نتنياهو يخطب من أسفل الأقصى ومستوطنون يقتحمون المسجد.. ماذا يحدث في القدس؟

شهدت مدينة القدس خلال الساعات الماضية سلسلة من الأحداث التي اعتبرها مراقبون بمثابة تمهيد عملي لفرض وقائع جديدة على المسجد الأقصى، وذلك تحت غطاء سياسي رسمي من حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف.
فبينما كانت جماعات المستوطنين تقتحم باحات الأقصى على شكل مجموعات، وتحاول أداء طقوس تلمودية داخل الحرم القدسي، ظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فيديو مصوَّر من داخل نفق يقع أسفل المسجد الأقصى، في مشهد يحمل دلالات خطيرة على المستوى الرمزي والسياسي.
اقتحامات متجددة لـ المسجد الأقصى
بحماية مشددة من شرطة الاحتلال، اقتحم عشرات المستوطنين صباح الثلاثاء باحات المسجد الأقصى المبارك، ونفذوا جولات استفزازية داخل ساحاته، وسط طقوس دينية علنية وممارسات يعتبرها الفلسطينيون تمهيدًا لمحاولات تهويد المسجد وتقسيمه زمانيًا ومكانيًا.
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، فقد حوّلت شرطة الاحتلال البلدة القديمة في القدس إلى ثكنة عسكرية، حيث انتشرت قواتها على مداخل الأقصى وفي أزقة المدينة المقدسة، وشددت إجراءاتها بحق المصلين الفلسطينيين، مانعة دخول العديد منهم إلى الحرم.
نتنياهو ورسائل نفق المسجد الأقصى
بالتزامن مع الاقتحامات، نشر نتنياهو فيديو من داخل نفق قال إنه يمتد من بلدة سلوان جنوب القدس حتى أسفل المسجد الأقصى، مدّعيًا أن هذا الممر التاريخي يُظهر “الرابط الأزلي بين اليهود والقدس”.
وفي مشهد رمزي بالغ الحساسية، قال نتنياهو:”أنظروا إلى هذه الأحجار، هذه أحجار الرصف التي مشى عليها أسلافنا… لا صهيونية بدون صهيون، ولا إسرائيل بدون القدس”.
خطاب نتنياهو من “أسفل الأقصى” اعتبره مراقبون رسالة مزدوجة: من جهة إصرار على المضي قدمًا في الحفريات التي تهدد بنية المسجد، ومن جهة ثانية، محاولة توظيف الدين في تعزيز رواية “السيادة الإسرائيلية” على القدس، تزامنًا مع ذكرى ما يسمى “توحيد القدس” في حرب 1967.
مسيرة الأعلام في شوارع القدس
مساء الاثنين، شهدت المدينة المحتلة ذروة التصعيد، مع تنظيم آلاف المستوطنين ما يُعرف بـ”مسيرة الأعلام”، التي جابت شوارع القدس الشرقية مرورًا بالبلدة القديمة وأبواب الأقصى.
ورافق المسيرة أداء طقوس ورقصات تلمودية، وسط ترديد شعارات عنصرية مناهضة للفلسطينيين والعرب. وشارك في المسيرة وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير، الذي اقتحم بدوره المسجد الأقصى.
وقال في فيديو نشره:”جئت إلى جبل الهيكل بمناسبة يوم القدس، صليت من أجل النصر والعودة الكاملة”.
ورافق بن غفير زوجته وعدد من وزرائه من حزب “قوة يهودية”، في تأكيد على الغطاء السياسي الرسمي لمثل هذه الانتهاكات.
هل تسعى إسرائيل لفرض أمر واقع جديد في المسجد الأقصى؟
يرى محللون أن ظهور نتنياهو في هذا التوقيت من أسفل المسجد الأقصى، وتزامنه مع اقتحامات جماعية وفعاليات استيطانية، ليس محض صدفة، بل يأتي في سياق محاولة مدروسة لفرض واقع جديد داخل الحرم الشريف.
ويؤكد خبراء أن ما يجري ليس مجرد “مناسبة دينية إسرائيلية”، بل يدخل في إطار سياسة إسرائيلية أوسع تهدف إلى تكريس السيطرة الأمنية والدينية على الحرم، تمهيدًا لتقسيمه كما حدث سابقًا في الحرم الإبراهيمي في الخليل.
وتزايدت في الآونة الأخيرة دعوات منظمات “الهيكل” المتطرفة لاقتحامات موسعة، بدعم من وزراء وأعضاء كنيست، ما يعكس تحوّل اقتحام الأقصى من ظاهرة فردية إلى سياسة ممنهجة.
صمت دولي مريب وردود فلسطينية غاضبة
رغم خطورة التصعيد، فإن الموقف الدولي حتى اللحظة لم يتجاوز حدود القلق والتنديد، بينما تواصل إسرائيل تحركاتها الميدانية في غياب ردع حقيقي.
في المقابل، عبّرت جهات فلسطينية رسمية وشعبية عن غضبها إزاء الانتهاكات، محذّرة من أن المساس بالمسجد الأقصى سيُفجّر الأوضاع في كامل المنطقة.
ودعت حركة “فتح” وفصائل فلسطينية أخرى إلى النفير العام والتصدي للمحاولات الإسرائيلية، فيما أكد الفلسطينيون في القدس تمسكهم بحقهم الديني والسيادي في الأقصى، باعتباره حقًا تاريخيًا لا مساومة عليه.
اقرا ايضا
رغم اتفاق حماس وأمريكا.. إسرائيل تستدعي مئات الآلاف من جنود الاحتياط| ماذا يحدث؟