5 قاذفات Tu-95MS .. و4 قاذفات Tu-22M3 .. وطائرة نقل جوي An-12 .. فيما لم تُسجل أي إصابة في قاذفات Tu-160
- الكرملين تحت الضغط
شكّلت العملية ضربة معنوية قوية لموسكو، إذ اعتُبرت تحديًا مباشرًا لقوة الردع النووية، ودفعت الرئيس بوتين لعقد اجتماع طارئ مع قياداته، بينما ينتظر العالم ردًا روسيًا قد يعيد رسم معادلات الصراع.
مسار السلام المتعثر: مفارقة التوقيت
تزامنت الضربة مع تصريحات روسية حول العودة إلى طاولة المفاوضات في إسطنبول، ما اعتُبر رسالة أوكرانية مفادها أن الميدان وليس الدبلوماسية هو من يحدد شروط التسوية.
اقرأ أيضاً.. دراسة إماراتية تحذر من “مسيرات FPV” وتتنبأ بتحولها لـ”سلاح أوكرانيا السري” ضد روسيا
“الردع النووي تحت التهديد: تحولات جديدة في قواعد الاشتباك”
عملية “شبكة العنكبوت” تمثل تطورًا لافتًا في مفهوم الحروب غير المتكافئة. فللمرة الأولى منذ بدء الغزو الروسي، تمكنت أوكرانيا من تنفيذ هجوم واسع النطاق داخل العمق الاستراتيجي الروسي باستخدام طائرات مسيّرة منخفضة التكلفة، وحققت وفقًا لروايتها خسائر نوعية في القوة الجوية النووية لموسكو.
الخطورة لا تكمن فقط في عدد الطائرات المصابة، بل في الرسالة التي تنقلها العملية: إمكانية تحييد منصات الردع النووي التقليدية خلال دقائق. وهو ما يعكس فشلًا في أنظمة الدفاع الجوي الروسية، رغم ما يُروّج له من تفوق تقني.
حتى مع تقليل الرواية الروسية من حجم الخسائر، فإن مجرد وصول المسيّرات إلى قواعد تبعد آلاف الكيلومترات عن الحدود الأوكرانية، يكشف هشاشة غير متوقعة في بنية الردع الروسي.
هذه الثغرة قد تدفع موسكو إلى مراجعة استراتيجياتها، وقد تُغري كييف بمزيد من الضربات المركزة في المستقبل.
يبقى السؤال الأهم: هل تكون هذه العملية بداية مرحلة جديدة في الحرب، حيث تتحول المسيّرات من أدوات استنزاف إلى أسلحة كسر توازن؟
وإذا صحّت تقديرات كييف، فإن معادلة الردع النووي دخلت زمنًا جديدًا قد يُغيّر مجرى الصراع الدولي في أوكرانيا.
اقرأ أيضًا: سيناريو اختراق روسيا.. المسيرات الانتحارية الأوكرانية من الإدخال إلى التفجير